آيات من القرآن الكريم

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ
ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂ

(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (٥٢) الواو عاطفة استئنافية، لبيان أن من يتقي الله ويخشاه هو الذي يفوز حقا، ونجد هذا الكلام فيه شرط وجزاء، والشرط مكون من أجزاء ثلاثة بعضها مترتب على بعض. أولها: طاعة الله ورسوله، بامتلاء القلب بالطاعة. بحيث يخضع له ظاهرا وباطنا، ويخضع قلبه مع خضوع كل جوارحه، وهذا هو الجزء الأول، أو النقطة الأولى من الخط المستقيم الذي يبتدئ بالطاعة، وامتلاء القلب، ثم ينتقل من الطاعة الخاضعة الخانعة إلى الخشية، خشية الله تعالى، إذ يعلم ذاته وصفاته، ويمتلئ بهيبته وطاعته، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ...)،

صفحة رقم 5214

ويقول الراغب الأصفهاني: والخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك على علم بما يخشى منه، وقال تعالى في صفة العلماء: (الذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهُ...).
وإنه يجيء بعد الخشية الخوف من الله واتقاء عذابه، ولذا قال تعالى: (وَمَن يُطِع اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ)، فالتقوى جعل وقاية بين الشخص وعذاب الله تعالى، قال تعالى في وصف المؤمنين،) (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ).
هذه أجزاء الشرط، أما الجزاء، فهو قوله تعالى: (فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) الفاء فاء الجزاء، والإشارة إلى المتصفين بهذه الصفات الجليلة، والإشارة إلى موصوف بصفات تكون الصفات سبب الجزاء)، فهذه الصفات سبب الفوز، والآيات تفيد قصر الفوز عليهم ونصرهم، وذلك لتعريف الطرفين، وقد أكد سبحانه وتعالى فوزهم بالجملة الاسمية، وبضمير الفصل (هم)، وبقصر الفوز عليهم.
* * *
استخلاف الله أهل الطاعة
(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (٥٣) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (٥٤) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ

صفحة رقم 5215

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٥٥) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦)
* * *
الجَهْد الطاقة، أو أقصى درجاتها، وجاء في مفردات الراغب الأصفهاني في تفسير آية (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ)، أي حلفوا واجتهدوا في الحلف أن يأتوا على أبلغِ ما في وسعهم، وعلى ذلك يكون معنى الجهد في قوله تعالى:

صفحة رقم 5216
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية