آيات من القرآن الكريم

وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا ۚ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈ

يَعْنِي: التَّوْرَاةَ، يَكْفِينَا ذَلِكَ، وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ، أَيْ: بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْكُتُبِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ [الْمُؤْمِنُونَ: ٧]، أَيْ: سِوَاهُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بما بعده، وَهُوَ الْحَقُّ، يَعْنِي:
الْقُرْآنَ، مُصَدِّقاً، نَصْبٌ عَلَى الْحَالِ، لِما مَعَهُمْ: من التوراة، قُلْ: لهم يَا مُحَمَّدُ فَلِمَ تَقْتُلُونَ، أَيْ: قَتَلْتُمْ، أَنْبِياءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ، و (لم) أَصْلُهُ لِمَا، فَحُذِفَتِ الْأَلِفُ فَرْقًا بين الخبر وَالِاسْتِفْهَامِ، كَقَوْلِهِمْ فِيمَ وَبِمَ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ: بِالتَّوْرَاةِ، وَقَدْ نُهِيتُمْ فِيهَا عَنْ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السّلام.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ بِالدَّلَالَاتِ الْوَاضِحَةِ وَالْمُعْجِزَاتِ الْبَاهِرَةِ، ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ. ، [أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل] [١]، وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا، أَيِ: اسْتَجِيبُوا وَأَطِيعُوا، سُمِّيَتِ الطَّاعَةُ وَالْإِجَابَةُ: سمعا على المجاز، لأنها [٢] سَبَبٌ لِلطَّاعَةِ وَالْإِجَابَةِ، قالُوا سَمِعْنا: قولك، وَعَصَيْنا: أمرك، وقيل: سمعنا بالآذان [٣]، وَعَصَيْنَا بِالْقُلُوبِ، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا هَذَا بِأَلْسِنَتِهِمْ ولكن لما سمعوا وتلقوه بالعصيان نسب ذَلِكَ إِلَى الْقَوْلِ اتِّسَاعًا.
وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ، أَيْ: حب العجل، مَعْنَاهُ: أُدْخِلَ فِي قُلُوبِهِمْ حُبُّ الْعَجَلِ وَخَالَطَهَا، كَإِشْرَابِ اللَّوْنِ لِشِدَّةِ الْمُلَازَمَةِ، يُقَالُ: فُلَانٌ مُشْرَبُ [٤] اللَّوْنِ إِذَا اخْتَلَطَ بَيَاضُهُ بِالْحُمْرَةِ، وَفِي الْقِصَصِ: أَنَّ مُوسَى أُمِرَ أَنْ يُبْرَدَ الْعِجْلُ بِالْمِبْرَدِ، ثُمَّ يَذُرَّهُ فِي النَّهْرِ وَأَمَرَهُمْ بِالشُّرْبِ مِنْهُ، فَمَنْ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنْ حُبِّ الْعِجْلِ ظَهَرَتْ سُحَالَةُ الذَّهَبِ عَلَى شَارِبِهِ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوا الْعِجْلَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، أَيْ: بِئْسَ إِيمَانٌ يأمر بِعِبَادَةِ الْعِجْلِ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ: بِزَعْمِكُمْ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ عزّ وجلّ.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٩٤ الى ٩٦]
قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٩٤) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٩٥) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٩٦)
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْيَهُودَ ادَّعَوْا دَعَاوَى بَاطِلَةً مِثْلَ قَوْلِهِمْ: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً [الْبَقَرَةِ: ٨٠]، لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [الْبَقَرَةِ: ١١١]، وَقَوْلِهِمْ: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ [الْمَائِدَةِ: ١٨]، فَكَذَّبَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَلْزَمَهُمُ الْحُجَّةَ فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ، يَعْنِي: الْجَنَّةَ، خالِصَةً، أَيْ: خَاصَّةً [٥] مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ، أَيْ: فَأَرِيدُوهُ أو اسألوه، لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْجَنَّةَ مَأْوَاهُ حَنَّ إِلَيْهَا، وَلَا سَبِيلَ إِلَى دُخُولِهَا إِلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَاسْتَعْجَلُوهُ بِالتَّمَنِّي، إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ: فِي قَوْلِكُمْ، وَقِيلَ: فَتُمَنُّوا الْمَوْتَ، أَيِ: ادْعُوَا بِالْمَوْتِ عَلَى الْفِرْقَةِ الكاذبة.

(١) زيد في المطبوع وحده.
(٢) في المطبوع «لأنه». [.....]
(٣) في المطبوع «بالأذن».
(٤) في المطبوع «أشرب».
(٥) في المطبوع وحده «خالصة».

صفحة رقم 143
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي -بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
5
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية