
قوله: ﴿وَعَلَّمَءَادَمَ الأسمآء﴾ الآية.
اختلف في اشتقاق آدم؛ فقال فيه ابن عباس: " سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض ".
وقال قطرب: " آدم أفعل من الأدمة ". وقيل هو أفعل من " أدمت بين الشيئين " أي خلطتهما.
وقال الطبري: " هو فعل ماض رباعي سمي به الشخص ".
وقال قطرب: " من قال هو من أديم الأرض، يلزمه صرفه لأنه فاعل ".
وذكر النحاس أنه أفعل من أديم الأرض وأدمتها، وهو ظاهر وجهها، ومنه سمي الإدام لأنه وجه الطعام وأعلاه والعرب تسمي الجلد الظاهر أدمة، والباطن بشرة.
وحكي عن الأصمعي أن باطنه الأدمة وظاهره البشرة، وهو أولى من

الأُولى. ويجمع آدم إذا كان صفة كحُمْر، وأوادم إذا كان اسماً " كأحامدٍ ".
قوله: ﴿الأسمآء﴾. قيل: " وعلمه أسماء كل شيء حتى القصعة والفسوة ". قاله قتادة.
وقيل: " علمه أسماء الملائكة خاصة " قاله الربيع بن خثيم.
قال مجاهد: " علمه الله اسم كل شيء: هذا جبل، هذا بحر، هذا كذا، هذا كذا، لكل الأشياء ".
قال ابن جبير: " علمه اسم كل شيء حتى البعير والبقرة والشاة ".
قال عكرمة: " علمه اسم الغراب والحمامة وكل شيء ".
وقال غيرهم: " علمه أسماء الأجناس والأنواع ".

وقال ابن زيد: " علمه أسماء ذريته كلهم ".
واختار الطبري أن يكون علمه أسماء ذريته والملائكة لقوله: ﴿ثُمَّ عَرَضَهُمْ﴾ ولم يقل " عرضها " ولا " عرضهن " / الذي هو لما لا يعقل.
وقيل: علمه اسم كل شيء ومنفعته ولماذا يصلح.
وقال القتبي: " علمه أسماء ما خلق في الأرض ".
وفي قراءة أُبي: " ثُمَّ عَرَضَها "، " يريد عرض الأسماء ".
وقوله " عَرَضَها " ولم يقل " عرضهم " يدل على أن الاسم هو المسمى، وهو مذهب أهل السنة. وفي قراءة عبد الله " ثُمّ عَرَضَهُنَّ " على التأنيث لما لا يعقل من الموات والأجناس.
وقال ابن عباس: " إنما عرض الأسماء على الملائكة ".
وعن ابن مسعود: " أنه إنما عرض الخلق ".

فعلى الأول يكون " عرضها ". وعلى الثاني يكون " عرضهم ".
قال مجاهد: " عرض أصحاب الأسماء على الملائكة ".
وقال ابن زيد: " عرض أسماء ذريته كلها، أخذهم من ظهره، ثم عرضهم على الملائكة ".
وقال ابن الأنباري: الهاء في " كلها " تعود على / الأسماء، والهاء في " عَرَضَهم " تعود على الأشخاص.
والهاء في " أنبِئهم " وفي " بأسمائهم "، وفي " أنبأهم " وفي " بأسمائهم " كلها تعود على الملائكة على قول من قال: إن الله تعالى علمه أسماء الملائكة، ويعود على الأشخاص على القول الآخر.
قوله: ﴿إِن كُنْتُمْ صادقين﴾.
جوابه عند المبرد محذوف، معناه: إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في

الأرض ويسفكون الدماء فأنبئوني.
قوله: ﴿إني أَعْلَمُ غَيْبَ السماوات﴾.
هو ما غاب عن الملائكة مما سبق في علمه مما ذَكَرَهُ في كتابه: ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣].
قوله: ﴿وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ﴾. هو قولهم: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾.
و ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾: هو ما أضْمَر إبليس في نفسه من الكبر والعز. روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة والتابعين.
وقال سفيان: " ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ﴾ هو ما أسر إبليس في نفسه من ترك السجود لآدم [والكبر] ".
وقال قتادة: " كتمانهم هو قولهم فيما بينهم: يخلق الله ما يشاء، فلن يخلق خلقاً إلا ونحن أكرم منه ".

وقيل: إنهم قالوا ذلك عند رؤيتهم لخلق آدم.
وعن ابن عباس " أنه عام فيما يظهرون وما يكتمون ".
وإبليس إفعيل من " أبلس " إذا يئس كأنه يئس من الرحمة، لم يصرف لقلة.
وقيل: هو أعجمي، ولذلك لم يصرف في المعرفة.
قال أبو عبيد: " لم يصرف لأنه لا نظير له في الأسماء "، وهو عنده " فِعْلِيل " أو " إِفْعِيل ".
قوله: (أَبَى): أتى مستقبله على " يفعل " على التشبيه بِ " قرأ، يقرأ "، لأن الهمزة تبدل منها الألف، وهي من حروف الحلق / مثلها.
وقالوا: " جبى، يجبي " من الجباية بالفتح، " وقلى يقلى " بالفتح على التشبيه أيضاً.
وإبليس [في قول] ابن عباس: كان من حي من أحياء يقال لهم الجن، خلقوا

من نار السموم، وكان اسمه الحارث، وكان من خزان الجنة.
وروي عنه أيضاً أنه قال: " كان إبليس من الملائكة واسمه عزرائيل، وكان من سكان الأرض وكان شديد العبادة وواسع العلم، فدعاه ذلك إلى الكبر ".
وإنما سمي من الجن لأنه كان خازناً للجنة، فكأنه منسوب إليها، كما تقول: مكي وبصري وشامي.
وقيل: سمي من الجن لأنه لا يرى، كما سمى الله الملائكة جناً، فقال: ﴿وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجنة نَسَباً﴾ [الصافات: ١٥٨]. وأصله كله الاستتار.
وقال شهر بن حوشب: " كان إبليس من الجن الذين طردتهم الملائكة في الأرض / حين أفسدوا فأسره بعض الملائكة، فذهب به إلى السماء ". وهذا

غير معروف.
وقال / سعد بن مسعود: " سما إبليس من الأرض وهو صغير، فكان مع الملائكة فتعبد، فلما أمر بالسجود لآدم امتنع فذلك قوله
﴿كَانَ مِنَ الجن﴾ [الكهف: ٥٠].
وقال ابن زيد: " إبليس أبو الجن، كما أن آدم أبو الإنس ".
وروى عكرمة عن ابن عباس أن الله خلق خلقاً فقال: " اسجدوا لآدم فأبوا فأحرقهم، ثم [خلقَ خَلقاً] آخر فأبوا فأحرقهم ثم خلق هؤلاء فسجدوا إلا إبليس كان من أولئك الذين أبو السجود لآدم ".
والسجود الذي أمروا به إنما هو على جهة التحية، لا على جهة العبادة.
وقيل: أمروا بذلك إكراماً له.
وقيل: معناه: اسجدوا إليه كما يسجد إلى الكعبة فجعل قبلة إكراماً له.