آيات من القرآن الكريم

وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ

يكتب، ويقرأ، وأُنزل القرآن متفرقًا؛ لأنه أنزل على نبي أمي لا يكتب، ولا يقرأ، ولأن منه: الناسخ والمنسوخ، ومنه: ما هو جواب عن أمور سألوه عنها؛ فلذلك أُنزل متفرقًا (١).
٣٣ - قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ﴾ يعني: المشركين (٢) ﴿بِمَثَلٍ﴾ (٣) يضربونه لك في إبطال أمرك، ومخاصمتك، كما قالوا: ﴿لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً﴾ ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ﴾ بالذي هو الحق لترد به خصومتهم، وتبطل به كيدهم، وما جاؤا به من المثل (٤).

= وذكره عنه ابن كثير ٦/ ١١٠. وأخرج عبد الرزاق ٢/ ٦٩، وابن جرير ١٩/ ١١، وابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩٠، عن الحسن، أن بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة. وبه قال الفراء، ٢/ ٢٦٧، والزجاج ٤/ ٦٦. واقتصر عليه ابن جزي ٤٨٤. وقال ابن جريج: اثنتين وعشرين، أو ثلاث وعشرين. أخرجه عنه ابن جرير ١٩/ ١١. وممن قال بثلاث وعشرين سنة، ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ٢٣٢. والهواري ٣/ ٢٠٩. وابن كثير ٦/ ١٠٩. والشنقيطي ٣/ ٥٧٦.
(١) ذكر هذا التعليل الطوسي ٧/ ٤٨٨، ولم ينسبه، وكذا البغوي ٦/ ٨٣. وفي هذه الآية بيان لحكمة إنزال القرآن مفرقاً، إذ لو نزل جملة لسبق الحوادث التي كانت ينزل فيها القرآن، ولو نزل جملة بما فيه من الفرائض لثقل ذلك عليهم.
وقد ذكر ابن قتيبة هذه الحكم في كتابه: "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٣٢. والنحاس، "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ١٥٩. والرازي ٢٤/ ٧٩، حيث ذكر ثمانية أوجه. لكن يبقى القول بأن حكمة التفريق حتى يعيه النبي -صلى الله عليه وسلم- ويحفظه بعيد؛ لأنه لا يدل عليه لفظ الآية، ولأن الله تعالى قد تكفل له بحفظه ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ [الأعلى ٦ - ٧]. والله أعلم. والقول بالتفريق بين الكتب السابقة في كيفية نزولها لأجل اختلاف أحوال الأنبياء في القراءة والكتابة سبقت الإجابة عنه.
(٢) "تفسير الهوَّاري" ٣/ ٢٠٩. وابن برير ١٩/ ١١
(٣) تنكير مثل، في سياق النفي، يدل على التعميم. "تفسير ابن عاشور" ١٩/ ٢١.
(٤) قال البغوي ٦/ ٨٣: فسمى ما يوردون من الشبه مثلاً، وسمى ما يدفع به الشبه =

صفحة رقم 494

﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ أي: من مَثَلهم (١). قال الزجاج: وحذفت من؛ لأن في الكلام دليلًا عليه، لو قلت: رأيتُ زيدًا وعمْرًا، فكان عمْرٌو (٢) أحسن وجهًا. كان في الكلام دليل على أنك تريد: مِنْ زيد (٣). وهذا الذي ذكرنا معني قول مقاتل، في هذه الآية (٤)
وذكر عطاء والكلبي، بيان ما يأتون به، وما يجيء الله به مما هو الحق؛ فقالا: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ﴾ كما أتوا به في صفة عيسى فقالوا: إنه خُلِق من غير أب (٥) ﴿إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ﴾ هو أي: بما فيه نقض لحجتهم؛ وهو: آدم، خُلِق من غير أب، ولا أم. وهذا معنى قوله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ﴾ الآية (٦) [آل عمران: ٥٩].
وأما معنى التفسير، فهو: تفعيل، من: الفسر. قال ابن الأعرابي: الفَسْرُ: كشفُ ما غطي (٧). وقال الليث: الفسر: التفسير، وهو البيان،

= حقًا. قال السعدي ٥/ ٤٧٨: وفي هذه الآية دليل على أنه ينبغي للمتكلم في العلم، من محدث، ومعلم، وواعظ، أن يقتدي بربه، في تدبيره حال رسوله، كذلك العالم يدبر أمر الخلق، وكلما حدث موجب، أو حصل موسم، أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والمواعظ الموافقة لذلك.
(١) قال الهواري ٣/ ٢٠٩: وقال بعضهم: أحسن تفضيلاً.
(٢) (فكان عمرو) ساقطة من (ج).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج٤/ ٦٧.
(٤) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ.
(٥) ذكر هذا القول القرطبي ١٣/ ٣٠ ولم ينسبه. وذكر عن الكلبي أنه قال ﴿وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ أي: تفصيلاً، ومثل ذلك ذى ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٩١، عن عطاء ولم يذكر هذا المثل.
(٦) الشاهد من الآية، لم يذكر، وهو قوله: ﴿كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ولم أجد هذا القول في "الوسيط"، و"الوجيز".
(٧) "تهذيب اللغة" ١٢/ ٤٠٦ (فسر).

صفحة رقم 495
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية