آيات من القرآن الكريم

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ
ﭷﭸﭹﭺﭻ ﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ ﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤ

تفسير سورة طه ٤٥- ٢٠
نزلت بمكة بعد سورة مريم عدا الآيتين ١٣٠ و ١٣١ فإنهما نزلنا بالمدينة، وهي مائة وخمس وثلاثون آية، والف وستماية واحدي وأربعون كلمة، وخمسة آلاف ومائتان واثنان وأربعون حرفا، لا يوجد سورة مبدوءة أو مختومة بما بدأت وختمت به (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قال تعالى «طه» اسم من أسمائه ﷺ كما مرّ في سورة يس، واسم للسورة، ومفتاح أسماء الله تعالى الهادي، هو الباسط المعطي، وقال بعض المفسرين ان معناه طأها أي الأرض، لأنه ﷺ كان يقوم إلى ربه على رجل واحدة في تهجده، وقيل أصله يا رجل بلغة عكّ، أو أصلها يا هذا، فتصرفوا فيها بالقلب والاختصار، مستدلين بقول القائل:

إن السفاهة طاها في خلائقكم لا قدس الله أخلاق الملاعين
أقول غير جدير بالقبول لعدم الاستناد فيها إلى شيء صحيح، وما ذكرناه هو الأولى والأنسب، لاستناده للحديث الذي أوردناه أول سورة يس، يؤيده الخطاب في قوله تعالى «ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى» في المبالغة في مكابدة العبادة قد يعتريك فيه التعب الشديد، أو في هلاك نفسك في محاورة العتاة ومجادلة الطغاة من قومك من فرط الأسى والتحسر على عدم إيمانهم «إِلَّا» أي ما أنزلناه عليك يا أكرم الرسل لشقائك به، ولكن «تَذْكِرَةً» تذكرهم به وعفة «لِمَنْ يَخْشى» ٣ الله ويتأثر بالإنذار به لرفة قلبه ولين عريكته لينتفع به، لا كما زعم المشركون، وذلك أن رسول الله ﷺ كان يجتهد في عبادة ربه في مكة حتى تورمت قدماه، فلما رأى ذلك منه المشركون قالوا ما أنزل الله عليه الوحي الذي يزعم إلا لشقائه، وكان ﷺ يجهد نفسه بالعبادة من جهة ومن أخرى بدعوة قومه إلى ربه ويلح على نفسه في هذين الأمرين، لأنهما غاية مطلبه ونهاية قصده في الدنيا، فأنزل الله عليه هذه الآية ليخفف عن نفسه الشريفة ما حملها من الأعباء، ويقتصد بالعبادة والدعوة

صفحة رقم 181

«تَنْزِيلًا» مفعول مطلق أي أن هذا القرآن نزل عليك يا محمد «مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى» ٤ كما يقوله كفرة قومك من كونه سحر أو كهانة أو من خرافات الأولين أو من تعليم الغير، بل هو من الله الخالق لهذين الحرمين العظيمين وهو «الرَّحْمنُ» الذي وسعت رحمته كل شيء عزت قدرته وجلت عظمته «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى» ٥ استواء يليق بذاته ويراد ممنه الظهور والاستيلاء والتمكن.
مطلب العرش ومعنى الاستيلاء عليه:
والعرش لغة السرير ذو القوائم، أما عرش الرحمن فهو شيء يليق بذاته لا يعلم حقيقته على الحقيقة إلا الله، إلا أنه شيء يحمل لقوله تعالى (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) الآية ١٥ من سورة الحاقة- في ج ٢ وهذه الآية تدل على عظمته، لأن الملك الواحد يقوى على حمل الأرض بما فيها، فكيف إذا كانوا ثمانيه أملاك، ومن هاهنا تعلم عظمته، قالوا هو كالقبة فوق السموات له قوائم، بدليل ما رواه البخاري عن أبي سعيد، قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي ﷺ قد لطم وجهه، فقال يا محمد رجل من أصحابك قد لطم وجهي! فقال صلى الله عليه وسلم: أدعوه فقال لم لطمت وجهه؟ فقال يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول والذي اصطفى موسى على البشر، فقلت يا خبيث وعلى محمد صلى الله عليه وسلم، فأخذتني غضبة فلطمته. فقال ﷺ لا تميزوا بين الأنبياء، فان الناس يصعقون وأكون أول من يفيق، فإذا بموسى عليه السلام أخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور. أي لم يصعق وهو فوق السموات بدليل ما رواه ابو داود عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن جده قال: أتي رسول الله ﷺ أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس، ونهكت الأموال، فاستق لنا، فإنا نستشفع بك إلى الله ونستشفع بالله تعالى عليك فقال ﷺ ويحك أتدري ما تقول؟ وسبّح رسول الله ﷺ فما زال يسبح حتى عرف ذلك في وجهه أصحابه، ثم قال ويحك انه لا يستشفع بالله تعالى على أحد من خلقه، شأن الله تعالى أعظم من ذلك، ويحك أتدري ما الله؟ إن الله تعالى فوق عرشه، وعرشه فوق سمواته

صفحة رقم 182

هكذا وقال بأصابعه مثل القبة، وانه ليئط به أطيط الرحل الجديد بالراكب، أي من عظمة الرّب جل وعلا وهيبته، وهو منزه عن الثقل والخفة وسائر أوصاف خلقه، وهذا مما يدل على عظمته ايضا. وقد روى أبو ذر عن النبي ﷺ انه سمعه يقول ما الكرسي في العرش إلا كحلقة من حديد ألقيت بين ظهراني فلاة من الأرض. وجاء في خبر آخر: إن أرضكم هذه بالنسبة لعرش الرحمن كحلقة ملقاة في فلاة، هذا وقد وصفه الله تعالى في قوله جل قوله (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآية ٢٥٦ من البقرة في ج ٣، ووصفه بالمعظم في آيات، وناهيك بذلك. هذا، وقد روى عن أبي شيبة في كتاب صفة العرش، والحاكم في مستدركه، وقال على شرط الشيخين، عن سعد بن جبير عن ابن عباس قال: الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر قدره الا الله، وبما أن من هذه من آيات الصفات التي جرى السلف على ظاهرها دون تأويل أو تفسير، ومشى الخلف على خلافه، فقال بعضهم إن العرش كناية عن ملك الله وسلطانه، وهو غير سديد لمنافاته ظاهر القرآن والحديث، لأنه إذا كان كما قيل فكيف نقنع بقول الله (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ) إلخ الآية المذكورة آنفا، وقوله تعالى (يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) الآية ١٨ من سورة المؤمن في ج ٢، أيقال يحملون ملكه وسلطانه؟
كلا، وهل كان موسى آخذا بقوائم الملك والسلطان في الحديث المار؟ كلا وما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم والبخاري عن جابر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه، فهل يقال اهتز ملكه وسلطانه؟ كلا لا يقال شيء من ذلك أصلا لأن ذلك أمر معنوي لا يحمل ولا يمسك ولا يهتز لذلك فلا يقوله من له أدنى مسكة من علم أو ذوق، فإن صاحب هذا القول على فرض صحته أراد به تنزيه الله تعالى على طريقة الخلف من كل ما يدل على المكان، لأنه جل ذكره لا يحويه مكان، ولكنه لم يصب الهدف، وإن ما قاله أهل الكلام من أنه مستدير محيط بالعالم، وأنه فلك من الأفلاك أو الفلك الأطلس أو الفلك التاسع، فليس بصحيح، لأن قولهم مبني على

صفحة رقم 183

الحدس والظن، كيف وقد ثبت أنه له قوائم وأنه محمول وممسوك، والفلك التاسع عندهم متحرك بحركة متشابهة وهو لا ثقيل ولا خفيف كما يزعمون، وقد جاء في صحيح مسلم في حديث جويرية بنت الحارث ما يدل على أن له زنة هي أثقل الأوزان، ولأن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب لا تفهم منه الفلك وما جاء في خبر أبي ذر عن جبير بن مطعم المتقدم ذكره من أنه مثل القبة، لا يستلزم أن يكون مستديرا محيطا كما قالوا، وهؤلاء القوم مازالوا قبلا والى اليوم والى أن ينفخ في الصور لا يقدرون على حصر الأفلاك بأنها تسعة، وان التاسع أطلس ولا كوكب فيه، وانه غير الكرسي علمت قال امية بن الصلت:

مجّدوا الله فهو للمجد أهل ربنا في السماء أمسى كبيرا
بالبناء العالي الذي بهر النا س وسوى فوق السماء سريرا
شرجعا لايناله طرف عين وترى حوله الملائك صورا
جمع اصور وهو المائل العنق لنظره الى العلو، والشرجع العالي المفرط بعلوه، واستوى بمعنى استولى على اكثر أقوال المفسرين أوضحناه في الآية ٥٤ من الأعراف المارة، ودللنا عليه بشواهد كثيرة اتباعا لغيرنا، الا أنه مع شواهده لا يطمئن له الضمير، كما أن ما جاء أنه بمعنى العلو والارتفاع في رواية البخاري، أو أنه بمعنى الاستقرار كما في قوله تعالى: (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) الآية ٤٤ من سورة هود، وبقوله تعالى (لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ) الآية ١٣ من الزخرف في ج ٢، ممنوع، لأنه مستحيل على الله تعالى، وذلك لأن الاستيلاء معناه حصول الغلبة بعد العجز وهو محال في حقه تعالى، ولأنه لا يقال استولى على كذا إلا إذا كان له منازع فيه: وهذا في حقّه تعالى محال أيضا، وإنما يقال استولى إذا كان المستولى عليه موجودا قبل، والعرش إنما حدث بتخليقه تعالى وتكوينه له، وأيضا الاستيلاء واحد بالنسبة إلى كل المخلوقات، فلا يبقى إلى تخصيص العرش بالذكر فائدة، لذلك فالأولى أن يفسر بما فسرناه هنا من أنه استواء يليق بذاته كما هو الحال في آيات الصفات، من المجيء، واليد، والقبضة، وغيرها، لأن

صفحة رقم 184

القانون الصحيح وجوب حمل كل لفظ ورد في القرآن العظيم على ظاهره، إلا إذا قامت الأدلة القطعية على وجوب الانصراف عن الظاهر، ولا داعي للتأويل بما قد يوجب الوقوع في الخطأ وزلة القدم. وانظر ما قاله السلف الصالح في هذا الباب. روى البيهقي بسنده عن عبد الله بن وهب أنه قال كنا عند مالك بن أنس، فدخل رجل فقال يا أبا عبد الله قال تعالى: (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فكيف استواؤه؟ قال فأطرق مالك وأخذته الرّحصاء (العرق الذي يحصل من أثر الحمى) ثم رفع رأسه فقال الرحمن على العرش استوى كما وصف نفسه، ولا يقال كيف، وكيف عنه مرفوع، وأنت رجل سوء صاحب بدعه، أخرجوه، فأخرج الرجل، وفي رواية سمي بن يحيى قال: كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، الرحمن على العرش استوى، فكيف استواؤه فأطرق مالك رأسه حتى علته الرحصاء ثم قال الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعا فأمر به أن يخرج. وروي عن علي عليه السلام أنه قال: الاستواء غير مجهول (لم يقل معلوما تأدبا، وكان مالك أخذ هذه الجملة عنه رضي الله عنه إن لم نقل أنها من توارد الخاطر) والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
وأخرج اللالكائي في كتاب السنة عن طريق الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها أنها قالت الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإقرار به ايمان، والجحود به كفر. وجاء من طريق ربيعة بن عبد الرحمن أنه سئل كيف استوى ربنا على العرش؟ فقال الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، وعلى الله تعالى إرساله، وعلى رسوله البلاغ، وعلينا التسليم، وروى البيهقي بسنده عن أبي عينية قال كل ما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته والسكوت عنه. قال البيهقي والآثار عن السلف في مثل هذا كثيرة واليه ذهب أبو حنيفة وأحمد بن حنبل والحسن بن الفضل الجبلي، ويدل عليه مذهب الشافعي ومشى عليه من المتأخرين أبو سليمان الخطابي، وأهل السنة يقولون في الاستواء على

صفحة رقم 185

العرش صفة لحمله بلا كيف، يجب على الرجل الايمان به ويكل العلم به الى الله، وروي عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيفية وعبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء أهل السنة أن هذه الآيات التي فيها الصفات المتشابهة تقرأ كما جاءت بلا كيف، هذا والذي ذهب اليه الإمام الرازي أن الاستواء بمعنى الاستيلاء، والاستيلاء بمعنى الاقتدار، وهو كما ترى وأقوال السنة وبعض العلماء في هذا الباب لا تحصى، وقد قدمنا غير مرة بأن طريقتنا في هذا التفسير الجليل حمل كل لفظ ورد في القرآن العظيم على ظاهره، إلّا إذا لم نتوصل لفهمه وورود الدليل القاطع النقلي والعقلي يصرفه عن ظاهره، فإنما نعدل عنه ضرورة ونرجع الى التأويل بما نقتبسه أولا من القرآن لأن في بعضه تفسيرا لبعض، ثم في الحديث لأن قول الرسول شرح له، ثم إلى أقوال الأصحاب الكرام الخزامى الذين قال بحقهم ﷺ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. لأنهم يغرفون من مشكاة النبوة ثم لأقوال أتباعهم من السلف الصالح ولأقوال العلماء المفسرين له الأمناء عليه الأتقياء الذين نور الله قلوبهم بمعرفته قال تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ) الآية ٢٨٤ من سورة البقرة في ج ٣، وقال تعالى (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) الآية ١٩ من سورة الأنفال في ج ٣ أيضا وقال تعالى (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) الآية ٦٤ من سورة الكهف في ج ٢ وقال جل قوله (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) الآية ٧٤ الآتية وهذا ما عليه السلف الصالح والخلف الناجح والاقتداء بهم أسلم، والأخذ بقولهم أحكم، والله أعلم الذي «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى» ٦ التراب الرطب الذي يظهر بعد حفر وجه الأرض، فإن الله تعالى مالك لجميع ذلك وما فوق السموات أيضا، ومتصرف فيه كيف يشاء، ولم يبق غير ذلك الا المالك «وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ» يا سيد الرسل أو تسر به على حد سواء «فَإِنَّهُ» مولاك ومالك أمرك «يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى» ٧ منه مما يخطر ببالك أو تتصوره في قلبك فيما بعد قبل تخطره وتصوره لأن السر موجود في صدرك أو لأن السر ما تسره للغير حالا، وهذا

صفحة رقم 186

مما لا يعلمه غيرك، لأنه لم تتفوه به أو ما أسررته لنفسك، والأخص ما ستسره فيما بعد، ولا تعلمه الا بعد أن يحوك في صدرك، لأن الله يعلم أنه سيحدث في سرك قبل أن تحس به، والأول أولى. تشير هذه الآية بأن الجهر ليس لإسماعه تعالى بل لفرض آخر من تصوير النفس بالذكر، ومنعها من الاشتغال بغيره قطعا للوسوسة، وهذا أولى من قول من قال إنه نهى عن الجهر كقوله تعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ) الآية ٢٠٤ من الأعراف المارة لان غايته الإرشاد وهضم النفس بالتضرع الى خالقها، وهذا المالك الجليل والعالم العظيم هو «اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» ٨ الدالة على معنى التقديس والتحميد والتبجيل لتعظيم الربوبية والأفعال التي هي نهاية في الحسن من الأسماء التي فضلت على سائر الأسماء، والله تعالى واحد في ذاته وان افترقت عبارات صفاته، وفيها رد على قول الكفرة القائلين حينما سمعوا حضرة الرسول يقول يا رحمن. إنك تنهانا عن تعدد الآلهة وتدعو آلهة متعددة. فأجابهم بأن الإله واحد وهو المعني بقوله لا إله إلا هو وإن له أسماء أخر، هنّ صفاته جل شأنه وعظمت صفاته، قال صلى الله عليه وسلم:
إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها وفي رواية من حفظها دخل الجنة وكلها موجودة في القرآن صراحة، ويوجد اسم آخر له مكنون في غيبه وعلمه يعلمه الراسخون في العلم وهو اسمه الأعظم الذي لا يرد من دعاه به، وهي هو الله لا إله إلا هو ١ الرحمن ٢ الرحيم ٣ الملك ٤ القدّوس ٥ السلام ٦ المؤمن ٧ المهيمن ٨ العزيز ٩ الجبار ١٠ المتكبر ١١ الخالق ١٢ البارئ ١٣ المصور ١٤ الغفار ١٥ القهار ١٦ الوهاب ١٧ الرزاق ١٨ الفتاح ١٩ العليم ٢٠ القابض ٢١ الباسط ٢٢ الخافض ٢٣ الرافع ٢٤ المعز ٢٥ المذل ٢٦ السميع ٢٧ البصير ٢٨ الحكم ٢٩ العدل ٣٠ اللطيف ٣١ الخبير ٣٢ الحليم ٣٣ العظيم ٣٤ الغفور ٣٥ الشكور ٣٦ العلي ٣٧ الكبير ٣٨ الحفيظ ٣٩ المغيث ٤٠ الحسيب ٤١ الجليل ٤٢ الكريم ٤٣ الرقيب ٤٤ المجيب ٤٥ الواسع ٤٦ الحكيم ٤٧ الودود ٤٨ المجيد ٤٩ الباعث ٥٠ الشهيد ٥١ الحق ٥٢ الوكيل ٥٣ القوي ٥٤ المتين ٥٥ الوليّ ٥٦

صفحة رقم 187

المجيد ٥٧ المحيي ٥٨ المميت ٥٩ المحصي ٦٠ المبدي ٦١ الباقي ٦٢ المعيد ٦٣ الحي ٦٤ القيوم ٦٥ الواجد ٦٦ الماجد ٦٧ الواحد ٦٨ الأحد ٦٩ الصمد ٧٠ المقتدر ٧١ القادر ٧٢ المقدم ٧٣ المؤخر ٧٤ الأول ٧٥ الآخر ٧٦ الظاهر ٧٧ الباطن ٧٨ الوالي ٧٩ المتعالي ٨٠ البر ٨١ التواب ٨٢ المنتقم ٨٣ العفو ٨٤ الرؤوف ٨٥ مالك الملك ٨٦ ذو الجلال والإكرام ٨٧ المقسط ٨٨ الجامع ٨٩ الغني ٩٠ المغني ٩١ المعطي ٩٢ المانع ٩٣ الضار ٩٤ النافع ٩٥ النور ٩٦ الهادي ٩٧ البديع ٩٨ الوارث ٩٩ الصبور ١٠٠ المرشد واعلم أن بعضهم لم يعد المعطى من الأسماء الحسنى، لذلك بلغت هنا ١٠٠ وبحذفه تبقى ٩٩ وسنأتي على معانيها في محالها كل في موضعه إن شاء الله من آيات الذكر الحكيم، فمن هذه الأسماء الدالة على المعاني الحسنة ما يستحقه الله تعالى بحقائقه كالقديم قبل كل شيء والباقي بعد كل شيء، والقادر على كل شيء، والعالم بكل شيء، والواحد الذي ليس كمثله شيء، ومنها ما تستحسنه الأنفس لآثارها، كالغفور والرحيم والشكور والحليم، ومنها ما يوجب التخلق به كالكرم والعفو والصبر والستر، ومنها ما يوجب مراقبة الأحوال كالسميع والبصير والمقتدر والرقيب، ومنها ما يوجب الإجلال كالعظيم والجبار والمتكبر والجليل. والله جل شأنه له أسماء غير هذه لا تعد ولا تحصى لأنه له في كل شيء اسم كما أن له في كل شيء آية على وحدانيته وعلى كل أحد حجة في معانيها، وقد سبق أن بينا في الآية ١٧٩ من سورة الأعراف المارة شيئا من هذا فراجعه. قال تعالى «وَهَلْ أَتاكَ» يا سيد الخلق «حَدِيثُ مُوسى» ٩ في بداية نبوته وما لاقاه من قومه عند إرساله إليهم.
مطلب فوائد تكرار القصص:
والقصد من تكرار هذه القصص ونحوها طورا باختصار، وتارة بإسهاب، ومرة بتوسط، أمور: (١) التفنن بالبلاغة لأن إفادة المعنى بالموجز منها بوجه أبلغ كإفادته بصورة مطنبة من نوع الإعجاز والتحدّي (٢) تسلية حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم

صفحة رقم 188

بإطلاعه على ما قاسته الأنبياء قبله من أقوامهم ليهون عليه ما يلاقيه من قومه (٣) أن تكون العاقبة بالنصر والظفر لحضرته كما كانت للأنبياء الذين يعلم بقصصهم على طريق البشارة (٤) إعلام قومه بأن ما يوحى اليه هو من الإخبار (بالغيب) وانه من الله حق لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب ولم يفارقهم ليظن به أنه تعلم أو سمعه من الغير (٥) أن يعلم حضرة الرسول أن الصبر على الشدائد وتحمل الأذى هو من شأن الأنبياء كلهم لا من خصائصه وحده. هذا، وقد سبق أن بيّنا فوائد التكرار وأسبابه في الآية ١٧ من الأعراف المارة فراجعها، واعلم أن قصة السيدين موسى وهرون مع قومهما وقصة آدم عليه السلام وإبليس عليه اللعنة تكررت في المكي والمدني من القرآن العظيم، أما قصص سائر الأنبياء فلم تكرر إلا بالمكي منه على التفصيل وقد يأتي ذكرها في المدني في بعض السور إشارة وإلماعا بسائق تعداد ما وقع للأنبياء مع قومهم وسياق تعداد فضائلهم وما منحهم الله من الكرامات، وسنأتي على بيان هذا ان شاء الله عند ذكر كل قصة «إِذْ رَأى ناراً» حال مجيئه وأهله من مدين بلدة شعيب عليه السلام وذهابه إلى مصر لزيارة أمه وأخيه «فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا» مكانكم هذا لا تبرحوه، وكان الوقت ليلا وشتاء باردا «إِنِّي آنَسْتُ» أبصرت ما يؤنس به ورأيت هناك «ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ» شعلة تستدنؤن بها، وقد جمع الضمير لأنه كان مع أهله ولد وخادم أو على طريق التفخيم كقوله:
وإن شئت حرمت النساء سواكم «أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً» ١٠ نهتدي به إلى الطريق لأنهم ضلّوه بسبب ظلمة الليل، وكأن الله تعالى أنطقه بهذا اللفظ إلى التوصل للهدى الحقيقي الذي هو سبب تشريفه بالنبوة العظمى والرسالة الكبرى، وكان كذلك لأنه عليه السلام لما قضى الأجل إلى عمه السيد شعيب كما سيأتي ذكره في الآية ٤٩ من سورة القصص الآتية فما بعدها، وتزوج ابنته وبقي مدة بعد زواجه بها، استأذنه بالرجوع إلى مصر بلده ومسقط رأسه فخرج بأهله ونعمه، وأخذ يمشي بهم على غير الطريق المسلوكة ليلا لئلا يتعرضه أحد لعدم أمن الطريق، وكانت امرأته في شهرها

صفحة رقم 189
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية