آيات من القرآن الكريم

قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي
ﯗﯘﯙﯚﯛ

(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) شرح الصدر توسعته حسا، وما طلب توسعته حسا، إنما طلب أن يكون عنده قدرة على احتمال الرأي الذي يخالفه، وألا يكون صدره ضيقا حرجا بمن يخالفه، بل تكون عنده أناة الصابرين،

صفحة رقم 4718

وإن موسى كان يضيق ذرعا بكل من يخالفه: ولعل ذلك لأنه نشأ ونما في قوم مقهورين يُقتل أبناؤهم، وتُستحيا نساؤهم، ومن التربية الأولى في بيت فرعون، ولأنه كان يحس بأنه وقومه مظلومون، (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥) قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٦) قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩).
ونفس موسى الكليم الشفافة أدركت عيوبها فطلب من ربه أن يبرئه منها عالما أنه سيلقى من فرعون عنتا، ولابد أن يلقاه بقلب قوي غير ضجر، ولا سائم، ليتحمل ما حمله، فطلب أن يشرح صدره بجعله قادرا على احتمال المخالفة، بل المعاندة والمهاترة فقال: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي).
الأمر الثاني - أنه أحس بأنه مقدم على أمر خطير جسيم ليس هيِّنا لينا، هو مجابهة فرعون جبار الدنيا، وطاغية عصره، فطلب أن يسهل أمره معه فقال:

صفحة رقم 4719
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية