
يقال: وَنَى، يَنِي، وَنْيًا، ووَانٍ إذا ضعف (١). قال العجاج (٢):
فَمَا وَنَى مُحَمَد مُذْ أَنْ غَفَر | لَه الإِلَه مَا مَضَى ومَا غَبَر |
وقوله تعالى: ﴿فِي ذِكْرِي﴾ قال الفراء: (في ذكري، وعن ذكري سواء) (٣). والمعنى: لا تقصرا في ذكري بالإحسان إليكما والإنعام عليكما. وذكر النعمة شكرها.
٤٣ - قوله تعالى: ﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ﴾ تكرير الأمر بالذهاب للتأكيد. ﴿إنه طغى﴾ قد مر في هذه السورة (٤).
٤٤ - ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا﴾ ذكر ابن عباس فيه قولين: أحدهما: (كنياه) (٥)، وهو قول عكرمة، والسدي (٦).
واختلفوا في كنيته فقيل: أبو العباس، وأبو الوليد، وأبو مرة (٧).
(٢) البيت لرؤبة بن العجاج. انظر: "ديوانه" ص ١٥، "جامع البيان" ١٦/ ١٦٩، "النكت والعيون" ٣/ ٤٠٤.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٧٩.
(٤) عند قوله سبحانه: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ [طه: ٢٤].
(٥) "زاد المسير" ٥/ ٢٨٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٠٠، "الدر المنثور" ٤/ ٥٣٦، "روح المعاني" ١٦/ ١٩٥.
(٦) "جامع البيان" ١٦/ ١٦٩، "الكشف والبيان" ١٨/ ٣ أ، "النكت والعيون" ٣/ ٤٠٥، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٤.
(٧) الكشف والبيان" ٣/ ١٨ أ، "النكت والعيون" ٣/ ٤٠٥، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٤، "زاد المسير" ٥/ ٢٨٨.

والثاني: (أن القول اللين هو: أن موسى أتاه فقال له: تسلم وتؤمن بما جئت به، وتعبد رب العالمين على أن لك شبابك فلا تهرم إلى الموت، وملكًا لا ينزع منك حتى تموت، ولا ينزع منك لذة المطعم والمشرب والنكاح حتى تموت، وينسى في أجلك أربع مائة سنة، فإذا مت دخلت الجنة) (١). فهذه الكلمات اللينات التي أتى بها موسى فرعون، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء، وأبي صالح السدي عن أبي مالك، ومرة عن ابن مسعود، وناس من الصحابة (٢).
وقال مقاتل: يعني بالقول اللين: ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات: ١٩، ١٨] (٣).
وقوله تعالى: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ أي: ادعوه على الرجاء والطمع، لا على الناس من فلاحه، فوقع التعبد لهما على هذا الوجه؛ لأنه أبلغ في دعائه إلى الحق بالحرص الذي يكون من الراجي (٤).
وقد كشف أبو إسحاق عن هذا المعنى فقال: (خاطب الله العباد بما
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٤، "زاد المسير" ٥/ ٢٨٨.
(٣) "الكشف والبيان" ٣/ ١٨ أ، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٤، "تفسير مقاتل" ٢ أ. وقال القرطبي -رحمه الله- في "تفسيره" ١١/ ٢٠٠: القول اللين هو: القول الذي لا خشونة فيه، يقال: لان الشيء يلين لينا، وشيء لين ولين مخفف منه، والجمع أليناء، فإذا كان موسى أمر بأن يقول لفرعون قولاً لينا، فمن دونه أحرف بأن يقتدى بذلك في خطابه، وأمره بالمعروف في كلامه.
(٤) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٧٥، "المحرر الوجيز" ١٠/ ٣٣، "القرطبي" ١١/ ٢٠٠.