آيات من القرآن الكريم

الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌ

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (إِلا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى) قال: الذي أنزلناه عليك تذكرة لمن يخشى.
فمعنى الكلام إذن: يا رجل ما أنزلنا عليك هذا القرآن لتشقى به، ما أنزلناه إلا تذكرة لمن يخشى.
وقد اختلف أهل العربية في وجه نصب تذكرة، فكان بعض نحويي البصرة يقول: قال: إلا تذكرة بدلا من قوله لتشقى، فجعله: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة، وكان بعض نحويي الكوفة يقول: نصبت على قوله: ما أنزلناه إلا تذكرة، وكان بعضهم ينكر قول القائل: نصبت بدلا من قوله (لِتَشْقَى) ويقول: ذلك غير جائز، لأن (لِتَشْقَى) في الجحد، و (إِلا تَذْكِرَةً) في التحقيق، ولكنه تكرير، وكان بعضهم يقول: معنى الكلام: ما أنزلنا عليك القرآن إلا تذكرة لمن يخشى، لا لتشقى.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿تَنزيلا مِمَّنْ خَلَقَ الأرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلا (٤) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (٥) ﴾
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: هذا القرآن تنزيل من الربّ الذي خلق الأرض والسموات العلى، والعُلَى: جمع عليا.
واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله (تَنزيلا) فقال بعض نحويي البصرة: نصب ذلك بمعنى: نزل الله تنزيلا وقال بعض من أنكر ذلك من قيله هذا من كلامين، ولكن المعنى: هو تنزيل، ثم أسقط هو، واتصل بالكلام الذي قبله، فخرج منه، ولم يكن من لفظه.
قال أبو جعفر: والقولان جميعا عندي غير خطأ.
وقوله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) يقول تعالى ذكره: الرحمن على عرشه ارتفع وعلا.
وقد بيَّنا معنى الاستواء بشواهده فيما مضى وذكرنا اختلاف المختلفين فيه فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع. وللرفع في الرحمن وجهان: أحدهما بمعنى قوله: تنزيلا فيكون معنى الكلام: نزله من خلق الأرض والسموات، نزله

صفحة رقم 270
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية