
يَحْصُلُ التَّعَارُضُ. وَقُرِئَ كَيْدُ سَاحِرٍ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى أَنَّ مَا مَوْصُولَةٌ وَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى أَنَّهَا كَافَّةٌ وَقُرِئَ كَيْدُ سِحْرٍ بِمَعْنَى ذِي سِحْرٍ أَوْ ذَوِي سِحْرٍ أَوْ هُمْ لِتَوَغُّلِهِمْ فِي سِحْرِهِمْ كَأَنَّهُمُ السِّحْرُ بِعَيْنِهِ وَبِذَاتِهِ أَوْ بَيِّنُ الْكَيْدِ لِأَنَّهُ يَكُونُ سِحْرًا وَغَيْرَ سِحْرٍ، كَمَا يُبَيَّنُ الْمِائَةُ بِدِرْهَمٍ وَنَحْوُهُ عِلْمُ فِقْهٍ وَعِلْمُ نَحْوٍ، بَقِيَ سَؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: لِمَ وَحَّدَ السَّاحِرَ، وَلَمْ يَجْمَعْ. الْجَوَابُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي هَذَا الْكَلَامِ إِلَى مَعْنَى الْجِنْسِيَّةِ لَا إِلَى مَعْنَى الْعَدَدِ فَلَوْ جَمَعَ تُخِيَّلَ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْعَدَدُ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى أَيْ هَذَا الْجِنْسَ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: لِمَ نَكَّرَ أَوَّلًا ثُمَّ عَرَّفَ ثَانِيًا. الْجَوَابُ: كَأَنَّهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي أَتَوْا بِهِ قِسْمٌ وَاحِدٌ مِنْ أَقْسَامِ السِّحْرِ وَجَمِيعُ أَقْسَامِ السِّحْرِ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَبْلَغُ.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: قَوْلُهُ: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّاحِرَ لَا يَحْصُلُ لَهُ مَقْصُودُهُ بِالسِّحْرِ خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ السِّحْرِ بِالْكُلِّيَّةِ. الْجَوَابُ: الْكَلَامُ فِي السِّحْرِ وَحَقِيقَتُهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فَلَا وَجْهَ لِلْإِعَادَةِ واللَّه أعلم.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٠ الى ٧١]
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (٧٠) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (٧١)
اعْلَمْ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَلْقَى مَا فِي يَمِينِهِ وَصَارَ حَيَّةً تَلْقَفُ مَا صَنَعُوا وَظَهَرَ الْأَمْرُ فَخَرُّوا عِنْدَ ذَلِكَ سُجَّدًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا مِنْ عِلْمِ السِّحْرِ فَلَمَّا رَأَوْا مَا فَعَلَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ خَارِجًا عَنْ صِنَاعَتِهِمْ عَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ السِّحْرِ الْبَتَّةَ وَيُقَالُ: قَالَ رَئِيسُهُمْ كُنَّا نُغَالِبُ النَّاسَ بِالسِّحْرِ وَكَانَتِ الْآلَاتُ تَبْقَى عَلَيْنَا لَوْ غَلَبَنَا فَلَوْ كَانَ هَذَا سِحْرًا فَأَيْنَ مَا أَلْقَيْنَاهُ فَاسْتَدَلُّوا بِتَغَيُّرِ أَحْوَالِ الْأَجْسَامِ عَلَى الصَّانِعِ الْعَالِمِ الْقَادِرِ وَبِظُهُورِهَا عَلَى يَدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى كَوْنَهُ رَسُولًا صَادِقًا مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى، فَلَا جَرَمَ تَابُوا وَآمَنُوا وَأَتَوْا بِمَا هُوَ النِّهَايَةُ فِي الْخُضُوعِ وَهُوَ السُّجُودُ، أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ أنهم أجبروا على السجود إلا لَمَا كَانُوا مَحْمُودِينَ بَلِ التَّأْوِيلُ فِيهِ مَا قَالَ الْأَخْفَشُ وَهُوَ أَنَّهُمْ مِنْ سُرْعَةِ مَا سَجَدُوا كَأَنَّهُمْ أُلْقُوا، وَقَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» : مَا أَعْجَبَ أَمْرَهُمْ قَدْ أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ لِلْكُفْرِ والجحود، ثم ألقوا رؤوسهم بَعْدَ سَاعَةٍ لِلشُّكْرِ وَالسُّجُودِ. فَمَا أَعْظَمَ الْفَرْقَ بين الإلقاءين،
وروى أنهم لم يرفعوا رؤوسهم حَتَّى رَأَوُا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَرَأَوْا ثَوَابَ أَهْلِهَا.
وَعَنْ عِكْرِمَةَ: لَمَّا خَرُّوا سُجَّدًا أَرَاهُمُ اللَّه فِي سُجُودِهِمْ مَنَازِلَهُمُ الَّتِي يَصِيرُونَ إِلَيْهَا فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ أَرَاهُمْ عِيَانًا لَصَارُوا مُلْجَئِينَ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِهِ قَوْلُهُمْ: إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا [طه: ٧٣]. وَجَوَابُهُ: لَمَّا جَازَ لِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ قَطْعِهِ بِكَوْنِهِ مَغْفُورًا لَهُ أَنْ يَقُولَ: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي [الشُّعَرَاءِ: ٨٢] فَلِمَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ فِي حَقِّ السَّحَرَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ تُنَبِّهُ عَلَى أَسْرَارٍ عَجِيبَةٍ مِنْ أُمُورِ الرُّبُوبِيَّةِ وَنَفَاذِ الْقَضَاءِ الْإِلَهِيِّ وَقَدَرِهِ فِي جُمْلَةِ الْمُحْدَثَاتِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ ظُهُورَ تِلْكَ الْأَدِلَّةِ كَانَتْ بِمَرْأًى مِنَ الْكُلِّ وَمَسْمَعٍ فَكَانَ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِيهَا جَلِيًّا ظَاهِرًا وَهُوَ أَنَّهُ حَدَثَتْ أُمُورٌ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُؤَثِّرٍ وَالْعِلْمُ بِذَلِكَ ضَرُورِيٌّ، وَذَلِكَ الْمُؤَثِّرُ إِمَّا الْخَلْقُ، وَإِمَّا غَيْرُهُمْ. وَالْأَوَّلُ بَدِيهِيُّ الْبُطْلَانِ لِأَنَّ كُلَّ

عَاقِلٍ يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى إِيجَادِ الْحَيَوَانَاتِ وَتَعْظِيمِ جُثَّتِهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يُصَغِّرُهَا مَرَّةً أُخْرَى كَمَا كَانَتْ وَهَذِهِ الْعُلُومُ الْجَلِيَّةُ مَتَى حَصَلَتْ فِي الْعَقْلِ أَفَادَتِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُدَبِّرٍ لِهَذَا الْعَالَمِ، فَمَاذَا يَقُولُ أَلَا تَرَى أَنَّ أُولَئِكَ الْمُنْكِرِينَ جَهِلُوا صِحَّةَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ وَهَذَا فِي نِهَايَةِ الْبُعْدِ، لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ارْتِيَابُ الْعَاقِلِ فِيهِ وَإِذًا فَقَدْ عَرَفُوا صِحَّتَهَا لَكِنَّهُمْ أَصَرُّوا عَلَى الْجَهْلِ وَكَرِهُوا تَحْصِيلَ الْعِلْمِ وَالسَّعَادَةِ لِأَنْفُسِهِمْ وَأَحَبُّوا تَحْصِيلَ الْجَهْلِ وَالشَّقَاوَةِ لِأَنْفُسِهِمْ مَا أَرَى أَنَّ عَاقِلًا يَرْضَى بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ قَطُّ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يُقَالَ: الْعَقْلُ وَالدَّلِيلُ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مُدَبِّرٍ يَخْلُقُ هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الْقُلُوبِ، وَيَخْلُقُ الشُّعُورَ بِكَيْفِيَّةِ تَرْتِيبِهَا وَبِكَيْفِيَّةِ اسْتِنْتَاجِهَا/ لِلنَّتِيجَةِ حَتَّى إِنَّهُ مَتَى فَعَلَ ذَلِكَ حَصَلَتِ النَّتَائِجُ فِي الْقُلُوبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ فَإِنَّهُ لَا اعْتِمَادَ عَلَى الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ فِي مَجَارِيهَا وَتَصَرُّفَاتِهَا وَمَنْ طَرَحَ التَّعَصُّبَ عَنْ قَلْبِهِ وَنَظَرَ إِلَى أَحْوَالِ نَفْسِهِ فِي مَجَارِي أَفْكَارِهِ وَأَنْظَارِهِ ازْدَادَ وُثُوقًا بِمَا ذَكَرْنَاهُ. أَمَّا قَوْلُهُ: قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى فَاعْلَمْ أَنَّ التَّعْلِيمِيَّةَ احْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَالُوا: إِنَّهُمْ آمَنُوا باللَّه الَّذِي عَرَفُوهُ مِنْ قِبَلِ هَارُونَ وَمُوسَى فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّه لَا تُسْتَفَادُ إِلَّا مِنَ الْإِمَامِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ بَلْ فِي قَوْلِهِمْ: آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى فَائِدَتَانِ سِوَى مَا ذَكَرُوهُ.
الْفَائِدَةُ الْأُولَى: وَهِيَ أَنَّ فِرْعَوْنَ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ فِي قَوْلِهِ: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النَّازِعَاتِ: ٢٤] وَالْإِلَهِيَّةَ فِي قَوْلِهِ: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [الْقَصَصِ: ٣٨] فَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا: آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ لَكَانَ فِرْعَوْنُ يَقُولُ:
إِنَّهُمْ آمَنُوا بِي لَا بِغَيْرِي فَلِقَطْعِ هَذِهِ التُّهْمَةِ اخْتَارُوا هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ قَدَّمُوا ذِكْرَ هَارُونَ عَلَى مُوسَى لِأَنَّ فِرْعَوْنَ كَانَ يَدَّعِي رُبُوبِيَّتَهُ لِمُوسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ رَبَّاهُ فِي قَوْلِهِ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً [الشُّعَرَاءِ: ١٨] فَالْقَوْمُ لَمَّا احْتَرَزُوا عَنْ إِيهَامَاتِ فِرْعَوْنَ لَا جَرَمَ قَدَّمُوا ذِكْرَ هَارُونَ عَلَى مُوسَى قَطْعًا لِهَذَا الْخَيَالِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ أَنَّهُمْ لَمَّا شَاهَدُوا أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَصَّهُمَا بِتِلْكَ الْمُعْجِزَاتِ الْعَظِيمَةِ وَالدَّرَجَاتِ الشَّرِيفَةِ لَا جَرَمَ قَالُوا: رَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى لِأَجْلِ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا شَاهَدَ مِنْهُمُ السُّجُودَ وَالْإِقْرَارَ خَافَ أَنْ يَصِيرَ ذَلِكَ سَبَبًا لِاقْتِدَاءِ سَائِرِ النَّاسِ بِهِمْ فِي الْإِيمَانِ باللَّه تَعَالَى وَبِرَسُولِهِ فَفِي الْحَالِ أَلْقَى شُبْهَةً أُخْرَى فِي النَّبِيِّ فَقَالَ:
آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ وَهَذَا الْكَلَامُ مُشْتَمِلٌ عَلَى شُبْهَتَيْنِ. إِحْدَاهُمَا:
قَوْلُهُ: آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ غَيْرُ جَائِزٍ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْبَحْثِ وَالْمُنَاظَرَةِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِالْخَوَاطِرِ، فَلَمَّا لَمْ تَفْعَلُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَلْ فِي الْحَالِ: آمَنْتُمْ لَهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ إِيمَانَكُمْ لَيْسَ عَنِ الْبَصِيرَةِ بَلْ عَنْ سَبَبٍ آخَرَ. وَثَانِيهَا: قَوْلُهُ: إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ يَعْنِي أَنَّكُمْ تَلَامِذَتُهُ فِي السِّحْرِ فَاصْطَلَحْتُمْ عَلَى أَنْ تُظْهِرُوا الْعَجْزَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَرْوِيجًا لِأَمْرِهِ وَتَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ، ثُمَّ بَعْدَ إِيرَادِ الشُّبْهَةِ اشْتَغَلَ بِالتَّهْدِيدِ تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنِ الْإِيمَانِ وَتَنْفِيرًا لِغَيْرِهِمْ عَنِ الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ قُرِئَ لَأَقْطَعَنَّ وَلَأَصْلِبَنَّ بِالتَّخْفِيفِ. وَالْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَنْ تُقْطَعَ الْيَدُ الْيُمْنَى وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْعُضْوَيْنِ خِلَافُ الْآخَرِ، فَإِنَّ هَذَا يَدٌ وَذَاكَ رِجْلٌ وَهَذَا يَمِينٌ وَذَاكَ شِمَالٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ خِلافٍ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ أَيْ: لَأُقَطِّعَنَّهَا مُخْتَلِفَاتٍ لِأَنَّهَا إِذَا خَالَفَ بَعْضُهَا بَعْضًا فَقَدِ اتَّصَفَتْ بِالِاخْتِلَافِ ثُمَّ قَالَ: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ فَشَبَّهَ تَمَكُّنَ الْمَصْلُوبِ فِي الجذع يتمكن الشَّيْءِ الْمُوعَى فِي وِعَائِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَالَّذِي يُقَالُ فِي الْمَشْهُورِ أَنَّ فِي بِمَعْنَى عَلَى فَضَعِيفٌ ثُمَّ قَالَ: وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا