آيات من القرآن الكريم

وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ
ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨ ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑ

وقال عبد الله بن المبارك ما ارى هذه الآية نزلت الا فيمن اعتاد الدعاوى العظيمة ويجترئ على ربه فى الاخبار عن احوال الأنبياء والأكابر ولا يمنعه عن ذلك هيبة ربه ولا حياؤه وقال الترمذي من تهاون بما يجرى عليه من الدعاوى فقد صغر ما عظمه الله ان الله تعالى يقول (وَتَحْسَبُونَهُ) إلخ

اگر مردى از مردىء خود مكوى نه هر شهوارى بدر برد كوى
وَلَوْلا [چرا] إِذْ سَمِعْتُمُوهُ من المخترعين والتابعين لهم قُلْتُمْ تكذيبالهم وتهويلا لما ارتكبوه ما يَكُونُ لَنا ما يمكننا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا القول وما يصدر عنا ذلك بوجه من الوجوه وحاصله نفى وجود التكلم به لا نفى وجوده على وجه الصحة والاستقامة سُبْحانَكَ تعجب ممن تفوه به وأصله ان يذكر عند معاينة العجب من صنائعه تنزيها له سبحانه من ان يصعب عليه أمثاله ثم كثر حتى استعمل فى كل متعجب منه او تنزيه له تعالى من ان يكون حرم نبيه فاجرة فان فجورها تنفير للناس عنه ومخل بمقصود الزواج بخلاف كفرها كما سبق: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى از آنكه در حرم محترم پيغمبر قدح تواند كرد] هذا الافك الذي لا يصح لاحد ان يتكلم به بُهْتانٌ عَظِيمٌ مصدر بهته اى قال عليه ما لم يفعل اى كذب عظيم عند الله التقاول به كما فى التأويلات النجمية او يبهت ويتحير من عظمته لعظمة المبهوت عليه اى الشخص الذي يبهت عليه اى يقال عليه ما لم يفعل فان حقارة الذنوب وعظمها كما تكون باعتبار مصادرها كما قال ابو سعيد الخراز قدس سره «حسنات الأبرار سيآت المقربين» كذا تكون باعتبار متعلقاتها يَعِظُكُمُ اللَّهُ الوعظ النصح والتذكير بالعواقب اى ينصحكم ايها الخائضون فى امر عائشة أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ كراهة ان تعودوا لمثل هذا الخوض والقول أَبَداً اى مدة حياتكم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله وبرسوله وباليوم الآخر فان الايمان يمنع عنه وفيه اشارة الى ان العود الى مثل هذا يخرجهم من الايمان قال فى الكبير يدخل فى هذا من قال ومن سمع ولم ينكر لاتسوائهما فى فعل ما لا يجوز وان كان المقدم أعظم ذنبا وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها اى ينزلها مبينة ظاهرة الدلالة على معانيها لا انه يبينها بعد ان لم تكن كذلك وَاللَّهُ عَلِيمٌ بأحوال جميع مخلوقاته جلائلها ودقائقها حَكِيمٌ فى جميع تدابيره وأفعاله فأنى يمكن صدق ما قيل فى حق حرمة من اصطفاه لرسالته وبعثه الى كافة الخلق ليرشدهم الى الحق ويزكيهم ويطهرهم تطهيرا وقال الكاشفى [وخداى تعالى داناست بطهارت ذيل عائشة حكم كننده ببرائت ذمت او از عيب وعار]
تا كريبان دامنش پاكست از لوث خطا وز مذمت عيب جو آلوده از سر تا بپا
وچهـ زيبا كفته است
كرا رسد كه كند عيب دامن پاكت كه همچوقطره كه بر برك كل چكد پاكى
وفى التأويلات النجمية ان الله تعالى لا يجرى على خواص عباده الا ما يكون سببا لحقيقة اللطف وان كان فى صورة القهر تأديبا وتهذيبا وموجبا لرفعة درجاتهم وزيادة فى قرابتهم

صفحة رقم 128

وان قصة الافك وان كانت فى صورة القهر كانت فى حق النبي عليه السلام وفى حق عائشة وأبويها وجميع الصحابة ابتلاء وامتحانا لهم وتربية وتهذيبا فان البلاء للولاء كاللهب للذهب كما قال عليه السلام (ان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالامثل) وقال عليه السلام (يبتلى الرجل على قدر دينه) فان الله غيور على قلوب خواص عباده المحبوبين فاذا حصلت مساكنة بعضهم الى بعض يجرى الله تعالى ما يرد كل واحد منهم عن صاحبه ويرده الى حضرته وان النبي عليه السلام لما قيل له أي الناس أحب إليك قال (عائشة فساكنها) وقال (يا عائشة حبك فى قلبى كالعقدة) وفى بعض الاخبار ان عائشة قالت يا رسول الله انى أحبك وأحب قربك فاجرى الله تعالى حديث الافك حتى رد رسول الله قلبه عنها الى الله بانحلال عقدة حبها عن قلبه وردت عائشة قلبها عنه الى الله حيث قالت لما ظهرت براءة ساحتها نحمد الله لا نحمدك فكشف الله غيابة تلك المحبة وأزال الشك واظهر براءة ساحتها حين أدبهم وهذبهم وقربهم وزاد فى رفعة درجاتهم وقرباتهم قال فى الحكم العطائية وشرحها قال ابو بكر الصديق رضى الله
عنه لعائشة رضى الله عنها لما نزلت براءتها من الافك على لسان رسول الله عليه السلام يا عائشة اشكرى رسول الله نظرا منه لوجه الكمال لها فقالت لا والله لا اشكر الا الله رجوعا منها الى اصل التوحيد إذ لم يسع غيره فى تلك الحال قلبها دلها ابو بكر فى ذلك على المقام الأكمل عند الصحو وهو مقام البقاء بالله المقتضى لاثبات الآثار وعمارة الدارين التزاما لحق الحكم والحكمة وقد قال تعالى (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) فقرن شكرهما بشكره إذ هما اصل وجودك المجازى كما ان اصل وجودك الحقيقي فضله وكرمه فله حقيقة الشكر كما له حقيقة النعمة ولغيره مجازه كما لغيره مجازها وقال عليه السلام (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) فجعل شكر الناس شرطا فى صحة شكره تعالى او جعل ثواب الله على الشكر لا يتوجه الا لمن شكر عباده وكانت هى يعنى عائشة فى ذلك الوقت لا فى عموم أوقاتها مصطلمة اى مأخوذة عن شاهدها فلم يكن لها شعور بغير ربها غائبة عن الآثار لما استولى عليها من سلطان الفرح لمنة المولى عليها فلم تشهد الا الواحد القهار من غير اعتبار لغيره وهكذا هو أكمل المقامات فى حالها وهو مقام أبينا ابراهيم عليه السلام إذ قال حسبى من سؤالى علمه بحالي والله المسئول فى إتمام النعمة وحفظ الحرمة والثبات لمرادات الحق بالآداب اللائقة بها وهو حسبنا ونعم الوكيل ثم قال فى التأويلات النجمية الطريق الى الله طريقان طريق اهل السلامة وطريق اهل الملامة فطريق اهل السلامة ينتهى الى الجنة ودرجاتها لانهم محبوسون فى حبس وجودهم وطريق اهل الملامة ينتهى الى الله تعالى لان الملامة مفتاح باب حبس الوجود وبها يذوب الوجود ذوبان الثلج بالشمس فعلى قدر ذوبان الوجود يكون الوصول الى الله تعالى فاكرم الله تعالى عائشة بكرامة الملامة ليخرجها بها من حبس الوجود بالسلامة وهذا يدل على ولايتها لان الله تعالى إذا تولى عبدا يخرجه من ظلمات وجوده المخلوقة الى نور القدم كما قال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) انتهى: قال الحافظ قدس سره

صفحة رقم 129

وقال الجامى قدس سره

وفا كنيم وملامت كشيم وخوش باشيم كه در طريقت ما كافريست رنجيدن
عشق در هر دل كه سازد بهر وردت خانه أول از سنك ملامت افكند بنياد او
إِنَّ الَّذِينَ هم ابن أبيّ ومن تبعه فى حديث الافك يُحِبُّونَ يريدون أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ تنشر وتظهر والفاحشة ما عظم قبحه من الافعال والأقوال والمراد هنا الزنى اى خبره فِي الَّذِينَ آمَنُوا أخلصوا الايمان لَهُمْ بسبب ذلك عَذابٌ أَلِيمٌ نوع من العذاب متفاقم ألمه فِي الدُّنْيا كالحد ونحوه وَالْآخِرَةِ كالنار وما يلحق بها قال ابن الشيخ ليس معناه مجرد وصفهم بانهم يحبون شيوعها فى حق الذين آمنوا من غير ان يشيعوا ويظهروا فان ذلك القدر لا يوجب الحد فى الدنيا بل المعنى ان الذين يشيعون الفاحشة والزنى فى الذين آمنوا كصفوان وعائشة عن قصد ومحبة لاشاعتها وفى الإرشاد يحبون شيوعها ويتصدون مع ذلك لاشاعتها وانما لم يصرح به اكتفاء بذكر المحبة فانها مستتبعة له لا محالة وفى الذين آمنوا متعلق بتشيع اى تشيع فيما بين الناس وذكر المؤمنين لانهم العمدة فيهم او بمضمر هو حال من الفاحشة فالموصول عبارة عن المؤمنين خاصة اى يحبون ان تشيع الفاحشة كائنة فى حق المؤمنين وفى شأنهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ جميع الأمور وخصوصا ما فى ضمائر من حب الاشاعة وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فابنوا الأمر فى الحد ونحوه على الظواهر والله يتولى السرائر وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ جواب لولا محذوف اى لولا فضله وانعامه عليكم وانه بليغ الرأفة والرحمة بكم لعاجلكم بالعقاب على ما صدر منكم وفى الآيتين إشارات منها ان اهل الافك كما يعاقبون على الإظهار يعاقبون باسرار محبة الاشاعة فدل على وجوب سلامة القلب للمؤمنين كوجوب كف الجوارح والقول عما يضرهم وفى الحديث (انى لاعرف قوما يضربون صدورهم ضربا يسمعه اهل النار وهم الهمازون الذين يلتمسون عورات المسلمين ويهتكون ستورهم ويشيعون لهم الفواحش) وفى الحديث (أيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها برىء يرى ان يشينه بها فى الدنيا كان حقا على الله اين يرميه بها فى النار) كما فى الكبير فالصنيع الذي ذكر من اهل الافك ليس من صنيع اهل الايمان فان من صنيع اهل الايمان ما قال عليه السلام (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقال (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كنفس واحدة إذا اشتكى منها عضو تداعى سائر الجسد بالحمى والسهر)
بنى آدم اعضاى يكديكرند كه در آفرينش ز يك كوهرند
چوعضوى بدرد آورد روزكار دكر عضوها را نماند قرار
تو كز محنت ديكران بى غمى نشايد كه نامت نهند آدمي
فمن اركان الدين مظاهرة المسلمين واعانة اهل الدين وارادة الخير بكافة المؤمنين والذي يود الفتنة وافتضاح الناس فهو شر الخلق كالخناس ومنها ان ترك المعاجلة بالعذاب تعريض للتوبة فدل على ان عذاب الآخرة انما هو على تقدير الإصرار وعليه يحمل قوله عليه السلام (إذا كان يوم القيامة حد الله الذين شتموا عائشة ثمانين على رؤس الخلائق فيستوهب لى المهاجرين منهم واستأمرك

صفحة رقم 130
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية