آيات من القرآن الكريم

قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐ

قوله تعالى: ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ قال ابن عباس: غدوةً وعشيًا (١). وقال مقاتل: يقولون: هؤلاء النفر الثلاثة يعلمون محمدًا طرفي النهار بالغدوة والعشي (٢).
٦ - قال الله تعالى: ﴿قُلْ﴾ لهم يا محمد (٣) ﴿أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ أنزل القرآن الذي لا يخفى عليه شيء. قال مقاتل: وذلك (٤) أنهم قالوا بمكة سرًّا هل هذا إلا بشر مثلكم ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ [الأنبياء ٣] (٥)، كما أخبر الله عنهم في سورة: الأنبياء ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ الآية، فأنزل الله في هذه السورة: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ قال ابن عباس: لأوليائه رحيمًا بهم (٦). وقال مقاتل: ﴿غَفُورًا﴾ في تأخير العذاب عنهم ﴿رَحِيمًا﴾ لا يعجل عليهم بالعقوبة (٧).
قال أهل المعاني في قوله: ﴿قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ﴾ أنزله على ما يقتضيه العلم بباطن الأمور لا على ما تقتضيه أهواء النفوس (٨).
٧ - قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا﴾ يعني: المشركين (٩) {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ

(١) لم أجده إلا في "تنوير المقباس" ص٣٠٠.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ أ. وهو قول ابن جرير ١٨/ ١٨٣.
(٣) "تفسير السمرقندي" ٢/ ٤٥٣.
(٤) وذلك. من "تفسير مقاتل" ص ٤٣ أ.
(٥) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ أ.
(٦) ذكره القرطبي ١٣/ ٤، ولم ينسبه.
(٧) "تفسير مقاتل" ص ٤٣ أ.
(٨) "تفسير الطوسي" ٧/ ٤٧٣، بنصه، ولم ينسبه.
(٩) "تفسير الطبري " ١٨/ ١٨٤.

صفحة رقم 410

يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} قال أبو إسحاق: أي شيء لهذا الرسول في حال أكله الطعام ومشيه في الأسواق، التمَسوا أن يكون الرسول على غير بِنْية الآدميين، والواجب أن يكون الرسول إلى الآدميين آدميًا ليكون أقرب إلى الفهم عنه (١).
والمعنى: أنهم أنكروا أن يكون الرسول بشرًا يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق لطلب المعيشة، وهذا هو الصحيح؛ ألا ترى أنهم قالوا ﴿أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ﴾ أي: ليستغني عن طلب المعاش. وعبر بعض البلغاء عن معنى هذه الآية فقال: يعنون أنه ليس بملَك ولا ملِك؛ وذلك أن الملائكة لا يشربون ولا يأكلون، والملوك لا يتسوقون ولا يتبذَّلون (٢) فعجبوا أن يكون مثلَهم في الحال يمتاز من بينهم بعلو المحل والجلال، و ﴿اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ﴾ [الأنعام: ١٢٤].
قوله تعالى: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا﴾ قال محمد بن إسحاق: إنهم قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم-: سل ربك أن يبعث معك ملَكًا يصدقك بما تقول ويجعل لك جنانًا وقصورًا وكنوزًا من ذهب وفضة يغنيك بها عمّا نراك تبتغي، فإنك تقوم في الأسواق، وتبتغي المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولاً كما تزعم (٣).
وقال أبو إسحاق: طلبوا أن يكون في النبوة شركة وأن يكون الشريك ملَكًا، والله -عز وجل- يقول: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا﴾ [الأنعام: ٩] أي:

(١) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٨، بنصه.
(٢) رجل متبَذِّل: إذا كان يلي العمل بنفسه. "تهذيب اللغة" ١٤/ ٤٣٤ (بذل).
(٣) أخرجه ابن جرير ١٨/ ١٨٣، بسنده إلى ابن عباس من طريق محمد بن إسحاق مطوّلاً.

صفحة رقم 411
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية