آيات من القرآن الكريم

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ
ﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖ ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴ

من محاز التأكيد، كما تقول لمن ينكر معرفة ما كتبه: يا هذا كتبته بيمينك هذه. مِمَّا يَكْسِبُونَ من الرشا.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ٨٠ الى ٨٢]
وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٨٢)
إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً أربعين يوما عدد أيام عبادة العجل. وعن مجاهد: كانوا يقولون مدّة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب مكان كل ألف سنة يوما. فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ متعلق بمحذوف تقديره: إن اتخذتم عند اللَّه عهدا فلن يخلف اللَّه عهده. وأَمْ إمّا أن تكون معادلة بمعنى أى الأمرين كائن على سبيل التقرير، لأن العلم واقع بكون أحدهما. ويجوز أن تكون منقطعة بَلى إثبات لما بعد حرف النفي وهو قوله: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ) أى بلى تمسكم أبدا، بدليل قوله: (هُمْ فِيها خالِدُونَ). مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً من السيئات، يعنى كبيرة من الكبائر «١» وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ تلك واستولت عليه، كما يحيط العدوّ ولم يتفص عنها «٢» بالتوبة.
وقرئ: خطاياه، وخطيئاته. وقيل في الإحاطة: كان ذنبه أغلب من طاعته. وسأل رجل الحسن عن الخطيئة قال: سبحان اللَّه: ألا أراك ذا لحية وما تدرى ما الخطيئة، انظر في المصحف فكل آية نهى فيها اللَّه عنها وأخبرك أنه من عمل بها أدخله النار فهي الخطيئة المحيطة.
[سورة البقرة (٢) : آية ٨٣]
وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)

(١). قوله «يعنى كبيرة من الكبائر» فسرها بذلك لتنطبق الآية على مذهب المعتزلة، وهو أن فاعل الكبيرة مخلد في النار، ومذهب أهل السنة أنه لا يخلد فيها إلا الكافر. وفسروا الخطيئة بالشرك. وفي الخازن قال ابن عباس:
هي الشرك يموت عليه صاحبه اه وهو الذي يحيط بفاعله ويسد أبواب النجاة أمامه في كل جهة. (ع)
(٢). قوله «ولم يتفص عنها» أى يتخلص. (ع)

صفحة رقم 158

لا تَعْبُدُونَ إخبار في معنى النهى «١»، كما تقول: تذهب إلى فلان تقول له كذا، تريد الأمر، وهو أبلغ من صريح الأمر والنهى، لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء، فهو يخبر عنه وتنصره قراءة عبد اللَّه وأبىّ (لا تعبدوا) ولا بدّ من إرادة القول، ويدل عليه أيضا قوله: (وَقُولُوا).
وقوله وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إما أن يقدّر: وتحسنون بالوالدين إحسانا. أو وأحسنوا. وقيل:
هو جواب قوله: (أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) «٢» إجراء له مجرى القسم، كأنه قيل: وإذ أقسمنا عليهم لا تعبدون. وقيل: معناه أن لا تعبدوا، فلما حذفت «أن» رفع، كقوله:
أَلَا أَيُّهذَا الزّاجِرِى أَحْضُرَ الوَغَى «٣»
ويدل عليه قراءة عبد اللَّه (أن لا تعبدوا) ويحتمل (أن لا تعبدوا) أن تكون «إن» فيه مفسرة، وأن تكون أن مع الفعل بدلا عن الميثاق، كأنه قيل: أخذنا ميثاق بنى إسرائيل توحيدهم وقرئ بالتاء حكاية لما خوطبوا به، وبالياء لأنهم غيب. حُسْناً قولا هو حسن في نفسه «٤» لإفراط حسنه. وقرئ حسنا. وحسنى- على المصدر- كبشرى. ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ على طريقه الالتفات أى توليتم عن الميثاق ورفضتموه. إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ قيل: هم الذين أسلموا منهم وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ وأنتم قوم عادتكم الإعراض عن المواثيق، والتولية.

(١). قال محمود رحمه اللَّه تعالى: «لا تعبدون إخبار في معنى النهى... الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: وجه الدليل منه أن الأول لو لم يكن في معنى النهى لما حسن عطف الأمر عليه، لما بين الأمر والخبر المحض من التنافر. ولا كذلك الأمر والنهى لالتقائهما في معنى الطلب.
(٢). قال محمود رحمه اللَّه: «وقيل هو جواب قوله: (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ)... الخ». قال أحمد رحمه اللَّه: لو قدر القسم مضافا إلى المذكورين لكان أوجه، فيقول (وإذ أقسمتم لا تعبدون إلا اللَّه... الخ)
(٣).
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى
لطرفة بن العبد من معلقته. وألا أداة استفتاح. وحرف النداء محذوف. وأى منادى. واسم الاشارة نعت له.
والزاجر نعت لاسم الاشارة مضاف لياء المتكلم إضافة الوصف لمفعوله. وروى بدله «اللائمي» : وروى «أحضر» منصوبا بإضمار أن، ومرفوعا على إهمالها وحسن حذفها ذكرها فيما بعد. يقول: يا أيها الزاجر لي عن حضور الحرب وشهود لذات النصر والظفر والغنيمة، أو شهود لذات الشراب ومغازلة النساء المستدعين لاتلاف المال، لست مخلداً لي لو طاوعتك. فالاستفهام إنكارى.
(٤). قال محمود: «أى قولا هو حسن في نفسه... الخ». قال أحمد: وفيه من التأكيد والتخصيص على إحسان مناولة الناس، أنه وضع الصدر فيه موضع الاسم. وهذا إنما يستعمل للمبالغة في تأكيد الوصف، كرجل عدل، وصوم وفطر. وقرئ حسنا فهو على هذا من الصفات المشبهة.

صفحة رقم 159
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية