
وقال مقاتل: يعني هدى، وهو الإيمان (١).
وقال الزجاج: من لم يهده الإسلام لم يهتد (٢).
٤١ - ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ مضى تفسير هذا في سورة الحج (٣)، وعند قوله ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: ٤٤].
وقوله: ﴿وَالطَّيْرُ﴾ عطف على (من) (٤). وخص بالذكر؛ لأنَّها تكون في الجوّ بين السماء والأرض فهي خارجة عن جملة ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (٥).
وقوله ﴿صَافَّاتٍ﴾ يعني باسطات أجنحتها في الهواء (٦).
وقوله ﴿كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ﴾ قال مجاهد: الصلاة للإنسان، والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه (٧).
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٨، وفيه: من لم يهده الله إلى الإسلام لم يهتد.
(٣) في (ظ): في سورة سبحان عند قوله: (وإن من شيء إلا يسبح بحمده).
(٤) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس ٣/ ١٤١، "الإملاء" للعكبري ٢/ ١٥٨، "الدر المصون" للسمين الحلبي ٨/ ٤١٨.
(٥) ذكر البغوي ٦/ ٥٣ هذا القول صدَّره بقوله: قيل. وذكره ابن الجوزي ٦/ ٥١، وأبو حيان ٦/ ٤٦٣، ولم ينسباه لأحد.
(٦) الثعلبي ٣/ ٨٧ ب، والطبري ١٨/ ١٥٢.
(٧) رواه الطبري ١٨/ ١٥٢، وابن أبي حاتم ٧/ ٥٥ ب، وأبو الشيخ في "العظمة" ٥/ ٧٣٨، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ٢١١، وزاد نسبته لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
ورواه أيضًا النحاس في "معاني القرآن" ٤/ ٥٤٣ من طريق ابن أبي شيبة.

وذكر الفراء (١) والزجاج (٢) وصاحب النظم في هذا تقديرات ثلاثًا (٣):
أحدها: أن يعود الضمير في الصلاة والتسبيح على لفظ (كلّ) أي أنَّهم يعلمون بما يجب عليهم من الصلاة والتسبيح.
والثاني: أن تكون الهاء راجعة على (٤) ذكر الله -عز وجل- بمعنى: كلُّ قد علم صلاة الله وتسبيحه الواجبين عليه.
والثالث: أن يكون الذي يعلم (٥) هو الله -عز وجل-، يعلم صلاة الكل منهم وتسبيحه.
واختار (٦) الزَّجّاج هذا القول، فقال: والأجود أن يكون: كلَّ قد علم الله صلاته وتسبيحه، ودليل ذلك قوله ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ (٧).
وعلى هذا قال النَّحاس: كان من حكم النظم أن يكون (وهو عليم بما يفعلون) ولكن إظهار المضمر أفخم، وأنشد سيبويه (٨):
(٢) انظر: "معاني القرآن" ٤/ ٤٨ - ٤٩.
(٣) في (ظ)، (ع): (ثلاث).
(٤) في (ظ): (إلي).
(٥) في (ظ): (يعلمه).
(٦) في (أ): (واختيار).
(٧) "معاني القرآن" للزجَّاج ٤/ ٤٩. وعلى قول الزجاج هذا يكون قوله (والله عليم بما يفعلون) تأكيد لفظيًا. واستظهر أبو حيان ٦/ ٤٦٣ القول الأول الذي ذكره الواحدي. واستظهره أيضًا الشنقيطي رحمه الله، واستدل بقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾ [النور: ٤١] فقد ذكر فيها علمه، وحمل الكلام على التأسيس أولى من حمله على التأكيد. انظر: "أضواء البيان" ٦/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٨) البيت أنشده سيبويه في الكتاب ١/ ٦٢ ونسبه لسوادة بن عدي، وكذلك نسبه له السيوطي في "شرح شواهد المغني" ٢/ ١٧٦. =