آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

المسألة الثَّانِيَةُ: الْأَصَحُّ أَنَّ اللَّغْوَ كُلُّ مَا يَجِبُ أَنْ يُلْغَى وَيُتْرَكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَسَّرَ اللَّغْوَ بِكُلِّ مَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُبَاحَاتِ لَا تُعَدُّ لَغْوًا فَقَوْلُهُ: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ أَيْ بِأَهْلِ اللَّغْوِ.
المسألة الثَّالِثَةُ: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ قَوْلَهُ: مَرُّوا كِراماً مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ يُكْرِمُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مِثْلِ حَالِ اللَّغْوِ وَإِكْرَامُهُمْ لَهَا لَا يَكُونُ إِلَّا بِالْإِعْرَاضِ وَبِالْإِنْكَارِ وَبِتَرْكِ الْمُعَاوَنَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الشِّرْكُ وَاللَّغْوُ فِي الْقُرْآنِ وَشَتْمُ الرَّسُولِ، وَالْخَوْضُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ كَرِيمَةٌ إِذَا كَانَتْ تُعْرِضُ عِنْدَ الْحَلْبِ تَكَرُّمًا، كَأَنَّهَا لَا تُبَالِي بِمَا يُحْلَبُ مِنْهَا لِلْغَزَارَةِ، / فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ لِلصَّفْحِ عَنِ الذَّنْبِ، وَقَالَ اللَّيْثُ يُقَالُ تَكَرَّمَ فُلَانٌ عَمَّا يَشِينُهُ إِذَا تَنَزَّهَ وَأَكْرَمَ نَفْسَهُ عَنْهُ «١» وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ: وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ [الْقَصَصِ: ٥٥] وَعَنِ الْحَسَنِ لَمْ تُسَفِّهْهُمُ الْمَعَاصِي وَقِيلَ إِذَا سَمِعُوا مِنَ الْكُفَّارِ الشَّتْمَ وَالْأَذَى أَعْرَضُوا، وَقِيلَ إِذَا ذُكِرَ النِّكَاحُ كَنَّوْا عَنْهُ.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٧٣]
وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً (٧٣)
الصفة الثامنة قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» قَوْلُهُ: لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً لَيْسَ بِنَفْيٍ لِلْخُرُورِ، وَإِنَّمَا هُوَ إِثْبَاتٌ لَهُ وَنَفْيٌ لِلصَّمَمِ وَالْعَمَى كَمَا يُقَالُ لَا يَلْقَانِي زَيْدٌ مُسْلِمًا، هُوَ نَفْيٌ لِلسَّلَامِ لَا لِلِّقَاءِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا أَكَبُّوا عَلَيْهَا حِرْصًا عَلَى اسْتِمَاعِهَا، وَأَقْبَلُوا عَلَى الْمُذَكِّرِ بِهَا، وَهُمْ فِي إِكْبَابِهِمْ عَلَيْهَا سَامِعُونَ بِآذَانٍ وَاعِيَةٍ، مُبْصِرُونَ بِعُيُونٍ رَاعِيَةٍ، لَا كَالَّذِينِ يُذَكِّرُونَ بِهَا فَتَرَاهُمْ مُكِبِّينَ عَلَيْهَا مُقْبِلِينَ عَلَى مَنْ يُذَكِّرُ بِهَا مُظْهِرِينَ الْحِرْصَ الشَّدِيدَ عَلَى اسْتِمَاعِهَا وَهُمْ كَالصُّمِّ وَالْعُمْيَانِ حَيْثُ لَا (يَفْهَمُونَهَا ولا يبصرون) «٢» ما فيها كالمنافقين.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٧٤]
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً (٧٤)
الصفة التاسعة وَفِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ كثير وابن عامر وحفص عن عاصم ذُرِّيَّاتِنا بِأَلِفِ الْجَمْعِ وَحَذَفَهَا الْبَاقُونَ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالذُّرِّيَّةُ تَكُونُ وَاحِدًا وَجَمْعًا.
المسألة الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ قُرَّةَ أَعْيُنٍ لَهُمْ فِي الدِّينِ لَا فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ مِنَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ ثُمَّ ذَكَرُوا فِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً فِي الدُّنْيَا يُشَارِكُونَهُمْ فَأَحَبُّوا أَنْ يَكُونُوا مَعَهُمْ فِي التَّمَسُّكِ بِطَاعَةِ اللَّه فَيَقْوَى طَمَعُهُمْ فِي أَنْ يَحْصُلُوا مَعَهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَيَتَكَامَلُ سُرُورُهُمْ فِي الدُّنْيَا بهذا الطمع وفي

(١) في الأصل عنها، ولعل الصواب ما أثبته لأن الضمير راجع إلى (ما يشينه) وهو واقع مذكر.
(٢) في الكشاف يعونها ولا يتبصرون ٣/ ١٠٢ ط. دار الفكر. [.....]

صفحة رقم 486
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية