آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَىٰ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌ ﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ ﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅ ﰿ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ

وقوله تعالى:

فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ الآية جُمْلَةَ ما دُعي إليه فرعون الإيمان، وإرْسال بني إسْرَائِيل، وأَما تعذِيبُه بني إسْرَائيل، فبذبح أَولادِهم، وتسخِيرهم وإذْلاَلهم.
وقولهما: وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى يحتمل أنْ يكون آخر كلام فيقوى أنْ يكون السلامُ بمعنى التَّحِيَّة كأَنَّهما رَغِبَا بها عنه، وجَرَيَا على العُرْف في التسلِيم عند الفَرَاغِ مِنَ القول.
ويحتمل أَنْ يكون في دَرْجِ القول، فيكون خبراً بأن السلامة للمهتدين، وبهذين المعنيين قالت كلّ فرقة من العلماء.
وقوله سبحانه: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ قالت فرقة: المعنى أَعطى كل موجود من مخلوقاتِه خلْقته، وصورته، أي: أكمل ذلك له، وأتقنه ثُمَّ هَدى، أي: يسّر كُلَّ شيء لمنافعه وهذا أحسنُ ما قيل هنا، وأشرف معنىً وأعم في الموجودات.
وقول فرعونَ: فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى يحتمل أن يريد ما بال القرون الأولى لم تبعث لها، ولم يوجدْ أمرك عندها؟ ويحتمل أن يريد فرعون قطعَ الكلام، والرجوعَ إلى/ ١٠ ب سؤال موسى عن حالة مَنْ سلف من الأمم روغاناً في الحجّة، وحَيْدَةً.
وقيل: البالُ: الحالُ، فكأنه سأله عن حالهم، وقولُ موسى [عليه السلام] : عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ يريد في اللّوح المحفوظ، ولا يَضِلُّ: معناه لا ينتلف ويعمه، «والأزواج» هنا: بمعنى الأنواع.
وقوله: شَتَّى نعت للأزواج، أي: مختلفة.
وقوله كُلُوا وَارْعَوْا بمعنى هي صالحةٌ للأكل والرعي، فأخرج العبارة في صيغة الأمر لأنه أرجى الأفعال، وأهزها للنفوس. والنُّهى جمع نُهْيَةٍ، والنُّهْيَةُ: العَقْلُ النَّاهِي عن القبائح.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ٥٥ الى ٦٦]
مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى (٥٥) وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى (٥٦) قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى (٥٧) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً (٥٨) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (٥٩)
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى (٦٠) قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى (٦١) فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤)
قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (٦٥) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (٦٦)

صفحة رقم 57

وقوله سبحانه: مِنْها خَلَقْناكُمْ يريد من الأَرض وَفِيها نُعِيدُكُمْ أَيْ: بالموت، والدفن. وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ أيْ: بالبعث ليوم القيامة.
وقوله: وَلَقَدْ أَرَيْناهُ آياتِنا إخبار لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم.
وقوله كُلَّها عائد على الآيات التي رآها فرعون، لا أنه رأى كلَّ آية للَّه عز وجل وإنما المعنى: أن اللَّه أراه آيات ما كاليد، والعصا، والطّمْسة، وغير ذلك. وكانت رؤيتُه لهذه الآياتِ مستوعبة يرى الآياتِ كلَّها كاملةً. ومعنى سُوىً أَيْ: عَدْلاً ونصفَه، أي:
حالنا فيه مُستَوِيَة.
وقالت فرقة: معناه مستوياً من الأرض لا وهْدَ فيه، ولا نشز، فقال موسَى:
مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وروي أَنَّ يوم الزينة كان عيداً لهم، ويوماً مشهوراً.
وقيل: هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم.
وقوله: وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ عطفاً على الزِّينَةِ فهو في موضع خفض.
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ أي: جمع السحرةَ، وأمرهم بالاِسْتعدَادِ لموسى، فهذا هو كيدُه.
ثُمَّ أَتى فرعونُ بجمعه، فقال موسى للسحرة: وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً وهذه مُخَاطَبةُ مُحَذّر «١»، وندبَهم في هذه الآية إلى قول الحق إذا رأوه، وألّا يباهتوا بكذب فَيُسْحِتَكُمْ أيّ: فيهلككم، ويذهبكم، فلما سمع السَّحَرَةُ هذه المقالةَ، هالهم هذا المنزع، ووقع في نفوسهم من هَيْبتِه شديد الموقع. وفَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ والتنازُعُ يقتضي اختلافا كان بينهم في السرِّ فقائلٌ منهم يقول: هو محقٌّ، وقائل يقول: هو مُبْطل، ومعلوم أن جميع تناجيهم إنما كان في أمر موسى عليه السلام والنَّجْوى المسارة، أي: كل واحد يناجي مَنْ يليه سِرّاً مخافةً من فرعون أن يتبين له فيهم ضعف.

(١) في ج: محذور.

صفحة رقم 58

وقالت فرقة: إنما كان تناجِيهم بالآية التي بعد هذا.
إِنْ هذانِ لَساحِرانِ قرأ نافعٌ، وابنُ عامرٍ، وحمزةُ والكسائيُّ «١» :«إِنْ هذانِ لَساحِرانِ» فقالت فرقةٌ: قوله: «إِن» بمعنى: نعم كما قال صلى الله عليه وسلّم إن الحمدُ للَّه، برفع الحمد.
وقالت فرقةٌ: إنّ هذه القراءةَ على لغةِ بَلْحَارِث بن كعْب، وهي إبقاء ألف التثنية في حال النَّصْبِ، والخِفْضِ، وتعزى هذه اللغة لكِنَانةَ، وتُعْزى لخثْعَم.
وقال الزجاج «٢» : في الكلام ضميرٌ تقديره: إنه هذان لساحران وقرأ أبو عَمْرو وَحْدَه: «إنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَانِ».
[وقرأ ابنُ كثيرٍ: «إنْ هَذَانِّ لسَاحِرَانِّ» بتخفيف إنَّ، وتشديد نون هذان لساحران]. «٣».
وقرأ حفصٌ عن عاصِمٍ: «إنْ» بالتخفيف «هَذَانِ» خفيفة أَيْضاً «لَسَاحِرَانِ».
وعبّر كَثيرٌ من المفسرين عن الطريقة بالسادة أهْل العَقْل والحِجَا وحكوا/ أن ١١ أالعرب تقول: فلان طريقة قومه، أي: سيدهم، والأظهر في الطريقة هنا أَنها السِّيرة، والمملكة، والحال الّتي كانوا عليها.
والْمُثْلى تأنِيث أَمثل، أي: الفاضلة الحسنة.
وقرأَ جمهورُ «٤» القرَّاء: «فأَجْمِعوا» : بقطْع الهمزة، وكسْرِ الميم على معنى:
انفذوا «٥»، واعزموا.

(١) ينظر: «السبعة» (٤١٩)، و «الحجة» (٥/ ٢٢٩)، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٦)، و «معاني القراءات» (٢/ ١٤٩)، و «شرح الطيبة» (٥/ ٤٤)، و «العنوان» (١٢٩)، و «حجة القراءات» (٤٥٤)، و «شرح شعلة» (٤٩٢)، و «إتحاف» (٢/ ٢٤٨- ٢٤٩).
(٢) ينظر: «معاني القرآن» (٣/ ٣٦١).
(٣) سقط في ج.
(٤) ينظر «المحرر الوجيز» (٤/ ٥١)، و «البحر المحيط» (٦/ ٢٣٩)، و «الدر المصون» (٥/ ٣٧)، و «السبعة» (٤١٩، ٤٢٠)، و «الحجة» (٥/ ٢٣٢)، و «إعراب القراءات» (٢/ ٤٠)، و «معاني القراءات» (٢/ ١٥١)، و «شرح الطيبة» (٥/ ٤٥)، و «العنوان» (١٣٠)، و «حجة القراءات» (٤٥٦)، و «شرح شعلة» (٤٩٣)، و «إتحاف» (٢/ ٢٥٠).
(٥) في ج: انفروا.

صفحة رقم 59
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي
تحقيق
عادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1418
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية