آيات من القرآن الكريم

فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي
ﮟﮠﮡﮢﮣﮤ ﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆ

والتقدير: وإني لستار لذنوب مَن تاب من الشرك.
وقل قتادة: وإني لغفار لمن تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل صالحاً فيما بينه وبين الله جل ذكره.
وقوله: ثم اهتدى. معناه عند أبن عباس: لم يشكك.
وقال قتادة: ثم لزم الإسلام حتى يموت عليه.
وقال أنس بن مالك: ﴿ثُمَّ اهتدى﴾: أي: أخذ بسنة نبيه ﷺ.
وقال ابن زيد: ﴿ثُمَّ اهتدى﴾ ثم أصاب العمل.
وقال الفراء: " ثم اهتدى " ثم علم أن لذلك ثواباً وعليه عقاباً.
قوله تعالى ذكره: ﴿وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ ياموسى﴾ إلى قوله: ﴿فَكَذَلِكَ أَلْقَى السامري﴾.
أي: وأي شيء أعجلك يا موسى وتركت قومك خلفك، وذلك أن الله تعالى

صفحة رقم 4679

أنجى موسى وقومه من فرعون وقطع به البحر وأهلك فرعون وقومه، ووعد موسى ومن معه جانب الطور الأيمن، فتعجل موسى إلى ربه، وترك قومه مع هارون يسير بهم في أثر موسى.
وقال ابن إسحاق: وعد الله موسى وقومه بعد أن أنجاه وقومه ثلاثين ليلة وأتمها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة تلقاه فيها بما شاء، واستخلف موسى على قومه هارون ومعه السامري يسير بهم على أثر موسى ليلحقه بهم. فلما كلم الله موسى. قال له: ما أعجلك عن قومك يا موسى. قال هم أولاء على أثري، وعجلت إليك رب لترضى.
وقيل: المعنى: أن الله تعالى ذكره وعد موسى أن يأتيه في جماعة من بني إسرائيل، ويترك باقيهم مع هارون. فخرج بجماعة من خيارهم، فتقدمهم موسى إلى الموضع الذي وعد بالإتيان إليه. فلذلك قال له تعالى ذكره

صفحة رقم 4680

﴿وَمَآ أَعْجَلَكَ عَن قَومِكَ ياموسى﴾ أي: عن القوم الذين أتوا معك للميعاد.
قيل: وعدهم أن يسمعوا كلام الله، فلذلك قال: هم أولاً على أثري أي: قريب، مني سائرون إلي. وإنماتقدمتهم لترضى عن].
ثم قال تعالى ﴿قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السامري﴾.
أي: قد ابتلينا قومك من بعدك بعبادة العجل وإضلال السامري لهم، دعاؤه إياهم إلى عبادة العجل.
قيل: إن السامري كان من القبط، آمن بموسى، فترك الإيان فهو قوله ﴿فَنَسِيَ﴾ أي: فترك العهد، وأكثر الأقوال أنه من بني إسرائيل. وأنه ابن خالة موسى، ويكون قوله: " فنسي " يريد أنه من قول السامري. قال لهم: إن موسى نسي إلهكم عندي ومضى يطلبه. يريد العجل.
وأراد بقوله: " قومك من بعدك " الذين تأخروا مع هارون لا الذين صحبوا موسى ومضوا معه للميقات. وهم الذين اختارهم موسى للميقات، وهم سبعون. فلذلك قال موسى لما أخذتهم الرجفة فماتوا: ﴿أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السفهآء مِنَّآ﴾ [الأعراف: ١٥٥]. يعني الذين تأخروا مع هارون وعبدوا العجل.

صفحة رقم 4681

ثم قال: ﴿فَرَجَعَ موسى إلى قَوْمِهِ غضبان أَسِفاً﴾.
أي: فانصرف موسى إلى قومه من بني إسرائيل بعد تمام الأربعين ليلة غضبان على قومه لاتخاذهم العجل من بعده.
﴿أَسِفاً﴾ أي: حزيناً لما أحدثوا من الكفر. والأسف: يكون الحزن، ويكون الغضب. ومن الغضب، قوله تعالى: ﴿فَلَمَّآ آسَفُونَا﴾ [الزخرف: ٥٥] أي: أغضبونا.
ثم قال تعالى ذكره: ﴿قَالَ ياقوم أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً﴾.
أي: قال موسى عليه السلام لبني إسرائيل لما رجع إليهم غضباناً حزيناً: ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً. وذلك الوعد، قوله: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى﴾.
وقيل: وعدهم إنزال التوراة عليهمز
وقيل: وعدهم الجنة إذا أقاموا على الطاعة.
وقيل: وعدهم أن يسمعهم كلامه/.
ثم قال: ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ العهد﴾.
أي: طال عليكم إنجاز الوعد.
وقوله: ﴿فَأَخْلَفْتُمْ مَّوْعِدِي﴾.

صفحة رقم 4682

كان قد وعدوه أن يقيموا على طاعته ويسيروا في أثره للموعد إلى جانب الطور الأيمن، فعبدوا العجل بعده وأقاموا، وقالوا لهارون: ﴿لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حتى يَرْجِعَ إِلَيْنَا موسى﴾.
ثم قال تعالى: ﴿مَآ أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾.
من ضم الميم في " بملكنا ": فمعناه: ما أخلفنا موعدك بسلطاننا. أي: لم نملك الصواب ولا القدرة على ترك الأخلاف، بل كان ذلك خطأ منا.
ومن كسر الميم: فمعناه: ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا الصواب. ومن فتح الميم فمعناه: بقوتنا.
وقيل: هي لغات يرجعن إلى معنى واحد.
وقيل: إن هذا من قول الذين لم يعبدوا العجل، أي: لم نملك ردهم عن عبادة العجل، ولا منعهم من ذلك، فتبرءوا منهم واعتذروا.
ثم قال: ﴿ولكنا حُمِّلْنَآ أَوْزَاراً مِّن زِينَةِ القوم فَقَذَفْنَاهَا﴾.
قال ابن عباس: كان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون، فهو الأوزار من زينة القوم، أي قوم فرعون.

صفحة رقم 4683
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية