آيات من القرآن الكريم

۞ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا
ﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩ ﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ

بالله تعالى بان يقولوا مطرنا بنوء كذا اى بسقوط كوكب كذا كما يقول المنجمون فجعلهم الله بذلك كافرين حيث لم يذكروا صنع الله تعالى ورحمته بل اسندوا مثل هذه النعمة الى الافلاك والكواكب فمن لا يرى الأمطار الا من الأنواء فهو كافر بالله بخلاف من يرى ان الكل بخلق الله تعالى والأنواء امارات بجعل الله تعالى والأنواء النجوم التي يسقط واحد منها فى جانب المغرب وقت طلوع الفجر ويطلع رقيبه فى جانب المشرق من ساعته والعرب كانت تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد الى الساقط منها وقيل الى الطالع منها لانه فى سلطانه يقال ناء به الحمل أثقله وأماله فالنوء نجم مال للغروب ويقال لمن طلب حاجة فلم ينجح اخطأ نوءك وفى الحديث (ثلاث من امر الجاهلية الطعن فى الأنساب والنياحة والأنواء) وعن زيد بن خالد الجهني رضى الله عنه قال صلى النبي ﷺ صلاة الصبح بالحديبية فى اثر سماء كانت من الليل فلما انصرف اقبل على الناس فقال (هل تدرون ماذا قال ربكم) قالوا الله ورسوله اعلم قال (قال أصبح عبادى مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب واما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب) كذا فى كشف الاسرار. فعلى المؤمن ان يحترز من سوء الاعتقاد ويرى التأثير فى كل شىء من رب العباد فالمطر بامره نازل وفى انزاله الى بلد دون بلد وفى وقت دون وقت وعلى صفة دون صفة حكمة ومصلحة وغاية جليلة- روى- ان الملائكة يعرفون عدد القطر ومقداره فى كل عام لانه لا يختلف ولكن تختلف فيه البلاد- روى- مرفوعا (ما من ساعة من ليل ولا نهار الا السماء المطر فيها يصرفه الله حيث يشاء) وفى الحديث (ما من سنة بامطر من اخرى ولكن إذا عمل قوم بالمعاصي حوّل الله ذلك الى غيرهم فاذا عصوا جميعا صرف الله ذلك الى الفيافي والبحار) وفى المثنوى

تو بزن يا ربنا آب طهور تا شود اين نار عالم جمله نور «١»
آب دريا جمله در فرمان تست آب وآتش اى خداوند ان تست
كر تو خواهى آتش آب خوش شود ور نخواهى آب آتش هم شود
اين طلب از ما هم از إيجاد تست رستن از بيداد يا رب دادتست
بى طلب تو اين طلب مان داده كنج احسان بر همه بگشاده
وَلَوْ شِئْنا أردنا لَبَعَثْنا [برانگيختيم وفرستاديم] قال الراغب البعث إثارة الشيء وتوجيهه فِي كُلِّ قَرْيَةٍ مصر ومدينة وبالفارسية: [در هر ديهى ومجتمعى] فان القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس نَذِيراً بمعنى المنذر والانذار اخبار فيه تخويف اى نبيا ينذر أهلها فيخفف عليك أعباء النبوة ولكن بعثناك الى القرى كلها رسولا وقصرنا الأمر عليك إجلالا لشأنك وإعظاما لاجرك وتفضيلا لك على سائر الرسل: وبالفارسية [اما بجهت تعظيم وعلو مكان تو نبوت را بر تو ختم كرديم وترا بر كافه مردمان تا بروز قيامت مبعوث ساختيم] قال فى التأويلات النجمية يشير الى كمال القدرة والحكمة وعزة النبي عليه السلام وتأديب الخواص. اما القدرة فاظهر انه قادر على ما يشاء وليس الأمر كما زعم الفلاسفة
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان پرسيدن شير سيب واپسى كشيدن پاى خركوش إلخ

صفحة رقم 226

وقطع التعلقات جهادا كبيرا لا تواسيهم بالرخص وتعاندهم بالعزائم قائما بحق الله من غير جنوح الى غيره او مبالاة بما سواه: وفى المثنوى

اى شهان كشتيم ما خصم برون ماند خصمى زان بتر در اندرون «١»
كشتن اين كار عقل وهوش نيست شير باطن سخره خركوش نيست
دوزخست اين نفس ودوزخ اژدهاست كو بدرياها نكردد كم وكاست
هفت دريا را در آشامد هنوز كم نكردد سوزش آن خلق سوز
قوت از حق خواهم وتوفيق ولاف تا بسوزن بر كنم اين كوه قاف
سهل شيرى دانكه صفها بشكند شير آنست آنكه خود را بشكند
اللهم سلمنا من آفات العدو مطلقا وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ من مرج الدابة خلاها وأرسلها ترعى ومرج أمرهم اختلط والبحر الماء الكثير عذبا كان او ملحا عند الأكثر وأصله المكان الواسع الجامع للماء الكثير كما فى المفردات. والمعنى خلاهما وأرسلهما فى مجاريهما كما يرسل الخيل فى المرج متلاصقين بحيث لا يتمازجان ولا يلتبس أحدهما بالآخر ويدل على بعد كل منهما عن الآخر مع شدة التقارب بينهما الاشارة الى كل منهما بأداة القرب كما يجيئ ويجوز ان يكون محمولا على المقيد وهو قوله تعالى (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) هذا عَذْبٌ حال بتقدير القول اى مقولا فى حقهما هذا عذب اى طيب: وبالفارسية [اين يك اب شيرين] فُراتٌ قاطع للعطش لغاية عذوبته صفة عذب والتاء اصلية قال الطيبي سمى بالفرات لأنه يرفت العطش اى يكسره على القلب يعنى يكفى فى اعتبار معنى الكسر اشتقاق الفرات منه بالاشتقاق الكبير كجبذ من الجذب ومنه سمى الفرات نهر الكوفة وهو نهر عظيم عذب طيب مخرجه من ارمينية وفى الملكوت أصله فى قرية من قرى جابلقا ينحدر الى الكوفة وآخر مصبه بعضا فى دجلة وبعضا فى بحر فارس وَهذا مِلْحٌ [وان ديكر شور] قال الراغب الملح الماء الذي تغير طعمه التغير المعروف وتجمد ويقال له ملح إذا تغير طعمه وان لم يتجمد فيقال ماء ملح وقلما تقول العرب ماء مالح أُجاجٌ بليغ الملوحة صفة الملح قالوا ان الله تعالى خلق ماء البحر مرّا زعاقا اى مرّا غليظا بحيث لا يطاق شربه انزل من السماء ماء عذبا فكل ماء عذب من بئر او نهر او عين فمن ذلك المنزل من السماء وإذا اقتربت الساعة بعث الله ملكا معه طست لا يعلم عظمه الا الله فجمع تلك المياه فردها الى الجنة. واختلفوا فى ملوحة ماء البحر فزعم قوم انه لما طال مكثه وأحرقته الشمس صار مرا ملحا واجتذب الهواء ما لطف من اجزائه فهو بقية صفته الأرض من الرطوبة فغلظ لذلك. وزعم آخرون ان فى البحر عروقا تغير ماء البحر ولذلك صار مرا زعاقا وَجَعَلَ بَيْنَهُما اى بين البحرين: وبالفارسية [وبساخت ميان اين دو دريا] بَرْزَخاً حدا وحاجزا من قدرته غير مرئى وَحِجْراً مَحْجُوراً الحجر بمعنى المنع والمحجور الممنوع وهو صفة الحجر على التأكيد كليل أليل ويوم ايوم وهذه كلمة استعاذة كما سبق فى هذه السورة. والمعنى هاهنا على التشبيه اى تنافرا بليغا كأن كلا منهما يتعوذ من الآخر بتلك المقالة ويقول حراما محرما عليك ان تغلب
(١) در اواسط دفتر يكم در بيان تفسير رجعنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر

صفحة رقم 228

علىّ وتزيل صفتى وكيفيتى اعلم ان اكثر اهل التفسير حمل البحرين على بحرى فارس والروم فانهما يلتقيان فى البحر المحيط وموضع التقائهما هو مجمع البحرين المذكور فى الكهف ولكن يلزم على هذا ان يكون البحر الاول عذبا والثاني ملحا مع انهم قالوا لا وجود للبحر العذب وذلك لانهما فى الأصل خليجان من المحيط وهو مرّ وان كان أصله عذبا كما قال فى فتح القريب عند قوله تعالى (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) اى العذب فحين خلق الله الأرض من زبده جزر المحيط عن الأرض فاحاط بالعالم احاطة العين لسوادها فالوجه ان يحمل العذب على واحد من الأنهار فان كل نهر عظيم بحر كما فى مختار الصحاح كدجلة نهر بغداد تنصب الى بحر فارس وتدخل فيه وتشقه وتجرى فى خلاله فراسخ لا يتغير طعمها كما ان الماء الذي يجرى فى نهر طبرية نصفه بارد ونصفه حار فلا يختلط أحدهما بالآخر والاوجه ان يمثل بالنيل المبارك والبحر الأخضر وهو بحر فارس الذي هو شعبة من البحر الهندي الذي يتصل بالبحر المحيط وبحر فارس مرّ فانه صرح فى خريدة العجائب انه يتكون فيه اللؤلؤ وانما يتكون فى الملح وذلك ان بحر النيل يدخل فى البحر الأخضر قبل ان يصل الى بحيرة الزنج ويختلط به وهو معنى المرج ولولا اختلاطه بملوحته لما قدر أحد على شربه لشدة حلاوته كما فى انسان العيون وذكر بعضهم ان سيحون وجيحون والنيل والفرات تخرج من قبة من زبرجدة خضراء من جبل عال وتسلك على البحر المظلم وهى احلى من العسل واذكى رائحة من المسك ولكنها تتغير المجاري فالبحر الملح على هذا هو بحر الظلمة وهو البحر المحيط الغربي ويسمى المظلم لكثرة أهواله وارتفاع أمواجه وصعوبته ولا يعلم ما خلفه الا الله تعالى وما قيل ان الماء العذب والماء الملح يجتمعان فى البحر فيكون العذب أسفل والملح أعلى لا يغلب أحدهما على الآخر وهو معنى قوله وحجرا محجورا يخالف ما قال بعضهم ان كل الأنهار تبتدئ من الجبال وتنصب فى البحار وفى ضمن ممرها بطائح وبحيرات فاذا صبت فى البحر المالح وأشرقت الشمس على البحر تصعد الى الجو بخارا وتنعقد غيوما اى ولذا لا يزيد ماء البحار بانصباب الأنهار فيها فهو يقتضى ان يكون الماء العذب أعلى لا أسفل إذ العذب خفيف والملح ثقيل وميل الخفيف الى الأعلى وقال وهب ان الحوت والثور يبتلعان ما ينصب من مياه الأرض فى البحار فلذا لا يزيد ماء البحار فاذا امتلأت أجوافهما من المياه قامت القيامة ولا نهاية لقدرة الله تعالى فقد ذكروا ان بحيرة تنيس تصير عذبة ستة أشهر وتصير ملحا أجاجا ستة أشهر كذا دأبها ابدا قال الكاشفى [محققان برآنند كه بحرين خوف ورجاست كه در دل مؤمن هيچ يك بر ديكرى غلبه نكند كه «لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا» وبرزخ حمايت الهى وعنايت نامتناهى] وفى كشف الاسرار البحر الملح لا عذوبة فيه والعذب لا ملوحة فيه وهما فى الجوهرية واحد ولكنه سبحانه بقدرته غاير بينهما فى الصفة كذلك خلق القلوب بعضها معدن اليقين والعرفان وبعضها محل الشك والكفران وقال بعضهم البحران بحر المعرفة وبحر النكرة فالاول بحر الصفات يفيض لطائفه على الأرواح والقلوب والعقول ويستعد به والعارفون والثاني بحر الذات فانه ملح أجاج لا تتناوله العقول والقلوب والأرواح إذ لا تسير السيارات فى بحار

صفحة رقم 229
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية