وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ: «الْحَقُّ» وَ «لِلرَّحْمَنِ» تَبْيِينٌ، أَوْ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِ الْحَقِّ؛ أَيْ يَثْبُتُ لِلرَّحْمَنِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ «يَوْمَئِذٍ» وَالْحَقُّ نَعْتٌ لِلرَّحْمَنِ.
قَالَ تَعَالَى ﴿وَيَوْم يعَض الظَّالِم على يَدَيْهِ يَقُول يَا لَيْتَني اتَّخذت مَعَ الرَّسُول سَبِيلا﴾
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي) : الْجُمْلَةُ حَالٌ.
وَفِي «يَا» هَاهُنَا وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (يَالَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ) [النِّسَاءِ: ٧٣].
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَهْجُورًا) : هُوَ مَفْعُولٌ ثَانٍ لَاتَّخَذُوا؛ أَيْ صَيَّرُوا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا بِإِعْرَاضِهِمْ عَنْهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جُمْلَةً) : هُوَ حَالٌ مِنَ الْقُرْآنِ؛ أَيْ مُجْتَمِعًا.
(كَذَلِكَ) : أَيْ أُنْزِلَ كَذَلِكَ؛ فَالْكَافُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ، أَوْ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ. وَاللَّامُ فِي «لِنُثَبِّثَ» يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ) : أَيْ بِالْمَثَلِ الْحَقِّ، أَوْ بِمَثَلٍ أَحْسَنَ تَفْسِيرًا مِنْ تَفْسِيرِ مَثَلِهِمْ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا (٣٤)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: هُمُ الَّذِينَ، أَوْ أَعْنِي الَّذِينَ.
وَ (أُولَئِكَ) : مُسْتَأْنِفٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «الَّذِينَ» مُبْتَدَأٌ، وَ «أُولَئِكَ» خَبَرُهُ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا (٣٥)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هَارُونَ) : هُوَ بَدَلٌ.
قَالَ تَعَالَى: (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (٣٦) وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (٣٧) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (٣٨) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (٣٩)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَدَمَّرْنَاهُمْ) : يُقْرَأُ: «فَدَمَّرْنَاهُمْ» وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اذْهَبَا، وَالْقِرَاءَةُ الْمَشْهُورَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى فِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ: فَذَهَبَا فَأَنْذَرَا فَكَذَّبُوهُمَا فَدَمَّرْنَاهُمْ.
(وَقَوْمَ نُوحٍ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ أَيْ وَدَمَّرْنَا قَوْمَ نُوحٍ.
وَ (أَغْرَقْنَاهُمْ) : تَبْيِينٌ لِلتَّدْمِيرِ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَأَغْرَقْنَا قَوْمَ نُوحٍ.
(وَعَادًا) : أَيْ وَدَمَّرْنَا، أَوْ أَهْلَكْنَا عَادًا.
(وَكُلًّا) : مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَذَكَرْنَا كُلًّا؛ لِأَنَّ «ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ» فِي مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا (كُلًّا) الثَّانِيَةُ فَمَنْصُوبَةٌ بِـ (تَبَّرْنَا) لَا غَيْرَ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ نُشُورًا (٤٠)).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَطَرَ السَّوْءِ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا بِهِ ثَانِيًا؛ وَالْأَصْلُ أُمْطِرَتِ الْقَرْيَةُ مَطَرًا؛ أَيْ أَوْلَيْتُهَا أَوْ أَعْطَيْتُهَا.