آيات من القرآن الكريم

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ۩
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕ ﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳ ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ

والمحبة والطلب والحلم والكرم وبها يجذب الى الدرجات العلية وكان ربك قديرا على جعل الفريقين من اهل الطريقين انتهى: قال المولى الجامى قدس سره

قرب تو بأسباب وعلل نتوان يافت به سابقه فضل ازل نتوان يافت
والله المرجو فى كل مسئول وَيَعْبُدُونَ اى المشركون حال كونهم مِنْ دُونِ اللَّهِ متجاوزين عبادة الله تعالى ما لا يَنْفَعُهُمْ ان عبدوه مفعول يعبدون. والنفع ما يستعان به فى الوصول الى الخيرات وما يتوصل به الى الخير فهو خير والنفع الخير وضده الضر وَلا يَضُرُّهُمْ ان لم يعبدوه وما ليس من شأنه النفع والضر أصلا وهو الأصنام وما فى حكمها من المخلوقات إذ ما من مخلوق يستقل بالنفع والضر فلا فائدة فى عبادته والاعتماد عليه واتباعه وَكانَ الْكافِرُ بشركه وعداوته للحق عَلى رَبِّهِ الذي رباه بنعمته متعلق بقوله ظَهِيراً عونا للشيطان فالظهير بمعنى المظاهر اى المعين والمراد بالكافر الجنس او ابو جهل فانه أعان الشيطان على الرحمن فى اظهار المعاصي والإصرار على عداوة الرسول وتشجيع الناس على محاربته ونحوها وَما أَرْسَلْناكَ فى حال من الأحوال إِلَّا حال كونك مُبَشِّراً للمؤمنين بالجنة والرحمة. والتبشير اخبار فيه سرور وَنَذِيراً منذرا للكافرين بالنار والغضب. والانذار اخبار فيه تخويف قُلْ لهم ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ اى على تبليغ الرسالة التي ينبئ عنها الإرسال مِنْ أَجْرٍ من جهتكم فتقولوا انه يطلب أموالنا بما يدعونا اليه فلا نتبعه. والاجر ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان او أخرويا إِلَّا مَنْ شاءَ الا من فعل من يريد أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلًا ان يتقرب اليه ويطلب الزلفى عنده بالايمان والطاعة حسبما أدعوكم اليه. يعنى ان أعطيتم إياي اجرا فاعطونى ذلك الفعل فانى لا اسأل غيره: وبالفارسية [مزد من ايمان وطاعت مؤمنانست زيرا كه مرا من عند الله اجرى مقرر است وثابت شده كه هر پيغمبرى را برا بر عباد وصلحاى امت او ثواب خواهد بود] والظاهر ان الاستثناء منقطع. والمعنى لا اطلب من أموالكم جعلا لنفسى لكن من شاء إنفاقه لوجه الله فليفعل فانى لا امنعه عنه وفى التأويلات النجمية (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ) بما يتوسل به الى من خدمة او انفاق او تعظيم (إِلى رَبِّهِ) قربة ومنزلة ولهذا قال المشايخ يصل المريد بالطاعة الى الجنة وبالتعظيم وإجلال الشيوخ الى الله تعالى وفى الفتوحات المكية مذهبنا ان للواعظ أخذ الاجرة على وعظ الناس وهو من أحل ما يأكل وان كان ترك ذلك أفضل وإيضاح ذلك ان مقام الدعوة الى الله يقتضى الاجارة فان ما من نبى دعا الى الله الا قال ان اجرى الا على الله فاثبت الاجر على الدعاء ولكن اختار ان يأخذه من الله لا من المخلوق انتهى وافتى المتأخرون بصحة الاجرة للاذان والاقامة والتذكير والتدريس والحج والغزو وتعليم القرآن والفقه وقراءتهما لفتور الرغبات اليوم ولو كانت الاجرة على امر واجب كما إذا كان المعلم والامام والمفتى واحدا فانها لم تصح اجماعا كما فى الكرماني وغيره وكذا إذا كان الغسال فى القرية واحدا فانه يتعين له غسل الميت ولا يجوز له طلب الاجرة وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ فى الاستكفاء عن شرورهم والإغناء عن أجورهم فانه

صفحة رقم 233

وبيان ان المراد من الاستواء المذكور فى الحقيقة تعيين مرتبة الرحمانية فَسْئَلْ بِهِ متعلق بما بعده وهو خَبِيراً كما فى قوله (إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ونظائره اى فاسأل خبيرا بما ذكر من الخلق والاستواء يعنى الذي خلق واستوى لانه هو الخبير بأفعاله وصفاته كما قال (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) وقال (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ) ومن جعل قوله (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) عطفا على الا الله يكون الخبير المسئول منه هو الراسخون فى العلم وقد مر تحقيق الآية فى سورة الأعراف وسورة يونس وسورة طه فارجع وفى الفتوحات المكية لما كان الحق تعالى هو السلطان الأعظم ولا بد للسلطان من مكان يكون فيه حتى يقصد بالحاجات مع انه تعالى لا يقبل المكان اقتضت المرتبة ان يخلق عرشا ثم ذكر انه استوى عليه حتى يقصد بالدعاء وطلب الحوائج منه كل ذلك رحمة للعباد وتنزلا لعقولهم ولولا ذلك لبقى العبد حائرا لا يدرى اين يتوجه بقلبه وقد خلق الله تعالى القلب ذا جهة فلا يقبل الا ما كان له جهة وقد نسب الحق تعالى لنفسه الفوقية من سماء وعرش واحاطة بالجهات كلها بقوله (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) وبقوله (ينزل ربنا الى سماء الدنيا) وبقوله عليه السلام (ان الله فى قبلة أحدكم) وحاصله ان الله تعالى خلق الأمور كلها للمراتب لا للاعيان انتهى وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اى لهؤلاء المشركين اسْجُدُوا صلوا وعبر عن الصلاة بالسجدة لانها من أعظم أركانها لِلرَّحْمنِ الذي برحمته أوجد الموجودات قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ اى أي شىء هو او من هو لان وضع ما أعم وهو سؤال عن المسمى بهذا الاسم لانهم ما كانوا يطلقونه على الله ولا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم وان كان مذكورا فى الكتب الاولى انه من اسماء الله تعالى أو لأنهم كانوا يعرفون كونه تعالى مسمى بهذا الاسم الا انهم يزعمون انه قد يراد به غيره وهو مسيلمة الكذاب باليمامة فانه يقال رحمن اليمامة وكان المشركون يكذبونه ولذلك غالطوا بذلك وقالوا ان محمدا يأمرنا بعبادة رحمن اليمامة ونظيره ان المنافقين صدرت منهم كلمات وحركات فى حق النبي عليه السلام بالاستهزاء والاستسخار فقال تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ) فغالطوا فى الجواب عن ذلك بهاتين اللفظتين الموهمتين صدق ما كانوا فيه حتى كذبهم الله تعالى بقوله (قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ) والمغالطة هو ان المنشئ او المتكلم يدل على معنى له مثل او نقيض فى شىء ويكون المثل او النقيض احسن موقعا لارادته الإبهام به كذا فى العقد الفريد للعلامة ابن طلحة أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا بسجوده من غير ان نعرف ان المسجود له ماذا وهو استفهام انكار اى لا نسجد للرحمن الذي تأمرنا بسجودنا له وَزادَهُمْ اى الأمر بالسجود للرحمن نُفُوراً عن الايمان. والنفور الانزعاج عن الشيء والتباعد وهو نظير قوله (فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً) فمن جهل وجود الرحمن او علم وجوده وفعل فعلا او قال قولا لا يصدر الا من كافر فكافر بالاتفاق كما فى فتح الرحمن وذلك كما إذا سجد للصنم او القى المصحف فى المزابل او تكلم بالكفر يكفر بلا خلاف لكونه علامة التكذيب وكان سفيان الثوري رحمه الله إذا قرأ هذه الآية رفع رأسه الى السماء وقال الهى زادنى خضوعا مازاد أعداءك نفورا وقال رجل لرسول الله

صفحة رقم 235
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية