
(يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)
ويلتا: الألف مقلوبة عن ياء المتكلم، والويلة بمعنى الهلاك، فهو ينادي هلاكه الذي نزل به، وذلك للشعور بما نزل به، فكأنه ينادي بهلاكه إيماء إلى نزوله به، وكأنَّه يناديه تحسرا، وكأنه يقول يا هلاكي أقبل فهذا وقتك، فإنك نازل لا محالة، وفيه إشعار بأنه يستحقه، ولقد كان في الآية السابقة يتمنى أن يتخذ مع الرسول السبيل الجيد المستقيم، فهنا يتمنى أنه لم يتخذ فلانا خليلا صادقا يخاله ويوده، ويقترن به ويتبعه، ليت وهل ينفع شيئا ليت، وفلان كناية عن صاحبه وأصحابه، ويتمنى أن لو كان لم يتخذهم أخلاء له، ويتحقق قوله تعالى:
(الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧).

وهذه الآية وان كان موضوعها في اليوم الآخر، يشير إلى سبب الفساد بين الناس في دار الابتلاء، والسبب يتلخص في أمرين: أولهما - صحبة السوء، فإن صاحب السوء أخو الشيطان يسهل للشيطان سبيله، ثانيهما - الرأي الفاسد، فإنه يكثر فيه خلان السوء ودعاة الشر، والتخذيل عن الخير، ولقد قال سبحانه في وصف خليل السوء،
صفحة رقم 5272