آيات من القرآن الكريم

۞ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ
ﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬ ﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ

مرا شايد انكشترى بي نكين نشايد دل خلق اندوهگين
خنك آنكه آسايش مرد وزن كزيند بر آسايش خويشتن
نكردند رغبت هنرپروران بشادئ خويش از غم ديكران
واعلم ان الأعمال بالنيات فان قلت ما معنى قوله عليه السلام (نية المؤمن خير من عمله) قلت مورد الحديث ان عثمان رضى الله تعالى عنه سمع رسول الله ﷺ انه وعد بثواب عظيم على حفر بئر فنوى ان يحفرها فسبق اليه كافر فحفرها فقال عليه السلام (نية المؤمن خير من عمله) اى عمل الكافر والجواب الثاني ان النية المجردة من المؤمن خير من عمله المجرد عن النية لانه إذا فعل فعل الخير بغير نية يكون عمله مع النية خيرا من ذلك لكن قال بعضهم ليس في بعض الأعمال اجر بغير نية كالصلاة لا تجوز بغير نية ولا يحتاج بعض الأعمال الى النية كقراءة القرآن والاذكار ثم اعلم ان الانفاق على مراتب. انفاق العامة بالمال فاجرهم الجنة.
وانفاق الخواص إصلاح الحال بتزكية النفس وتصفية القلب فاجرهم يوم القيامة النظر الى وجه الله تعالى فينبغى للمؤمن ان يزكى نفسه ويصفى قلبه من حب المال بالإنفاق في سبيل الله الملك المتعال حتى ينال الشرف في الجنان ويحترز عن البخل حتى لا يكون عند الله تعالى من الخاسرين الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ اى يضعونها في مواضعها ثُمَّ للاظهار علو رتبه المعطوف لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا العائد محذوف اى ما أنفقوه مَنًّا وهو ان يعتد على من احسن اليه بإحسانه ويريه انه أوجب بذلك عليه حقا اى لا يمنون عليهم بما تصدقوا بان يقول المتصدق المانّ اصطنعتك كذا خيرا وأحسنت إليك كثيرا وَلا أَذىً وهو ان يتطاول عليه بسبب انعامه عليه اى لا يؤذيه بان يقول المتصدق المؤذى انى قد أعطيتك فما شكرت او الى كم تأتينى وتؤذيني او كم تسأل ألا تستحيى او أنت ابدا تجيئنى بالابرام فرج الله عنى منك وباعد ما بينى وبينك لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ثوابهم في الآخرة وتخلية الخبر عن الفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها للايذان بان ترتب الاجر على ما ذكر من الانفاق وترك المن والأذى امر بين لا يحتاج الى التصريح بالسببية وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ مما يستقبلهم من العذاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلفوا من امور الدنيا- روى- ان الحسن بن على رضى الله عنهما اشتهى طعاما فباع قميص فاطمة بستة دراهم فسأله سائل فاعطاها ثم لقى رجلا يبيع ناقة فاشتراها بأجل وباعها من آخر فاراد ان يدفع الثمن الى بائعها فلم يجده فحكى القضية الى النبي عليه السلام فقال اما السائل فرضوان واما البائع فميكائيل واما المشترى فجبرائيل فنزل قوله تعالى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ الآية قال بعض اهل التفسير نزلت هذه الآية والتي قبلها فى عثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما. اما عثمان فجهز جيش العسرة في غزوة تبوك بألف بعير بأقتابها والف دينار فرفع رسول الله ﷺ يده يقول (يا رب رضيت عنه فارض عنه) واما عبد الرحمن بن عوف فتصدق بنصف ماله اربعة آلاف دينار فقال عندى ثمانية آلاف فامسكت منها لنفسى وعيالى اربعة آلاف واربعة آلاف اقرضتها ربى فقال عليه السلام (بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت) فهذه حال عثمان وعبد الرحمن رضى الله عنهما حيث تصدقا ولم يخطر

صفحة رقم 419

ببالهما شىء من المن والأذى. قال بعضهم المن يشبه بالنفاق والأذى يشبه بالرياء. ثم قال بعضهم إذا فعل ذلك فلا اجر له وعليه وزر فيما من وآذى على الفقير قال وهب فلا اجر له ولا وزر له.
وقال بعضهم له اجر الصدقة ولكن ذهبت مضاعفته وعليه الوزر بالمن واعلم ان الله تعالى نهى عباده ان يمنوا على أحد بالمعروف مع انه تعالى قد من على عباده كما قال بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ وذلك لان الله تعالى تام الملك والقدرة وملكه وقدرته ليس بغيره والعبد وان كان فيه خصال الخير فتلك خصاله من الله ولم يكن ذلك بقوة العبد فالعبد ناقص والناقص لا يجوز له ان يمن على أحد او يمدح نفسه والمن ينقص قدر النعمة ويكدرها لان الفقير الآخذ منكسر القلب لاجل حاجته الى صدقة غيره معترف باليد العليا للمعطى فاذا أضاف المعطى الى ذلك اظهار ذلك الانعام زاد ذلك في انكسار قلبه فيكون في حكم المضربة بعد ان نفعه وفي حكم المسيئ اليه بعد ان احسن اليه: قال الحسين الكاشفى قدس سره

آنچهـ كه بدهى چودهنده خداست منت بيهوده نهادن خطاست
هر چهـ دهى مى ده ومنت منه وآنچهـ پشيمان شوى آن هم مده
وقال السعدي قدس سره
چوانعام كردى مشو خود پرست كه من سرورم ديكران زير دست
چوبينى دعا كوى دولت هزار خداوند را شكر نعمت كذار
كه چشم از تو دارند مردم بسى نه تو چشم دارى بدست كسى
قيل ان ابراهيم عليه السلام كان له خمسة آلاف قطيع من الغنم وعليها كلاب المواشي باطواق الذهب فتمثل له ملك في صورة البشر وهو ينظر أغنامه في البيداء فقال الملك [سبوح قدوس رب الملائكة والروح] فقال ابراهيم عليه السلام كرر ذكر ربى ولك نصف ما ترى من أموالي فكرر الملك فنادى ثانيا كرر تسبيح ربى ولك جميع ما ترى من مالى فتعجب الملائكة فقالوا جدير ان يتخذك الله خليلا ويجعل لك في الملل والنحل ذكرا جميلا: وفي المثنوى قرض ده زين دولت اندر اقرضوا تا كه صد دولت به بينى پيش رو اندكى زين شرب كم كن بهر خويش تا كه حوض كوثرى يابى به پيش وفي نوابغ الكلم «صنوان من منح سائله ومن ومن منع نائله وضن» واعلم ان الناس على ثلاث طبقات. الاولى الأقوياء وهم الذين أنفقوا جميع ما ملكوا وهؤلاء صدقوا فيما عاهدوا الله عليه من الحب كما فعل ابو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه. والثانية المتوسطون وهم الذين لم يقدروا على اخلاء اليد عن المال دفعة ولكن امسكوه لا للتنعم بل للانفاق عند ظهور محتاج اليه وقنعوا في حق أنفسهم بما يقويهم على العبادة والثالثة الضعفاء وهم المقتصرون على أداء الزكاة الواجبة اللهم اجعلنا من المتجردين عن عيرك والقانعين بك عما سواك قَوْلٌ مَعْرُوفٌ رد جميل وهو ان يرد السائل بطريق جميل حسن تقبله القلوب والطباع ولا تنكره وَمَغْفِرَةٌ اى ستر لما وقع من السائل من الالحاف في المسألة وغيره

صفحة رقم 420

مما يثقل على المسئول وصفح عنه خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً لان من جمع بين نفع الفقير واضراره حرم الثواب فان قالوا أي خير في الصدقة التي فيها أذى حتى يقال هذا خير منه قلنا يعنى عندكم كذلك وهو كقوله تعالى قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ اى عندكم ذلك خير لكم اعلموا ان هذا خير لكم في الدنيا والآخرة مما تعدونه أنتم خيرا وَاللَّهُ غَنِيٌّ عما عندكم من الصدقة لا يحوج الفقراء الى تحمل مؤونة المن والأذى ويرزقهم من جهة اخرى حَلِيمٌ لا يعاجل اصحاب المن والأذى بالعقوبة لا انهم لا يستحقونها بسببهما. وفيه من السخط والوعيد لهم ما لا يخفى قال في مجالس حضرة الهدائى قدس سره وانما كان الرد الجميل خيرا من صدقة المان والمؤذى لان القول الحسن وان كان بالرد يفرح قلب السائل ويروح روحه ونفع الصدقة لجسده وسراية السرور لقلبه بالتبعية من تصور النفع فاذا قارن ما ينفع الجسد بما يؤذى الروح يكدر النفع حينئذ ولا ريب ان ما يروح الروح خير مما ينفع الجسد لان الروحانية أوقع في النفوس واشرف قال الشعبي من لم ير نفسه الى ثواب الصدقة أحوج من الفقير الى صدقته فقد أبطل صدقته. وبالغ السلف في الصدقة والتحرز فيها عن الريا فانه غالب على النفس وهو مهلك ينقلب في القلب إذا وضع الإنسان في قبره في صورة حية اى يؤلم إيلام الحية والبخل ينقلب فى صورة عقرب والمقصود في كل انفاق الخلاص من رذيلة البخل فاذا امتزج به الرياء كان كانه جعل العقرب غذاء الحية فتخلص من العقرب ولكن زاد في قوة الحية إذ كل صفة من الصفات المهلكة في القلب انما غذاؤها وقوتها في إجابتها الى مقتضاها. ثم ان الصدقة لا تنحصر في المال بل تجرى في كل معروف فالكلمة الطيبة والشفاعة الحسنة والاعانة في حاجة واحد وعيادة مريض وتشييع جنازة وتطييب قلب مسلم كل ذلك صدقة

كر خير كنى مراد يابى در هر دو جهان كشاد يابى
احسان كن وبهر توشه خويش زادى بفرست تو ازين پيش
واعلم ان الدنيا وملكها لا اعتداد لها- حكى- عن بعض الملوك انه حبست الريح في بطنه حتى قرب الى الهلاك فقال كل من يزيل عنى هذا البلاء أعطيته ملكى فسمعه شخص من اهل الله فجاء ومسح يده على بطنه فخرجت منه ريح منتنة وتعافى الملك من ساعته فقال يا سيدى اجلس على سرير المملكة انا عزلت نفسى فقال الرجل لا حاجة الى متاع قيمته ضرطة منتنة ولكن أنت اتعظ من هذا فالشيء الذي اغتررت به قيمته هذا وعن الحسن قال خرج رسول الله ﷺ ذات يوم على أصحابه فقال (هل منكم من يريد ان يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا. ألا انه من رغب في الدنيا وطال أمله فيها أعمى الله قلبه على قدر ذلك ومن زهد فى الدنيا وقصر أمله أعطاه الله تعالى علما بغير تعلم وهدى بغير هداية. ألا انه سيكون بعدكم قوم لا يستقيم لهم الملك الا بالقتل والتجبر ولا الغنى الا بالفخر والبخل ولا المحبة الا باتباع الهوى. ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر للفقر وهو يقدر على الغنى وصبر على البغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو يقدر على العز لا يريد بذلك الا وجه الله تعالى أعطاه الله تعالى ثواب خمسين صديقا) : وفي المثنوى

صفحة رقم 421
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية