
لم يحسن حتى تُعوّض السّين أو سوف أو (لا) إذا كان في نفي. فإذا لم يكن فعل بعدها (١) ساغ التخفيف، ومثله قوله تعالى: ﴿دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس: ١٠] (٢).
الوجه الثالث: كسر الألف مع التشديد (٣)، على الاستئناف (٤).
ومعنى الآية: أنتم أهل دعوة واحدة ونصرة؛ فلا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا (٥).
قال مقاتل: يقول: هذه ملتكم التي أنتم عليها يعني ملة الإسلام ملة واحدة. عليها كانت الأنبياء والمؤمنون الذين نجوا من العذاب الذين ذكرهم الله في هذه السورة (٦).
ومضى الكلام في تفسير هذه الآية في سورة الأنبياء [آية: ٩٢].
وأعلم الله (٧) أن قومًا جعلوا دينهم أديانًا فقال (٨):
٥٣ - ﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ﴾ قال مجاهد: هؤلاء أهل الكتاب (٩).
(٢) "الحجة" للفارسي ٥/ ٢٩٧. وانظر: "أوضح المسالك" لابن هشام ٢/ ٢٦٥.
(٣) أي: "وأنَّ هذه"، وهي قراءة عاصم، وحمزة، والكسائي.
"السبعة" ص ٤٤٦، "المبسوط" لابن مهران ٢٦٢، "التَّبصرة" ص ٢٧٠، "التيسير" ص ١٥٩.
(٤) "الحجة للفارسي" ٥/ ٢٩٧.
وانظر: "علل القراءات" للأزهري ٢/ ٤٣٦، "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٤٨٨.
(٥) هذا كلام أبي علي في "الحجة" ٥/ ٢٩٧ بنصِّه.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢/ ٣١ أ.
(٧) في (ظ): (والله أعلم).
(٨) من قوله: وأعلم الله إلى هنا. هذا قول الزجاج في "معانيه" ٤/ ١٥.
(٩) رواه الطبري ١٨/ ٣٠.

وقال الكلبي: يعني مشركي العرب واليهود (١)، والنصارى تفرّقوا أهواءً وأحزابًا (٢).
والكلام في هذا قد سبق في نظيرتها (٣) في سورة الأنبياء [آية: ٩٣].
قوله: ﴿زُبُرًا﴾ قال مجاهد وقتادة: كتبًا (٤).
قال أبو إسحاق: وتأويله جعلوا دينهم كتبًا مختلفة جمع زبور (٥).
وهي كتب أحدثوها- يحتجون فيها لمذاهبهم (٦).
وقرئ (زبرًا) بفتح الباء (٧). ومعناه: قطعًا. جمع زُبْرة كقوله: ﴿زُبَرَ الْحَدِيدِ﴾ [الكهف: ٩٦] (٨). قال ابن عباس: يريد فِرقًا (٩).
وقال السدي ومقاتل: قِطعًا فرقًا، فصاروا أديانًا: يهودًا ونصارى وصابئين ومجوسًا وأصنافًا شتى كثيرة (١٠).
(٢) ذكره عنه ابن الجوزي ٥/ ٤٧٨، والرازي ٢٣/ ١٠٥.
(٣) في (ظ): (نظيرها).
(٤) رواه عن مجاهد الطبري في "تفسيره" ١٨/ ٣٠، وذكره السيوي في "الدر المنثور" ٦/ ١٠٣ وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر في تفاسيرهم.
ورواه عن قتادة: عبد الرزاق في "تفسيره" ٢/ ٤٦، والطبري ١٨/ ٢٩، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٠٣ وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٦.
(٦) هذا كلام الطبري ١٨/ ٣٠، والثعلبي ٢/ ٦٢ أ.
(٧) وهي قراءة الأعمش وأبي عمرو في رواية. انظر: "الشواذ" لابن خالويه ص ٩٩، "البحر المحيط" ٦/ ٣٣٨، القرطبي ١٢/ ١٣٠.
(٨) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٣٨ و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٤٦.
(٩) ذكره البغوي ٥/ ٤٢ ولم ينسبه لأحد.
(١٠) ذكر الماوردي ٤/ ٥٧ أوَّله عن السدّي. وقول مقاتل في "تفسيره" ٢/ ٣١ أ.