آيات من القرآن الكريم

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢ ﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮ ﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼ

ذلك يحتمل فى حال الأحباب عند المفارقة، وأوقات الوداع أن بقال إذا خرجت من عندى فلا تنس عهدى، وإن تقاصر عنك يوما خبرى فإياك أن تؤثر علىّ غيرى، ومن المحتمل أيضا أن يقال إن فاتنى وصولك فلا يتأخّرنّ عنى رسولك.
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٣٨]
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)
سوء الأدب على البساط يوجب الرد إلى الباب، فلما أساء آدم عليه السّلام الأدب فى عين القربة قال الله تعالى: «اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ، بعد أن كان لكم فى محل القربة قرار وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ، يستمتعون يسيرا ولكن (فى) آخرهم يعودون إلى الفقر، وأنشدوا:

إذا افتقروا عادوا إلى الفقر حسبة «١» وإن أيسروا عادوا سراعا إلى الفقر
وحين أخرجه من الجنة وأنزله إلى الأرض بشّره بأنه يردّه إلى حاله لو جنح بقلبه إلى الرجوع فقال: «فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ».
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٣٩]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩)
والذين قابلوا النعمة بغير الشكر، وغفلوا عن التصديق والتحقيق فلهم عذاب أليم مؤجلّ، وفراق معجّل.
قوله جل ذكره:
[سورة البقرة (٢) : آية ٤٠]
يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠)
حقيقة النعمة على لسان العلماء «٢» لذة خالصة عن الشوائب، وما يوجب مثلها فهى أيضا عندهم نعمة، وعند أهل الحقيقة النعمة ما أشهدك المنعم أو ما ذكّرك بالمنعم أو ما أوصلك إلى إلى المنعم أو ما لم يحجبك عن المنعم.
(١) حسبة أي احتسابا- هكذا فى الهامش.
(٢) واضح أن مقصود القشيري من (لسان العلماء) و (لسان التفسير) هو التفسير العادي، أما (عند أهل الحقيقة) و (الإشارة منه) ونحو ذلك فهو التفسير الصوفي.

صفحة رقم 83

وتنقسم إلى نعمة أبشار وظواهر، ونعمة أرواح وسرائر، فالأولى وجوه الراحات والثانية صنوف المشاهدات والمكاشفات. فمن النعم الباطنة عرفان القلوب ومحاب الأرواح ومشاهدات السرائر «١».
[فصل] ويقال أمر بنى إسرائيل بذكر النّعم وأمر أمّة محمد صلّى الله عليه وسلّم بذكر المنعم، وفرق بين من يقال له اذكر نعمتى وبين من يقال له: فاذكرونى أذكركم.
قوله جل ذكره: وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ.
عهده- سبحانه- حفظ المعرفة وعهدنا اتصال المغفرة، عهده حفظ محابه وعهدنا لطف ثوابه، عهده حضور الباب وعهدنا جزيل المآب.
أوفوا بعهدي بحفظ السر أوف بعهدكم بجميل البر، أوفوا بعهدي الذي قبلتم يوم الميثاق أوف بعهدكم الذي ضمنت لكم يوم التلاق، أوفوا بعهدي فى ألا تؤثروا علىّ غيرى أوف بعهدكم فى ألا أمنع عنكم لطفى وخيرى، أوفوا بعهدي برعاية ما أثبتّ فيكم من الودائع أوف بعهدكم بما أديم لكم من شوارق اللوامع وزواهر الطوالع «٢»، أوفوا بعهدي بحفظ أسرارى أوف بعهدكم بجميل مبارّى، أوفوا بعهدي باستدامة عرفانى أوف بعهدكم فى إدامة إحسانى، أوفوا بعهدي فى القيام بخدمتي أوف بعهدكم فى المنّة عليكم بقبولها منكم، أوفوا بعهدي فى القيام بحسن المجاهدة والمعاملة أوف بعهدكم بدوام المواصلة والمشاهدة، أوفوا بعهدي بالتبري عن الحول والمنّة أوف بعهدكم بالإكرام بالطول والمنّة، أوفوا بعهدي بالتفضيل والتوكل أوف بعهدكم بالكفاية والتفضل، أوفوا بعهدي بصدق المحبة أوف بعهدكم بكمال القربة، أوفوا بعهدي اكتفوا منى بي أوف بعهدكم أرضى بكم عنكم، أوفوا بعهدي فى دار الغيبة على بساط الخدمة بشدّ نطاق الطاعة، وبذل الوسع والاستطاعة أوف بعهدكم فى دار القربة على بساط الوصلة بإدامة الأنس والرؤية وسماع الخطاب وتمام الزلفة، أوفوا بعهدي فى المطالبات بترك

(١) نعرف من هذا ان الملكات الباطنة عند القشيري هى فضلا عن النفس التي هى محل المحظورات والمعلولات، والعقل الذي به تصحيح الإيمان فى البداية- القلب وهو مستودع المعرفة والروح وهى مستودع المحبة ثم السر وهو الذي يشاهد الحقائق، وله فوق ذلك ملكة أخرى هى سر السر أو عين السر لا يطلع عليها سوى الحق.
(٢) اللوامع تسبق الطوالع فى الظهور، والطوالع أبقى وقتا وأقوم سلطانا وأدوم مكثا وأذهب للظلمة وانفى للتهمة (الرسالة ص ٤٣، ٤٤). [.....]

صفحة رقم 84
تفسير القشيري
عرض الكتاب
المؤلف
عبد الكريم بن هوازن بن عبد الملك القشيري
تحقيق
إبراهيم البسيوني
الناشر
الهيئة المصرية العامة للكتاب - مصر
سنة النشر
2000
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية