
انما يكون بان يفعل الساحر شيأ يعجز عن فعله وإدراكه المسحور عليه وفى كتاب اختلاف الائمة السحر رقى وعزائم وعقد تؤثر فى الأبدان والقلوب فيمرض ويقتل ويفرق بين المرء وزوجه وله حقيقة عند الائمة الثلاثة وقال الامام ابو حنيفة رحمه الله لا حقيقة له ولا تأثير له فى الجسم وبه قال ابو جعفر الاسترابادى من الشافعية وفى شرح المقاصد السحر اظهار امر خارق للعادة من نفس شريرة خبيثة بمباشرة اعمال مخصوصة يجرى فيها التعلم والتعليم وبهذين الاعتبارين يفارق المعجزة والكرامة وبانه لا يكون بحسب اقتراح المقترحين وبانه يخص الازمنة او الامكنة او الشرائط وبانه قد يتصدى المعارضة ويبذل الجهد فى الإتيان بمثله وبان صاحبه ربما يعلن بالفسق ويتصف بالرجس فى الظاهر والباطن والخزي فى الدنيا والآخرة وهو اى السحر عند اهل الحق جائز عقلا ثابت سمعا وكذا الاصابة بالعين وقال المعتزلة بل هو مجرد اراءة مالا حقيقة له بمنزلة الشعوذة التي سببها خفة حركات اليد او إخفاء وجه الحيلة وفيه لنا وجهان الاول يدل على الجواز والثاني يدل على الوقوع اما الاول فهو إمكان الأمر فى نفسه وشمول قدرة الله تعالى فانه هو الخالق وانما الساحر فاعل وكاسب وايضا فيه اجماع الفقهاء وانما احتلفوا فى الحكم واما الثاني فهو قوله تعالى يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ الى قوله فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وفيه اشعار بانه ثابت حقيقة ليس مجرد اراءة وتمويه وبان المؤثر والخالق هو الله تعالى وحده فان قيل قوله تعالى فى قصة موسى يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى يدل على انه لا حقيقة للسحر وانما هو تمويه وتخييل قلنا يجوز ان يكون سحرهم هو إيقاع ذلك التخييل وقد تحقق ولو سلم فكون اثره فى تلك الصورة هو التخييل لا يدل على انه لا حقيقة له أصلا ثم ان السحر خمسة انواع فى المشهور منها الطلسم قيل هو مقلوب المسلط وهو جمع الآثار السماوية مع عقاقير الأرض ليظهر منها امر عجيب ومنها النيرنج قيل هو معرب «نيرنك» وهو التمويه والتخييل قالوا ذلك تمزيج قوى جواهر الأرض ليحدث منها امر عجيب ومنها الرقية وهو الافسون معرب «آب سون» وهو النفث فى الماء وسمى به لانهم ينفثون فى الماء ثم يشربونه او يصبون عليه وانما سميت رقية لانها كلمات رقيت من صدر الراقي فبعضها فهويه وبعضها قبطية وبعضها بلا معنى يزعمون انها مسموعة من الجن او فى المنام ومنها الخلقطيرات وهى خطوط عقدت عليها حروف وإشكال اى حلق ودوائر يزعمون ان لها تأثيرات بالخاصية ومنها الشعبذة ويقال لها الشعوذة معرب «شعباذة» اسم رجل ينسب اليه هذا العلم وهى خيالات مبنية على خفة اليد وأخذ البصر فى تقليب الأشياء كالمشى على الإرسال واللعب بالمهارق والحقات وغير ذلك والمذهب ان التأثير الحاصل عقيب الكل هو فعل الله تعالى على وفق اجراء عادته ووجه الحكمة فيه لا يعلمه الا هو سبحانه قال الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر فى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر على الاستخراج خواص الأشياء فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ الفاء فصيحة اى فالقاه فوقع ما وقع
صفحة رقم 404
لا يجابها عدم إيثارهم فرعون عليه تعالى فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ جواب عن تهديده بقوله لاقطن اى فاصنع ما أنت صانعه او احكم فينا ما أنت فيه حاكم من القطع والصلب وفى التأويلات اى فاحكم واجر علينا ما قضى الله لنا فى الأزل من الشهادة إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا اى انما تصنع ما تهواه او تحكم بما تراه فى هذه الحياة الدنيا ومدة حياتنا فحسب فسيزول أمرك وسلطانك عن قريب وما لنا من رغبة فى عذبها ولا رهبة من عذابها [امروز بجور هر چهـ خواهى ميكن فردا بتو نيز هر چهـ خواهند كنند] إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا من الكفر والمعاصي ولا يؤاخذ بها فى الدار الآخرة لا ليمتعنا بتلك الحياة الفانية حتى نتأثر بما اوعدتنا به من القطع والصلب والمغفرة صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس. والخطايا جمع الخطية والفرق بينها وبين السيئة ان السيئة قد تقال فيما يقصد بالذات والخطية فيما يقصد بالعرض لانها من الخطأ وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ عطف على خطايانا اى ويغفر لنا السحر الذي عملناه فى معارضة موسى با كراهك وحشرك إيانا من المدائن القاصية خصوه بالذكر مع اندراجه فى خطاياهم إظهارا لغاية نفرتهم منه ورغبتهم فى مغفرته وَاللَّهُ خَيْرٌ اى فى ذاته وهو ناظر الى قولهم والذي فطرنا وَأَبْقى اى جزاء ثوابا كان او عقابا او خير لنا منك ثوابا ان اطعناه وأدوم عذابا منك ان عصيناه وفى التأويلات النجمية وَاللَّهُ خَيْرٌ فى إيصال الخير ودفع الشر منك وَأَبْقى خيره من خيرك وعذابه من عذابك قال الحسن سبحان الله لقوم كفارهم أشد الكافرين كفرا ثبت فى قلوبهم الايمان طرفة عين فلم يتعاظم عندهم ان قالوا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ فى ذات الله والله ان أحدهم اليوم ليصحب القرآن ستين عاما ثم انه ليبيع دينه بثمن حقير: قال الشيخ سعدى قدس سره
زيان ميكند مرد تفسير دان | كه علم ادب ميفروشد بنان |
كجا عقل با شرح فتوى دهد | كه اهل خرد دين بدنيا دهد |
بدين اى فرومايه دينى مخر | چوخرها بانجيل عيسى مخر |