
عَلِيمٌ)
اى بكل شىء من مكافأة الخير ومجازاة الشر عليم بالنقير والقطمير مما عملوا من الصغير والكبير انتهى واعلم ان التعلق بكل من نعيم الدنيا ونعيم الآخرة حرام على اهل الله تعالى نعم ان اهل الله يحبون الآخر بمعنى ان الآخرة فى الحقيقة هو الآخر بالكسر وهو الله تعالى قال بعض اهل الحقيقة ما ألهاك عن مولاك فهو دنياك. فعلى العاقل ان يقطع حبل العلاقات ويتصل بسر تجرد الذات والصفات ويتفكر فى امره ويحاسب نفسه قبل ان يجيئ يوم الجزاء والمكافاة فان عقب هذه الحياة مماة وهذا البقاء ليس على الدوام والثبات وفى الحديث (ما قال الناس لقوم طوبى لكم الا وقد خبأ لهم الدهر يوم سوء) قال الشاعر
ان الليالى لم تحسن الى أحد | الا أساءت اليه بعد احسان |
أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت | ولم تخف شر ما يأتى به القدر |
لا صحة المرء فى الدنيا تؤخره | ولا يقدم يوما موته الوجع |
سرا وجهرا فطوبى لمن شاهد ولاحظ هذا الأمر وختم بالخوف والمراقبة الوقت والعمر تمت سورة النور يوم السبت الثالث من شهر الله رجب من سنة ثمان ومائة والف
تفسير سورة الفرقان
مكية آيها سبع وسبعون فى قول الجمهور بسم الله الرحمن الرحيم
تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ اى تكاثر خير الذي إلخ فالمضاف محذوف من البركة وهى كثرة الخير وترتيبه على تنزيل الفرقان لما فيه من كثرة الخير دينيا ودنيويا او معناه تزايد على كل شىء وتعالى عنه فى صفاته وأفعاله فان البركة تتضمن معنى الزيادة فترتيبه عليه لدلالته على تعاليه قال المولى الفنارى فى تفسير الفاتحة يروى ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم وأخذ المتاع وتبارك الجبل فاستفسر عنهم وعرف ان الرقيم الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وان تبارك بمعنى صعد وقال بعضهم البركة ثبوت الخير الإلهي فى الشيء وسمى محبس الماء بركة لدوام الماء فيها وثبوته. فمعنى تبارك دام دواما ثابتا لا انتقال له ولهذا لا يقال له يتبارك مضارعا لانه للانتقال قال فى برهان القرآن هذه لفظة لا تستعمل الا لله ولا تستعمل الا بلفظ الماضي وخص هذا الموضع بالذكر لان ما بعده امر عظيم وهو القرآن المشتمل على معانى جميع كتب الله. والفرقان مصدر فرق بين الشيئين اى فصل وسمى به القرآن لغاية فرقه بين الحق والباطل والمؤمن والكافر عَلى عَبْدِهِ الأخلص ونبيه الأخص وحبيبه الأعلى وصفيه الاولى محمد المصطفى صفحة رقم 187

وَاتَّخَذُوا اى المشركون لانفسهم مِنْ دُونِهِ اى حال كونهم متجاوزين عبادة الذي خلق هذه الأشياء آلِهَةً من الأصنام لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً اى لا تقدر تلك الآلهة على خلق شىء من الأشياء أصلا لا على ذهاب ولا على غيره وانما ذكر الأصنام بلفظ العقلاء لان الكفار يجعلونهم بمنزلة العقلاء فخاطبهم بلغتهم كما فى تفسير ابى الليث وَهُمْ يُخْلَقُونَ كسائر المخلوقات وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ اى لا يستطيعون ضَرًّا اى دفع ضر قدم لكونه أهم من النفع وَلا نَفْعاً ولا جلب نفع فكيف يملكون شيأ منهما لغيرهم فهم أعجز من الحيوان فانه ربما يملك دفع الضر وجلب النفع لنفسه فى الجملة وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً اى لا يقدرون على اماتة الاحياء واحيائهم اولا وبعثهم ثانيا ومن كان كذلك فبمعزل عن الالوهية لعرائه عن لوازمها واتصافه بما ينافيها وفيه تنبيه على ان الإله يجب ان يكون قادرا على البعث والجزاء يعنى ان الضار والنافع والمميت والمحيي والباعث هو الله تعالى فهو المعبود الحقيقي وما سواه فليس بمعبود بل عابد لله تعالى كما قال تعالى (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) وفى الآية اشارة الى الأصنام المعنوية وهم المشايخ المدّعون والدجاجلة المضلون فانهم ليسوا بقادرين على احياء القلوب واماتة النفوس فالتابعون لهم فى حكم عابدى الأصنام فليحذر العاقل من اتخاذ اهل الهوى متبوعا فان الموت الأكبر الذي هو الجهل انما يزول بالحياة الأشرف الذي هو العلم فان كان للعبد مدخل فى إفادة الخلق العلم النافع ودعائهم الى الله على بصيرة فهو الذي رقى غيره من الجهل الى المعرفة وانشأه نشأة اخرى وأحياه حياة طيبة بإذن الله تعالى وهى رتبة الأنبياء ومن يرثهم من العلماء العاملين واما من سقط عن هذه الرتبة فليس الاستماع الى كلامه الا كاستماع بنى إسرائيل الى صوت العجل: قال المولى الجامى قدس سره
بلاف ناخلفان زمانه غره مشو | مرو چوسامرى از ره ببانگ كوساله |
نورى از پيشانىء صاحب دلان دريوزه كن | شمع خود را مى برى دل مرده زين محفل چرا |
اى كه روى عالمى را جانب خود كرده | رو نمى آرى بروى صائب بيدل چرا |