آيات من القرآن الكريم

لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَٰذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ
ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ

(لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٨٣)
إن النبي - ﷺ - وعدهم بالبعث والنشور في أول دعوته لهم، فقد قال عندما أمره ربه أن يصدع بأمر ربه، وقال له: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكينَ)، وعندما قال له عز وجل: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ)، قال - ﷺ -: " واللَّه لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون " (١) واستمر يكرر هذه الدعوة لهم غير وانٍ ولا مقصر، وبمقدار استمراره كان جحود المشركين؛ ولذا أخبر اللَّه تعالى عنهم: (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْن وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ) أكدوا أنهم وعدوا وآباؤهم الذين أدركوا النبي - ﷺ - من قبل هذا الزمان، وقد أكدوا أنه وعدهم بقد، وباللام، ولكن مع توكيد وعدهم أكدوا إنكارهم له، فقد قالوا: (إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) (إِنْ) نافية أي ما هذا الوعد المكرر إلا أكاذيب الأولين التي تقال في موضع السمر والتفكه بفارغ القول، جاء في مفردات الراغب في الأساطير: " قال المبرد هي جمع أسطورة، نحو أرجوحة وأراجيح، وأِفية وأثافى وأحدوثة وأحاديث "، أي أنها أخبار غير صادقة يتفكه بها، ويقطع الوقت بالسمر عليها، فليست حقا تتبع، ولا جَدًّا من
القول يتعظ به.
________
(١) سبق تخريجه.

صفحة رقم 5106

الكون يخبر بواحدانية الله
قال اللَّه تعالى:
(قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)
* * *
هذه الآيات كلها توجيه للعقول إلى اللَّه تعالى خالق الكون والقوام عليه، وهي استفهامات يتعين الجواب فيها وليس لديهم سبيل لإنكار الجواب، بل الجواب متعين، لَا مناص منه، ولا سبيل لغيره؛ لأن العرب كانوا يعلمون أن اللَّه خالق السماوات والأرض (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ...)، فهم ما كانوا يجهلون الله تعالى، بل كانوا يعلمون أنه خالق السماوات والأرض، وأنه الذي يلجأ إليه في الشدائد، ويعلمون أنه واحد في ذاته وصفاته، ولكنهم في العبادة يشركون به غيره، وكأنهم يحسبون أنهم لَا يصلون إلى مقام الذات العلية، فيتخذون بأوهامهم الأوثان ذرائع، ويقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللَّه زلفى.

صفحة رقم 5107

قال اللَّه تعالى مخاطبا نبيه آمرا له:

صفحة رقم 5108
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية