آيات من القرآن الكريم

مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ
ﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕ

قال الزجاج: وإنما ذكر أَلْفَ سَنَةٍ لأنها نهاية ما كانت المجوس تدعو بها لملوكها، كان الملك يحيّا بأن يقال له: عش ألف نيروز، وألف مهرجان.
قوله تعالى: وَما هُوَ فيه قولان ذكرهما الزجاج: أحدهما: أنه كناية عن أحدهم الذي جرى ذكره، تقديره: وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره. والثاني: أن يكون «هو» كناية عما جرى من التعمير، فيكون المعنى: وما تعميره بمزحزحه من العذاب، ثم جعل «أن يعمّر» مبيناً عنه، كأنه قال:
ذلك الشيء الدنيء ليس بمزحزحه من العذاب.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٩٧ الى ٩٩]
قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ (٩٨) وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ آياتٍ بَيِّناتٍ وَما يَكْفُرُ بِها إِلاَّ الْفاسِقُونَ (٩٩)
قوله تعالى: قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ. قال ابن عباس:
(٢٧) أقبلت اليهود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقالوا: من يأتيك من الملائكة؟ قال: جبريل. فقالوا: ذاك ينزل بالحرب والقتال، ذاك عدونا، فنزلت هذه الآية والتي تليها.
وفي جبريل إحدى عشرة لغة: إحداها: جبريل، بكسر الجيم والراء من غير همز، وهي لغة أهل الحجاز، وبها قرأ ابن عامر، وأبو عمرو. قال ورقة بن نوفل:

وجبريل يأتيه وميكال معْهما من الله وحي يشرح الصدر منزل
وقال عمران بن حطان:
والروح جبريل فيهم لا كفاء له وكان جبريل عند الله مأمونا
حسن. أخرجه أحمد ١/ ٢٧٤ والترمذي ٣١١٧ والنسائي في «عشرة النساء» ١٩٠ والطبري ١٦٠٨ والبيهقي في «الدلائل» ٦/ ٢٦٦ وإسناده حسن فيه شهر بن حوشب، صدوق يخطئ.
- وورد مرسلا أخرجه الطبري ١٦٠٩ عن شهر بن حوشب و ١٦١٠ من مرسل القاسم بن أبي بزّة. فالحديث حسن إن شاء الله. وأصله أخرجه البخاري ٣٣٢٩ و ٣٩٣٨ و ٤٤٨٠ والنسائي في «التفسير» ١٢ وأحمد ٣/ ١٠٨- ٢٧١ والبغوي ٣٧٦٩ وابن مندة في «التوحيد» ١/ ٢٢٩ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ٥٢٨ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبي صلّى الله عليه وسلّم المدينة، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلّا نبيّ، ما أول أشراط السّاعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه، ومن أي شيء ينزع إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أخبرني بهن آنفا جبريل» قال: فقال عبد الله: ذاك عدو اليهود من الملائكة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمّا أول أشراط السّاعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب. وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد حوت، وأما الشّبه في الولد فإن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له، وإذا سبق ماؤها كان الشبه لها». قال: أشهد أنك رسول الله. ثم قال: يا رسول الله، إن اليهود قوم بهت، إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم بهتوني عندك. فجاءت اليهود، ودخل عبد الله البيت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أي رجل فيكم عبد الله بن سلام؟» قالوا: أعلمنا وابن أعلمنا وأخبرنا وابن أخبرنا. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«أفرأيتم إن أسلم عبد الله؟» قالوا: أعاذه الله من ذلك. فخرج عبد الله إليهم فقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فقالوا: شرّنا وابن شرّنا ووقعوا فيه». لفظ البخاري. وانظر «تفسير الشوكاني» ١٩٨ و ١٩٩ بتخريجنا، طبع دار الكتاب العربي.

صفحة رقم 90

وقال حسان:

وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء
واللغة الثانية: «جَبريل» بفتح الجيم وكسر الراء، وبعدها ياء ساكنة من غير همز على وزن:
فَعليل، وبها قرأ الحسن البصري، وابن كثير، وابن محيصن. وقال الفراء: لا أشتهيها، لأنه ليس في الكلام فَعليل، ولا أرى الحسن قرأها إلا وهو صواب، لأنه اسم أعجمي.
والثالثة: «جَبرئيل» : بفتح الجيم والراء، وبعدها همزة مكسورة على وزن: جَبرعيل، وبها قرأ الأعمش، وحمزة، والكسائي. قال الفراء: وهي لغة تميم وقيس، وكثير من أهل نجد. وقال الزجاج:
هي أجود اللغات، وقال جرير:
عبدوا الصليب وكذّبوا بمحمدٍ وبجبرئيل وكذَّبوا ميكالا
والرابعة: جَبرئِل، بفتح الجيم والراء وهمزة بين الراء واللام، مكسورة من غير مد على وزن جَبرعِل، رواها أبو بكر عن عاصم. والخامسة: «جَبرئِلّ» بفتح الجيم وكسر الهمزة وتشديد اللام، وهى قراءة أبان عن عاصم ويحيى بن يعمر. والسادسة: جبرائيل، بهمزة مكسورة بعدها ياء مع الألف.
والسابعة: جبراييل بيائين بعد الألف أولاهما مكسورة. والثامنة: جَبرين، بفتح الجيم ونون مكان اللام.
والتاسعة: جِبرين، بكسر الجيم وبنون، قال الفراء: هي لغة بني أسد. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي عن ابن الأنباري قال: في جبريل تسع لغات، فذكرهنَّ. وذكر ابن الأنباري في كتاب «الرد على من خالف مصحف عثمان» :«جبرائل»، بفتح الجيم وإثبات الألف مع همزة مكسورة ليس بعدها ياء.
وجبرئين، بفتح الجيم مع همزة مكسورة بعدها ياء ونون.
فأما ميكائيل، ففيه خمس لغات: إحداهن: «ميكال»، مثل: مِفعال بغير همز، وهي لغة أهل الحجاز، وبها قرأ أبو عمرو وحفص عن عاصم. والثانية: «ميكائيل» باثبات ياء ساكنة بعد الهمزة، مثل: ميكاعيل، وهي لغة تميم وقيس، وكثير من أهل نجد، وبها قرأ ابن عامر، وابن كثير، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم. والثالثة: «ميكائل» بهمزة مكسورة بعد الألف من غير ياء، مثل ميكاعِل، وبها قرأ نافع وابن شنبوذ، وابن الصباح، جميعاً عن قنبل. والرابعة: «ميكئل»، على وزن ميكعل، وبها قرأ ابن محيصن. والخامسة: «ميكائين» بهمزة معها ياء ونون بعد الألف، ذكرها ابن الأنباري.
قال الكسائي: جبريل وميكائيل، اسمان لم تكن العرب تعرفهما، فلما جاءا عرَّبتهما. قال ابن عباس: جبريل وميكائيل، كقوله: عبد الله، وعبد الرحمن، ذهب إلى أن «إيل» اسم الله، واسم الملك «جبر» و «ميكا». وقال عكرمة: معنى جبريل: عبد الله، ومعنى ميكائيل: عبيد الله. وقد دخل جبريل وميكائيل في الملائكة، لكنه أعاد ذكرهما لشرفهما، كقوله تعالى: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) «١».
وإنما قال: فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ، ولم يقل: لهم، ليدل على أنهم كافرون بهذه العداوة.
(١) الرحمن: ٦٨.

صفحة رقم 91
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية