آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆ ﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎ ﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ ﯗﯘﯙﯚﯛﯜ ﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

آخرها حتى يتكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم بأولها مخافة أن ينساها، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(٩٨٠) والثاني: أن رجلاً لطم امرأته، فجاءت إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم تطلب القصاص، فعجّل رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينهما القصاص، فنزلت هذه الآية، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى نزل قوله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ «١»، قاله الحسن البصري.
قوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وقرأ ابن مسعود، والحسن، ويعقوب، «نَقْضِيَ» بالنون وكسر الضاد وفتح الياء «وَحْيَه» بنصب الياء.
وفي معنى الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: لا تعجل بتلاوته قبل أن يفرغ جبريل من تلاوته تخاف نسيانه، هذا على القول الأول. والثاني: لا تقرئ أصحابك حتى نبيِّن لك معانيه، قاله مجاهد، وقتادة.
والثالث: لا تسأل إِنزاله قبل أن يأتيك الوحي، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً فيه ثلاثة أقوال: أحدها: زِدْني قرآناً، قاله مقاتل. والثاني:
فهماً. والثالث: حفظا، ذكرهما الثّعلبيّ.
[سورة طه (٢٠) : الآيات ١١٥ الى ١٢٧]
وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً (١١٥) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى (١١٦) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى (١١٨) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى (١١٩)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١٢٠) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى (١٢٢) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى (١٢٤)
قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً (١٢٥) قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى (١٢٦) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى (١٢٧)
قوله تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ أي: أمرناه وأوصيناه أن لا يأكل من الشجرة مِنْ قَبْلُ أي:
مِنْ قبل هؤلاء الذين نقضوا عهدي وتركوا الإِيمان بي، وهم الذين ذكرهم في قوله: لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ،

ضعيف جدا. أخرجه الطبري ٩٣٠٨ عن الحسن مرسلا، ومراسيل الحسن واهية والمتن منكر جدا، فإن السورة مكيّة.
__________
(١) سورة النساء: ٣٤.

صفحة رقم 178

والمعنى: أنهم إِن نقضوا العهد، فإن آدم قد عَهِدنا إِليه فَنَسِيَ.
وفي هذا النسيان قولان: أحدهما: أنه التَّرك، قاله ابن عباس، ومجاهد، والمعنى: ترك ما أُمِر به. والثاني: أنه من النسيان الذي يخالف الذِّكْر، حكاه الماوردي. وقرأ معاذ القارئ، وعاصم الجحدري، وابن السميفع: «فَنُسّيَ» برفع النون وتشديد السين.
قوله تعالى: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً العَزْمُ في اللغة: توطينُ النفس على الفعل.
وفي المعنى أربعة أقوال «١» : أحدها: لم نجد له حفظاً، رواه العوفي عن ابن عباس، والمعنى:
لم يحفظ ما أُمِر به. والثاني: صبراً، قاله قتادة، ومقاتل، والمعنى: لم يصبر عمَّا نُهي عنه. والثالث:
حزماً، قاله ابن السائب. قال ابن الأنباري: وهذا لا يُخرج آدم من أُولي العزم، وإِنما لم يكن له عزم في الأكل فحسب. والرابع: عزماً في العَوْد إِلى الذَّنْب، ذكره الماوردي. وما بعده هذا قد تقدّم تفسيره «٢» إِلى قوله تعالى: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى قال المفسرون: المراد به نَصَب الدُّنيا وتعبها من تكلُّف الحرث والزرع والعجن والخَبزْ وغير ذلك. قال سعيد بن جبير: أُهبط إِلى آدم ثور أحمر، فكان يعتمل عليه ويمسح العرق عن جبينه، فذلك شقاؤه. قال العلماء: والمعنى: فتشقَيا وإِنما لم يقل فتشقيا، لوجهين: أحدهما: أن آدم هو المخاطَب، فاكتفى به، ومثله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ «٣»، قاله الفراء. والثاني: أنه لما كان آدم هو الكاسب، كان التعب في حَقِّه أكثر، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: أَلَّا تَجُوعَ فِيها قرأ أُبيّ بن كعب: «لا تُجاع ولا تعرى» بالتاء المضمومة والألف.
وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم: «وأَنَّكَ» مفتوحة الألف. وقرأ نافع وأبو بكر عن عاصم: «وإِنَّكَ» بكسر الألف. قال أبو علي: من فتح حمله على أن لك أن لا تجوع وأن لك أن لا تظمأ، ومن كسر استأنف.
قوله تعالى: لا تَظْمَؤُا فِيها أي: لا تعطش. يقال: ظمئ الرجل يظمأ ظمأ، فهو ظمآن، أي:
عطشان. ومعنى وَلا تَضْحى لا تبرز للشمس فيصيبك حَرُّها، لأنه ليس في الجنة شمس. قوله تعالى: هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ أي: على شجرةٍ مَنْ أكل منها لم يَمُتْ وَمُلْكٍ لا يَبْلى جديده ولا يفنى، وما بعد هذا مفسر في الأعراف «٤». وفي قوله تعالى: فَغَوى قولان: أحدهما: ضلَّ طريق الخلود حيث أراده من قِبَل المعصية. والثاني: فسد عليه عيشه، لأن معنى الغيّ: الفساد. قال ابن الأنباري: وقد غلط بعض المفسرين، فقال: معنى «غوى» : أكثر مما أكل من الشجرة حتى بشم «٥»، كما يقال: غوى الفصيل إِذا أكثر من لبن أمّه فبشم وكاد يهلك، وهذا خطأٌ من وجهين: أحدهما: أنه لا يقال من البشم: غَوَى يَغْوِي، وإِنما يقال: غَوِي يَغْوَى. والثاني: أن قوله تعالى: فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ «٦» يدل على أنهما لم يُكثِرا، ولم تتأخر عنهما العقوبة حتى يصلا إِلى الإِكثار. قال ابن قتيبة: فنحن نقول

(١) قال الطبري رحمه الله ٨/ ٤٦٦: وأصل العزم: اعتقاد القلب على الشيء، ومن اعتقاد القلب: حفظ الشيء ومنه الصبر على الشيء، لأنه لا يجزع جازع إلا من خور قلبه وضعفه، فيكون تأويله ولم نجد له عزم قلب، على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه.
(٢) سورة البقرة: ٣٤.
(٣) سورة ق: ١٧.
(٤) سورة الأعراف: ٢٢. [.....]
(٥) في «اللسان» : البشم: التخمة عن الدسم.
(٦) سورة الأعراف: ٢٢.

صفحة رقم 179

في حق آدم: عصى وغوى كما قال الله عزّ وجلّ، ولا نقول: آدم عاصٍ وغاوٍ، كما تقول لرجل قطع ثوبه وخاطه: قد قطعه وخاطه، ولا تقول: هذا خياط، حتى يكون معاوداً لذلك الفعل، معروفاً به.
قوله تعالى: ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ قد بيَّنَّا الاجتباء في الأنعام «١». فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى أي: هداه للتوبة. قالَ اهْبِطا في المشار إِليهما قولان: أحدهما: آدم وإِبليس، قاله مقاتل. والثاني: آدم وحواء، قاله أبو سليمان الدّمشقي. ومعنى قوله عزّ وجلّ: بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ آدم وذريته، وإِبليس وذريته، والحية أيضاً وقد شرحنا هذا في البقرة «٢».
قوله تعالى: فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ أي: رسولي وكتابي فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى قال ابن عباس: من قرأ القرآن واتَّبَع ما فيه، هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب، ولقد ضمن الله لمن اتَّبع القرآن أن لا يَضِلَّ في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية. قوله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قال عطاء: عن موعظتي. وقال ابن السائب: عن القرآن ولم يؤمن به ولم يتَّبعه. قوله تعالى: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال أبو عبيدة: معناه: معيشة ضيِّقة، والضَّنك يوصَف به الأنثى والذكر بغير هاءٍ، وكل عيش أو مكان أو منزل ضيِّق، فهو ضَنك، وأنشد:
وإِنْ نَزَلُوا بِضَنْكٍ فانْزلِ «٣» وقال الزجاج: الضَّنْك أصله في اللغة: الضِّيق والشدَّة.
وللمفسرين في المراد بهذه المعيشة خمسة أقوال: أحدها: أنها عذاب القبر.
(٩٨١) رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «أتدرون ما المعيشة الضنك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إِنه ليسلَّط عليه تسعة وتسعون تِنِّيناً ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إِلى يوم القيامة». وممن ذهب إِلى أنه عذاب القبر ابن مسعود، وأبو سعيد الخدري، والسدي.

ضعيف. أخرجه ابن حبان ٣١٢٢ والطبري ٢٤٤٢٦ والبيهقي في «إثبات عذاب القبر» ٦٨ من حديث أبي هريرة، وإسناده ضعيف، وقال الشيخ شعيب في «الإحسان» : إسناده حسن. فإن أبا السمح أحاديثه مستقيمة إلا ما كان عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، وهو هاهنا عن ابن حجيرة وقد روى له مسلم اه.
وفيما قاله نظر. جاء في «الميزان» ٢٦٦٧ في ترجمة درّاج أبي السّمح ما ملخصه: قال أحمد: أحاديثه مناكير، ولينه. وقال الدوري عن يحيى: ليس به بأس، وقال الدارمي عن يحيى: ثقة. وقال فضلك الرازي: ما هو ثقة ولا كرامة وقال النسائي: منكر الحديث، وفي رواية: ليس بالقوي. وقال أبو حاتم: ضعيف. وساق له ابن عدي أحاديث، وقال: عامتها لا يتابع عليها. وقال الدارقطني: ضعيف. ورواية: متروك اه. فتلخص من هذا، أن الرجل ضعفه الجمهور، وهو الصواب. وحديثه هذا منكر، فمثله لا يحسن حديثه خلافا للشيخ شعيب. والله الموفق. وقال ابن كثير عقب هذا الحديث: رفعه منكر جدا. راجع «تفسيره» ٣/ ٢١٣ و «تفسير الشوكاني» ١٦١٠ و ١٦١١ بتخريجي، والله الموفق.
__________
(١) سورة الأنعام: ٨٧.
(٢) سورة البقرة: ٣٦.
(٣) هو جزء من عجز بيت لعنترة بن شداد العبسي وهو في مختار الشعر الجاهلي ١/ ٣٨٨ و «اللسان» - ضنك- وتمامه:
إن يلحقوا أكرر وإن يستلحموا أشدد وإن يلفوا بضنك أنزل
والضنك: الضيق من كل شيء.

صفحة رقم 180
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية