
المشركين من القتل ﴿إذا هم فيه مبلسون١﴾ أي آيسون من كل خير حزنون قنطون وذلك لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي.
هداية الآيات
هن هداية الآيات:
١- خطر إتباع الهوى وما يفضي إليه من الهلاك والخسران.
٢- الصراط المستقيم الموصل إلى السعادة والكمال هو الإسلام لا غير.
٣- التكذيب بيوم القيامة وما يتم فيه من حساب وجزاء هو الباعث على كل شر والمانع من كل خير.
٤- من آثار ظلمة النفس نتيجة الكفر اليأس والقنوط والتمادي في الشر والفساد.
وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ (٧٨) وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الأرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٧٩) وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٠) بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الأوَّلُونَ (٨١) قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢) لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ (٨٣)
شرح الكلمات:
أنشأ لكم السمع: أي خلق وأوجد لكم الأسماع والأبصار.
والأفئدة: جمع فؤاد وهو القلب.
قليلا ما تشكرون: أي ما تشكرون إلاّ قليلاً.
ذرأكم: أي خلقكم.

وإليه تحشرون: أي تجمعون إليه بعد إحيائكم وخروجكم من قبوركم.
وله اختلاف الليل والنهار: أي إليه تعالى إيجاد الليل والنهار وظلمة الليل وضياء النهار.
أفلا تعقلون: فتعرفوا أن الله هو المعبود الحق إذ هو الرب الحق.
إلاّ أساطير الأولين: أي ما تقولون من البعث والحياة الثانية ما هو إلاّ حكايات وأساطير وأخبار الأولين، والأساطير جمع أسطورة أي حكاية مسطرة مكتوبة.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في دعوة المنكرين للبعث الآخر إلى الإيمان به بعرض الأدلة العقلية عليهم لعلهم يؤمنون فقال تعالى لهم: ﴿وهو الذي أنشأ لكم١ السمع٢ والأبصار والأفئدة﴾ أي الله الذي خلق لكم أسماعكم وأبصاركم وقلوبكم قادر على إحيائكم بعد موتكم وحشركم إليه تعالى ليحاسبكم ويجزيكم، وقوله: ﴿قليلاً ما تشكرون٣﴾ يوبخهم تعالى على كفرانهم نعمه عليهم، إذ أوجد لهم أسماعاً وأبصاراً وأفئدة ولم يحمدوه على ذلك ولم يشكروه بالإيمان به وبطاعته. وقوله تعالى: ﴿وهو الذي ذرأكم في الأرض﴾ أي خلقكم في الأرض، ﴿وإليه تحشرون﴾ إذ الذي قدر على خلقكم في الأرض قادر على خلقكم في أرض أخرى بعد أن يميتكم ويحشركم أي يجمعكم إليه ليحاسبكم ويجزيكم. وقوله: ﴿وهو الذي يحيى٤ ويميت﴾ أي يحيي النطفة بجعلها مضغة لحم ثم ينفخ فيها الروح فتكون بشراً، ويميتكم بعد انقضاء آجالكم أليس هذا قادراً على إحيائكم بعد موتكم.
وقوله تعالى: ﴿وله اختلاف٥ الليل والنهار أفلا تعقلون﴾ أي ولله تعالى اختلاف الليل والنهار بإيجادهما وتعاقبهما وإدخال أحدهما في الآخر أفلا تعقلون٦ أن من هذه قدرته وتصاريفه في خلقه قادر على بعثكم بعد إماتتكم وقوله تعالى: ﴿بل قالوا مثل٧ ما قال الأولون﴾ أي بدل
٢ جائز أن يكون لهم شكر قليل، وجائز أن يكون لا شكر لهم البتة، وإنما هو من باب الاحتراس كيلا ينقض الخبر. بأدنى شكر منهم.
٣ جمع الأبصار والأفئدة باعتبار تعدد الأفراد، ووحد السمع لأنه مصدر فجرى على الأصل.
٤ هذه بعض مظاهر القدرة الإلهية الموجبة لعبادته وحده، والموجبة لتصديقه فيما واعد به وأوعد، من نعيم الآخرة وعذابها.
٥ ﴿وله اختلاف الليل والنهار﴾ هذه اللام: لام الاختصاص إذ لا قدرة لكائن سواه على اختلاف الليل والنهار بالطول والقصر، والضياء والظلام، وما يجري فيهما من تصاريف الكائنات على اختلافها وتنوعها.
٦ الاستفهام إنكاري ينكر عليهم عدم تعقلهم وفهمهم لدلائل التوحيد والبعث والجزاء، والفاء: للتفريع إذ هذا الكلام متفرع على ما تقدم من الأدلة في السياق.
٧ في هذا التفات من الخطاب إلى الغيبة لأنّ الكلام انتقل من التقريع إلى حكاية ضلالهم، وبل: للإضراب الإبطالي أي: أبطل كونهم يعقلون مع إثبات إنكارهم للبعث مع علّة الإنكار وهي: تقليدهم لآبائهم.

أن يؤمنوا باليوم الآخر لِما دَلَّ عليه من هذه الأدلة التي لا يردها عاقل ولا ينكرها عقل عادوا فقالوا قولة المنكرين من الأمم قبلهم: ﴿قالوا١ إذا متنا وكنا تراباً أءنا لمبعثون﴾ وهو إنكار صريح منهم للعبث الآخر. وقالوا أيضاً ما أخبر تعالى عنهم، وهم يعلنون تكذيبهم لله تعالى ورسوله: ﴿لقد وعدنا نحن وأباؤنا هذا من٢ قبل إن هذا إلاّ أساطير الأولين﴾ أي لقد وعد هذا آباؤنا من قبل ولم يحصل ما هذا الذي يقال إلاّ أساطير أي حكايات سطرها الأولون في كتبهم فهي تروى ويتناقلها الناس ولا حقيقة لها ولا وجود.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب الشكر لله تعالى بطاعته على نعمه ومن بينها نعمة السمع والبصر والقلب.
٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء بما تضمنت الآيات من الأدلة العديدة على ذلك.
٣- سوء التقليد وآثاره في السلوك الإنساني بحيث ينكر المقلد عقله.
قُل لِّمَنِ الأرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ
٢ من قبل محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجملة: "إن هذه لأساطير الأولين جملة مستأنفة استئنافاً بيانياً جواباً لمن قال: كيف رد الأولون والآخرون على هذا القول؟