آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ
ﮇﮈﮉﮊﮋﮌ

الأغذية، وهي تنتهي إلى النبات، وهي إنما تحدث من امتزاج الماء والتراب.
والمعنى: أي ومن الأرض خلقنا النطفة المتولدة من الأغذية، التي تكونت منها بوسائط، إذ الغذاء إما حيواني، وإما نباتي، والحيواني: ينتهي إلى نباتي، والنبات إنما يحدث من امتزاج الماء التراب ﴿وَفِيهَا﴾؛ أي: وفي الأرض ﴿نُعِيدُكُمْ﴾ بعد مماتكم، فتصيرون ترابًا كما كنتم قبل نشأتكم، أو بالدفن (١) في الموضع الذي أُخذ ترابكم منه، وإيثار كلمة (في) دون (إلى): للدلالة على الاستقرار، والعود: الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، إما انصراف بالذات، أو بالقول والعزيمة، وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره.
﴿وَمِنْهَا﴾؛ أي: ومن الأرض ﴿نُخْرِجُكُمْ﴾ بعد مماتكم بالبعث والنشور، وتاليف أجزائكم المتفِّتة، المختلطة بالتراب، على الهيئة السابقة قبل الموت، ورد أرواحكم إليها ﴿تَارَةً أُخْرَى﴾؛ أي: مرةً أخرى، وكون (٢) هذا الإخراج ﴿تَارَةً أُخْرَى﴾ باعتبار أن خلقهم من الأرض: إخراج لهم منها، وإن لم يكن على نهج التارة الثانية، والتارة في الأصل: اسم للتور الواحد، وهو: الجريان، ثم أُطلق على كل فعلة واحدة من الفعلات المتجددة، كما مر في المَرَّة.
٥٦ - ﴿وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ﴾ أي: وعزتي وجلالي، لقد بصَّرنا فرعون وعرفناه ﴿آيَاتِنَا﴾ ودلائل قدرتنا، الدالة على وحدانيتنا، وعلى صدق موسى، على يدي موسى من العصا، واليد، وغيرهما، والمراد بالآيات: هي الآيات التسع المذكورة في قوله: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ﴾ على أن الإضافة فيه عهدية، وقيل (٣): المراد جميع الآيات التي جاء بها موسى، والتي جاء بها غيره من الأنبياء، وأن موسى قد كان عرَّفه جميع معجزاته ومعجزات سائر الأنبياء، والأوَّل أولى ﴿كُلَّهَا﴾؛ أي: كل الآيات تأكيد لشمول الأنواع ﴿فَكَذَّبَ﴾ بالآيات كلها من فرط عناده، من غير تردد وتأخير، وزعم أنها سحر ﴿وَأَبَى﴾ عن قبولها لعتوه، والإباء: شدة الامتناع، فكل إباء امتناع، وليس كل امتناع إباء، وهذا يدل على أن كفر فرعون كفر عناد؛ لأنه رأى

(١) روح البيان.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.

صفحة رقم 321
حدائق الروح والريحان في روابي علوم القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأرمي العلوي الهرري الشافعي
راجعه
هاشم محمد علي مهدي
عدد الأجزاء
1