آيات من القرآن الكريم

فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ
ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﰿ

و (المثلى)] (١) نعت للطريقة. ولا إشكال على هذا القول، و (المثلى) تأنيث الأمثل، بمعنى: الأفضل، وبمعنى: الأظهر (٢).
٦٤ - قوله تعالى: ﴿فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ﴾ قال الفراء: (الإجماع: الأحكام والعزيمة على الشيء، تقول: أجمعت الخروج، وعلى الخروج، مثل: أزمعت، وأنشد (٣):

يا لَيْتَ شِعْرِي والمُنَى لا تَنْفَع هَلْ أَغْدُون يَومًا وأَمْرِي مُجْمَعُ
يريد قد أحكم وعزم عليه) (٤).
وقال أبو إسحاق: (معناه: ليكن عزمكم كلكم على الكيد مُجْمَعًا لا تختلفوا) (٥). ومضى الكلام معنى الإجماع عند قوله: ﴿فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ﴾ [يونس: ٧١]. وقرا أبو عمرو: فاجْمَعوا (٦)، موصولًا من الجمع، وحجته
(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل ومن نسخة (ص).
(٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٨٥، "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٤.
(٣) لم أهتد إلى قائله. وذكرته كتب التفسير واللغة بلا نسبة.
انظر: "جامع البيان" ١٦/ ١٨٣، "النكت والعيون" ٣/ ٤١٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٢/ ١٢١، "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٨، "وضح البرهان في مشكلات القرآن" ٢/ ٦٤، "تهذيب اللغة" (جمع) ١/ ٦٥٢، "لسان العرب" (جمع) ٢/ ٦٨١، "نوادر أبي زيد" ص ١٣٣، "إصلاح المنطق" ص ٢٦٣.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٨٥.
(٥) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٥.
(٦) قرأ: نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحمزة، والكسائي وعاصم: (فَأجْمِعوا) بقطع الألف وكسر الميم. وقرا أبو عمرو البصري: (فَاجمَعوا) بوصل الألف وفتح الميم.
انظر: "السبعة" ص ٤١٩، "الحجة للقراء السبعة" ص ٢٣٢، "المبسوط في القراءات" ص ٢٤٩، "التبصرة" ص ٢٦٠.

صفحة رقم 453

قوله: ﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ [طه: ٦٠].
قال الفراء: (معناه: فلا تَدعوا من كيدكم شيئًا إلا جئتم به) (١).
وقال الزجاج: (جيئوا بكل ما تقدرون عليه، ولا تبقوا منه شيئًا) (٢). واختار الأخفش هذه القراءة وقال: (إنما يقولون بالقطع إذا قالوا: أجمعنا على كذا وكذا، فأما إذا قالوا: أجمعوا أمركم، وأجمعوا شركأكم، فلا يقولون إلا بالوصل. والقطع أكثر القراءة، ولعله لغة في جمع؛ لأنّ داب فَعَلت وأَفْعلت كثير) (٣).
قال أبو علي: (يشبه أن يكون ذلك على لغتين، كما ظنه أبو الحسن، كقول الشاعر) (٤) (٥):

وأَنْتُمُ مَعْشَرٌ زيدٌ عَلَى مِائَةٍ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ طُرًّا فَكِيْدُوني
وقال الهذلي (٦):
(١) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٨٥.
(٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٥.
(٣) ذكر نحوه "معاني القرآن" للأخفش ٢/ ٥٧١، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٣٢.
(٤) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٣٢.
(٥) البيت لذي الإصبع العدواني.
مَعْشَر: المعشر الجمع ولا واحد له من لفظه، ومعشر الرجل أهله. طُرًّا: جمعًا. انظر: "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٣٣، "شرح المفصل" ١/ ٣٠، "لسان العرب" (عشر) ٥/ ١٢٩٥، "مجمع البيان" ٧/ ٢٩.
(٦) البيت لأبي ذؤيب الهذلي يصف حُمرًا.
الجَزْع، ونُبَاع، وأُولاَت ذِى العَرجَاء: أسماء أماكن. والنَّهَب المُجْمَع: إبل القوم التي أغار عليها اللصوص، وكانت متفرقة في مراعيها فجمعوها من كل ناحية حتى اجتمعت لهم ثم طردوها وساقوها.
انظر: "شرح أشعار الهذليين" ١/ ١٧، "المفصليات" ص ٤٢٣، "الجامع لأحكام =

صفحة رقم 454

فَكَأَنَّهَما بالجِزْعِ بَيْنَ نُبَايعٍ وَأَولاَتِ ذِي العَرْجَاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ
أي: مجموع، وهذا فيما يتواصى به السحرة من جمع كيدهم، وما يستظهرون به من المبالغة في سحرهم.
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾ قال أبو عبيدة: (الصف: موضع الجمع، ويسمى المصلّى: الصف، يقال: هل أتيت الصف اليوم؟ أي: المصلّى الذي يصلى فيه. قال: وقد يكون على المصدر، كما تقول: جاءوني صفًا أي: مصطفين) (١).
وذكر أبو إسحاق الوجهين فقال: (معناه: ثم ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم، يقال: أتيت صَفا بمعنى أتيت المصَلّى، قال: ويجوز أن يكون ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾ أي: مصطفين مجتمعين ليكون أنظم (٢) لأموركم وأشد لهيئتكم) (٣).
والمفسرون يقولون في قوله: ﴿ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا﴾: (جميعًا)، قاله مقاتل، والكلبي، وابن عباس في رواية عطاء (٤). وهو بمعنى: مصطفين ﴿وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ قال ابن عباس: (يريد قد سعد اليوم من غلب) (٥).
= القرآن" ١١/ ٢٢٠، "تهذيب اللغة" (جمع) ١/ ٦٥٢، "لسان العرب" (جمع) ٢/ ٦٧٨.
(١) "مجاز القرآن" لأبي عبيدة ٢/ ٢٣.
(٢) قوله: (ليكون أنظم)، ساقط من نسخة (س).
(٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٦٥.
(٤) "الكشف والبيان" ٣/ ٢١ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٨٣، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٢١، "تفسير مقاتل" ٤ أ.
(٥) "زاد المسير" ٥/ ٣٠١، وذكره الطبري في "تفسيره" ١٦/ ١٨٤ بدون نسبة.

صفحة رقم 455
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية