آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

ان اللعن يختص بالكفار اخرج الطبراني عن خصيف قال قلت لسعيد بن جبير أيهما أشد الزنى او القذف قال الزنى قلت ان الله يقول إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ قال ذلك لعائشة خاصة- وفي اسناده يحيى الحماني ضعيف وكذا ذكر البغوي عن خصيف وروى عن العوام بن حوشب عن شيخ من بنى كاهل عن ابن عباس قال هذه في شأن عائشة وازواج النبي ﷺ خاصة ليس فيها توبة- ومن قذف امراة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرا وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ الى قوله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لاولئك توبة- وكذا اخرج الطبراني عن الضحاك بن مزاحم ان الاية في نساء النبي ﷺ خاصة وقال الآخرون نزلت هذه الاية في ازواج النبي ﷺ كان ذلك كذلك حتى نزلت الاية الّتي في أول السورة وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ الى قوله تعالى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ- فانزل الله الجلد والتوبة- قلت ومبنى هذه الأقوال أمران أحدهما ان سبب نزول الاية كان قصة الافك وثانيهما ان اللعن لم يرد في شيء من المعاصي غير الكفر لكن خصوص السبب لا يقتضى تخصيص عموم الاية والعبرة لعموم اللفظ- واللعن قد ورد على بعض الكبائر كقتل النفس عمدا وعدم ذكر التوبة والمغفرة في هذه الاية لا يقتضى عدم قبول التوبة وعدم المغفرة مطلقا- وقد قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ
فلا وجه لتخصيص عموم الاية والله اعلم.
يَوْمَ تَشْهَدُ قرا حمزة والكسائي بالياء التحتانية لتقدم الفعل والفصل والباقون بالتاء الفوقانية والظرف متعلق بما في لهم من معنى الاستقرار لا للعذاب لانه موصوف عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) روى ابن جرير وابن ابى حاتم عن ابى موسى الأشعري قال يدعى المؤمن للحساب

صفحة رقم 482

يوم القيامة فيعرض عليه ربّه عمله فيما بينه وبينه فيعترف ويقول اى رب عملت عملت فيغفر الله ذنوبه ويستره منها قال فما على الأرض خليقة يرى من تلك الذنوب شيئا وتبدوا حسناته فرووا الناس كلهم يرونها- ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض عليه ربّه عمله فيجحده فيقول اى رب وعزتك لقد كتب علىّ هذا الملك ما لم اعمل فيقول الملك اما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا فيقول لا وعزتك فاذا فعل ذلك ختم على فيه قال ابو موسى فانى احسب أول ما ينطق منه فخذه اليمنى ثم تلا اليوم نختم على أفواههم الاية واخرج ابو يعلى والحاكم وصححه عن ابى سعيد الخدري عن النبي ﷺ نحوه واخرج احمد بسند جيد والطبراني عن عقبة بن عامر سمع رسول الله ﷺ يقول ان أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال- واخرج احمد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوية بن جيدة عن النبي ﷺ قال يجيئون يوم القيامة على أفواههم الفدام فاول ما يتكلم من الآدمي فخذه وكفه- وروى مسلم عن ابى هريرة حديثا طويلا في روية الله «١» سبحانه وفيه فينطق فخذه ولحمه وعظمه بعمله وذلك المنافق الّذي يسخط الله عليه- فان قيل قال الله سبحانه هاهنا تشهد عليهم ألسنتهم وقال في موضع اخر الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ فما وجه التطبيق قلنا المراد بقوله نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ انهم لا ينطقون بإرادتهم وذلك لا ينافى شهادة الالسنة عليهم من غير اختيارهم والله اعلم- قال القرطبي وانما يشهد الأعضاء على من قرا كتابه ولم يعترف بما فيه وجحد وخاصم فيشهد عليه جوارحه بسيئاته- قلت فهذه الاية تدل على ان ما سبق من الاية في عبد الله بن أبيّ كما قال قتادة والله اعلم

(١) وقد راجعت الصحيح لمسلم ولم أحده في باب روية الله سبحانه وتعالى والحديث المذكور في كتاب الزهد في فصل في بيان ان الأعضاء منطقة شاهدة يوم القيامة في المجلد الثاني من الصحيح لمسلم رحمة الله تعالى- الفقير الدهلوي.
.

صفحة رقم 483
التفسير المظهري
عرض الكتاب
المؤلف
القاضي مولوي محمد ثناء الله الهندي الفاني فتي النقشبندى الحنفي العثماني المظهري
تحقيق
غلام نبي تونسي
الناشر
مكتبة الرشدية - الباكستان
سنة النشر
1412
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية