وَ (فَعْلَتَكَ) بِالْفَتْحِ، وَقُرِئَ بِالْكَسْرِ؛ أَيِ الْمَأْلُوفَةِ مِنْكَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَتِلْكَ) : حَرْفُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ أَوَتِلْكَ.
وَ (تَمُنُّهَا) : فِي مَوْضِعِ رَفْعِ صِفَةٍ لِنِعْمَةٍ، وَحَرْفُ الْجَرِّ مَحْذُوفٌ؛ أَيْ بِهَا وَقِيلَ: حُمِلَ «عَلَىَّ» بِذِكْرٍ أَوْ بِعَبْدٍ.
وَ (أَنْ عَبَّدْتَ) : بَدَلٌ مِنْ نِعْمَةٍ. أَوْ عَلَى إِضْمَارِ هِيَ، أَوْ مِنَ الْهَاءِ فِي تَمُنُّهَا، أَوْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِتَقْدِيرِ الْبَاءِ؛ أَيْ بِأَنْ عَبَّدْتَ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (٢٣) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (٢٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ) : إِنَّمَا جَاءَ بِـ «مَا» لِأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ؛ أَيْ مَا صِفَتُهُ وَمَا أَفْعَالُهُ؟ وَلَوْ أَرَادَ الْعَيْنَ لَقَالَ: مَنْ؛ وَلِذَلِكَ أَجَابَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: «رَبُّ السَّمَاوَاتِ».
وَقِيلَ: جَهِلَ حَقِيقَةَ السُّؤَالِ، فَجَاءَ مُوسَى بِحَقِيقَةِ الْجَوَابِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ لِلْمَلَأِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (٣٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ) : حَالٌ مِنَ الْمَلَأِ؛ أَيْ كَائِنَيْنَ حَوْلَهُ.
وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: الْمَوْصُوفُ مَحْذُوفٌ؛ أَيِ الَّذِينَ حَوْلَهُ. وَهُنَا مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ ذُكِرَتْ فِي الْأَعْرَافِ، وَطَهَ.
قَالَ تَعَالَى: (فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ (٤٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ) : أَيْ نَحْلِفُ.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ (٥١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَنْ كُنَّا) : أَيْ لِأَنْ كُنَّا.
قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قَلِيلُونَ) : جَمْعٌ عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشِّرْذِمَةَ جَمَاعَةٌ.
وَ (حَذِرُونَ) : بِغَيْرِ أَلِفٍ، وَبِالْأَلِفِ لُغَتَانِ، وَقِيلَ: الْحَاذِرُ بِالْأَلْفِ: الْمُتَسَلِّحُ. وَيُقْرَأُ بِالدَّالِ، وَالْحَادِرُ: الْقَوِيُّ، وَالْمُمْتَلِئُ أَيْضًا مِنَ الْغَيْظِ أَوِ الْخَوْفِ.
قَالَ تَعَالَى: (كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَلِكَ) : أَيْ إِخْرَاجًا كَذَلِكَ.
قَالَ تَعَالَى: (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مُشْرِقِينَ) : حَالٌ. وَالْمُشْرِقُ: الَّذِي دَخَلَ عَلَيْهِ الشُّرُوقُ.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (لَمُدْرَكُونَ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، يُقَالُ: أَدْرَكَتْهُ وَادَّرَكَتْهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَزْلَفْنَا) : بِالْفَاءِ؛ أَيْ قَرَّبْنَا وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَصْحَابِ مُوسَى.
وَيُقْرَأُ شَاذًّا بِالْقَافِ؛ أَيْ صَيَّرْنَا قَوْمَ فِرْعَوْنَ إِلَى مَزْلَقَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (٧٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ قَالَ) : الْعَامِلُ فِي إِذْ «نَبَّأَ».
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالْمِيمِ؛ أَيْ يَسْمَعُونَ دُعَاءَكُمْ، فَحُذِفَ الْمُضَافُ لِدَلَالَةِ «تَدْعُونَ» عَلَيْهِ.
وَيُقْرَأُ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ؛ أَيْ يُسْمِعُونَكُمْ جَوَابَ دُعَائِكُمْ إِيَّاهُمْ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٧٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَذَلِكَ) : مَنْصُوبٌ بِـ «يَفْعَلُونَ».
قَالَ تَعَالَى: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (٧٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) : أَفْرَدَ عَلَى النَّسَبِ؛ أَيْ ذَوُو عَدَاوَةٍ؛ وَلِذَلِكَ يُقَالُ: فِي الْمُؤَنَّثِ: هِيَ عَدُوٌّ، كَمَا يُقَالُ: حَائِضٌ؛ وَقَدْ سُمِعَ: عَدُوَّةٌ.
(إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْأَعْدَادِ. وَالثَّانِي: هُوَ مِنِ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ آبَاءَهُمْ قَدْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَغَيْرَ اللَّهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِي خَلَقَنِي) :«الَّذِي» مُبْتَدَأٌ، وَ «فَهُوَ» : مُبْتَدَأٌ ثَانٍ، وَ «يَهْدِينِي» : خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ «الَّذِي».
وَأَمَّا مَا بَعْدَهَا مِنَ «الَّذِي» فَصِفَاتٌ لِلَّذِي الْأُولَى؛ وَيَجُوزُ إِدْخَالُ الْوَاوِ فِي الصِّفَاتِ. وَقِيلَ: الْمَعْطُوفُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ اسْتِغْنَاءً بِخَبَرِ الْأَوَّلِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (٨٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ) : أَيْ وَارِثًا مِنْ وَرَثَةِ... ؛ فَمِنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ (٨٧) يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ) : هُوَ بَدَلٌ مِنْ «يَوْمَ» الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ؛ أَيْ لَكِنْ مَنْ أَتَى اللَّهَ يَسْلَمُ أَوْ يَنْتَفِعُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مُتَّصِلٌ؛ وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بَدَلًا مِنَ الْمَحْذُوفِ، أَوِ اسْتِثْنَاءٌ مِنْهُ، وَالتَّقْدِيرُ: لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ أَتَى. وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَالَ إِذَا صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ وَالْبَنِينَ الصَّالِحِينَ يَنْتَفِعُ بِهِمْ مِنْ نُسِبَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى صَلَاحِهِمْ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ فَاعِلِ يَنْفَعُ، وَغَلَّبَ مَنْ يَعْقِلُ، وَيَكُونُ التَّقْدِيرُ: إِلَّا مَالُ مَنْ، أَوْ بَنُو مَنْ؛ فَإِنَّهُ يَنْفَعُ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ بِالشَّفَاعَةِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ يَنْفَعُ؛ أَيْ يَنْفَعُ ذَلِكَ إِلَّا رَجُلًا أَتَى اللَّهَ.
قَالَ تَعَالَى: (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِذْ نُسَوِّيكُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ فِيهِ: «مُبِينٌ» أَوْ فِعْلٌ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ «ضَلَالٌ» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ضَلَالٌ، لِأَنَّهُ قَدْ وُصِفَ.
قَالَ تَعَالَى: (فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَنَكُونَ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى «كَرَّةً» أَيْ لَوْ أَنَّ لَنَا أَنْ نَكِرَّ فَنَكُونَ؛ أَيْ فَأَنْ نَكُونَ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ (١١١)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاتَّبَعَكَ) : الْوَاوُ لِلْحَالِ.
وَقُرِئَ شَاذًّا: «وَأَتْبَاعُكَ» عَلَى الْجَمْعِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ مُبْتَدَأٌ، وَمَا بَعْدَهُ الْخَبَرُ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ.
وَالثَّانِي: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي «نُؤْمِنُ» وَ (الْأَرْذَلُونَ) : صِفَةٌ؛ أَيْ أَنَسْتَوِي نَحْنُ وَهُمْ؟.
قَالَ تَعَالَى: (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١١٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَتْحًا) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا مُؤَكِّدًا، وَأَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ، وَيَكُونُ الْفَتْحُ بِمَعْنَى الْمَفْتُوحِ، كَمَا قَالُوا: هَذَا مِنْ فُتُوحِ عُمَرَ.
قَالَ تَعَالَى: (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (تَعْبَثُونَ) : هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «تَبْنُونَ».
وَ (تَخْلُدُونَ) : عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ وَالتَّخْفِيفِ، وَعَلَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، وَالْمَاضِي خَلَدَ وَأَخْلَدَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (١٣٢) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (١٣٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ) : هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا، وَلَا مَوْضِعَ لَهَا مِنَ الْإِعْرَابِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ) : هَذِهِ الْجُمْلَةُ وَقَعَتْ مَوْقِعَ: أَمْ لَمْ تَعِظْ.
(إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ) : بِفَتْحِ الْخَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ؛ أَيِ افْتِرَاءُ الْأَوَّلِينَ؛ أَيْ مِثْلُ افْتِرَائِهِمْ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ النَّاسُ؛ أَيْ هَلْ نَحْنُ وَأَنْتَ إِلَّا مِثْلُ مَنْ تَقَدَّمَ فِي دَعْوَى الرِّسَالَةِ وَالتَّكْذِيبِ، وَأَنَّا نَمَوْتُ وَلَا نُعَادُ.
وَيُقْرَأُ بِضَمَّتَيْنِ؛ أَيْ عَادَةُ الْأَوَّلِينَ.
قَالَ تَعَالَى: (أَتَتْرُكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ (١٤٦) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فِي جَنَّاتٍ) : هُوَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ: «هَاهُنَا» بِإِعَادَةِ الْجَارِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَرِهِينَ) : هُوَ حَالٌ. وَيُقْرَأُ «فَارِهِينَ» بِالْأَلِفِ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (١٦٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْقَالِينَ) : أَيْ لَقَالٍ مِنَ الْقَالِينَ؛ فَـ «مِنَ» صِفَةٌ لِلْخَبَرِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ، وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْخَبَرِ الْمَحْذُوفِ؛ وَبِهَذَا تُخُلِّصُ مِنْ تَقْدِيمِ الصِّلَةِ عَلَى الْمَوْصُولِ؛ إِذْ لَوْ جَعَلْتَ «مِنَ الْقَالِينَ» الْخَبَرَ لَأَعْمَلْتَهُ فِي «لِعَمَلِكُمْ».
قَالَ تَعَالَى: (كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ (١٧٦)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ التَّاءِ مَعَ تَحْقِيقِ الْهَمْزَةِ، وَتَخْفِيفِهَا بِالْإِلْقَاءِ، وَهُوَ مِثْلُ الْأُنْثَى وَالُانْثَى.
وَقُرِئَ «لَيْكَةَ» بِيَاءٍ بَعْدَ اللَّامِ وَفَتْحِ التَّاءِ؛ وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ؛ إِذْ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ: «لَيْكَةُ» حَتَّى يُجْعَلَ عَلَمًا، فَإِنِ ادُّعِيَ قَلْبُ الْهَمْزَةِ لَامًا فَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَالْجِبِلَّةَ) : يُقْرَأُ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْبَاءِ وَضَمِّهَا مَعَ التَّشْدِيدِ، وَهُمَا لُغَتَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٩٢) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنَّهُ) : الْهَاءُ ضَمِيرُ الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ.
وَالتَّنْزِيلُ بِمَعْنَى الْمَنْزِلِ.
(نَزَلَ بِهِ) : يُقْرَأُ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ، وَهُوَ «الرُّوحُ الْأَمِينُ» وَعَلَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّشْدِيدِ.
وَيُقْرَأُ بِتَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ وَالتَّشْدِيدِ. وَ «الرُّوحَ» بِالنَّصْبِ؛ أَيْ أَنْزَلَ اللَّهُ جِبْرِيلَ بِالْقُرْآنِ. وَ «بِهِ» : حَالٌ.
قَالَ تَعَالَى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (بِلِسَانٍ) : يَجُوزُ أَنْ تَتَعَلَّقَ الْبَاءُ بِالْمُنْذِرِينَ، وَأَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ «بِهِ» أَيْ نَزَلَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ؛ أَيْ بِرِسَالَةٍ، أَوْ لُغَةٍ.
قَالَ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَوَلَمْ يَكُنْ) : يُقْرَأُ بِالتَّاءِ؛ وَفِيهَا وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هِيَ التَّامَّةُ، وَالْفَاعِلُ «آيَّةٌ» وَ «أَنْ يَعْلَمَهُ» بَدَلٌ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ أَوَلَمْ تَحْصُلْ لَهُمْ آيَةٌ. وَالثَّانِي: هِيَ نَاقِصَةٌ؛ وَفِي اسْمِهَا وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: ضَمِيرُ الْقِصَّةِ، وَ «أَنْ يَعْلَمَهُ» مُبْتَدَأٌ، وَ «آيَةً» خَبَرٌ مُقَدَّمٌ؛ وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ. وَالثَّانِي: اسْمُهَا «آيَةٌ» وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: «لَهُمْ» وَ «أَنْ يَعْلَمَهُ» بَدَلٌ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
وَالثَّانِي: «أَنْ يَعْلَمَهُ».
وَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ مَعْرِفَةً؛ لِأَنَّ تَنْكِيرَ الْمَصْدَرِ وَتَعْرِيفَهُ سَوَاءٌ، وَقَدْ تَخَصَّصَتْ «آيَةً» بِـ «لَهُمْ» وَلِأَنَّ عِلْمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مُعَيَّنٌ.
وَيُقْرَأُ بِالْيَاءِ؛ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ التَّاءِ؛ لِأَنَّ التَّأْنِيثَ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ.
وَقَدْ قُرِئَ عَلَى الْيَاءِ آيَةً بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (١٩٨)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الْأَعْجَمِينَ) : أَيِ الْأَعْجَمِيِّينَ فَحُذِفَ يَاءُ النِّسْبَةِ، كَمَا قَالُوا: الْأَشْعَرُونَ
أَيِ الْأَشْعَرِيُّونَ، وَوَاحِدُهُ أَعْجَمِيٌّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمْعَ أَعْجَمَ؛ لِأَنَّ مُؤَنَّثَهُ عَجْمَاءُ؛ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُجْمَعُ جَمْعَ التَّصْحِيحِ.
قَالَ تَعَالَى: (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (٢٠٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (سَلَكْنَاهُ) : قَدْ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي الْحِجْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ تَعَالَى: (فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٢٠٢) فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ (٢٠٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَيَأْتِيَهُمْ)، (فَيَقُولُوا) : هُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى «يَرَوْا».
قَالَ تَعَالَى: (مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا أَغْنَى عَنْهُمْ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا، فَتَكُونُ «مَا» فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ، وَأَنْ يَكُونَ نَفْيًا؛ أَيْ مَا أَغْنَى عَنْهُمْ شَيْئًا.
قَالَ تَعَالَى: (ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٠٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (ذِكْرَى) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ، وَأَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيِ الْإِنْذَارُ ذِكْرَى.
قَالَ تَعَالَى: (يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (٢٢٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يُلْقُونَ) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «تَنَزَّلُ».
قَالَ تَعَالَى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَهِيمُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ «أَنَّ» فَيَعْمَلُ فِي «فِي كُلِّ وَادٍ» وَأَنْ يَكُونَ حَالًا، فَيَكُونُ الْخَبَرُ «فِي كُلِّ وَادٍ»
. قَالَ تَعَالَى: (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَيَّ مُنْقَلَبٍ) : هُوَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، وَالْعَامِلُ «يَنْقَلِبُونَ» أَيْ يَنْقَلِبُونَ انْقِلَابًا؛ أَيَّ مُنْقَلَبٍ؛ وَلَا يَعْمَلُ فِيهِ «يُعْلَمُ» لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَا يَعْمَلُ فِيهِ مَا قَبْلَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.