آيات من القرآن الكريم

أَلَّا تَتَّبِعَنِ ۖ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي
ﮏﮐﮑﮒﮓ

قيل: فما قال لهارون حين رجع إليهم؟ فقيل: قال له وهو مغتاظ: يا هارون ما منعك؛ أي (١): أيُّ شيء منعك ﴿إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا﴾؛ أي: أخطؤوا طريق عبودية الله بعبادة العجل، وبلغوا من المكابرة إلى أن شافهوك بالمقالة الشنعاء
٩٣ - ﴿أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾ (لا) مزيدة، وهو مفعول ثان لمنع، وهو عامل في (إذ)؛ أي: أي شيء منعك حين رؤيتك لضلالهم من أن تتبعني في الغضب لله، والمقاتلة مع من كفر به، وأن تأتي عقبي، وتلحقني وتخبرني لأرجع إليهم، لئلا يقعوا في هلاك هذه الفتنة؟ أو غير مزيدة على أن ﴿مَنَعَكَ﴾ مجاز عن دعاك، والمعنى ما دعاك إلى ترك اتباعي، وعدمه في شدة الغضب لله ولدينه؟ ونظير ﴿لَّا﴾ هذه قوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ﴾ في الوجهين.
والمعنى (٢): أي قال موسى لهارون: أي شيء منعك حين رأيت ضلالهم أن تلحقني إلى جبل الطور بمن آمن معك؟ وقد كان موسى يرى أن مفارقة هارون لهم، وخروجه من بينهم، بعد تلك النصائح القولية، يكون أزجر لهم من الاقتصار على النصائح وحدها، لما في ذلك من الدلالة على شديد الغضب والإنكار، فإن مفارقة الرئيس المحبوب لديهم من أجل أمرٍ مبغوضٍ عليهم مما تشق على النفوس، وتقتضي ترك ذلك الأمر الذي يكرهه ﴿أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي﴾ فيما قدمت إليك من قولي. ﴿اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ﴾ وكان (٣) ظهور العجل في السادس والثلاثين يومًا من خروج موسى، وعبدوه، وجاءهم موسى بعد استكمال الأربعين، فعاتبهُ موسى على عدم اتباعه، لما رآهم قد ضلوا. قرأ (٤) ابن كثير، وأبو عمرو: ﴿أن لا تتبعني﴾ بياء ساكنة في الوصل، ويقف ابن كثير بالياء، وأبو عمرو بغير ياء، وروى إسماعيل بن جعفر عن نافع: ﴿أن تتبعني أفعصيت﴾ بياء مفتوحة، وروى قالون عن نافع مثل أبي عمرو، سواءً وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي بغير ياء في الوصل والوقف، وفي "الجمل" وهذه الياء من ياءات الزوائد، فحقها أن تحذف في الرسم، كما هي

(١) روح البيان.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.
(٤) زاد المسير.

صفحة رقم 402
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
عدد الأجزاء
1