آيات من القرآن الكريم

حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ

﴿إِلاَّ أَن يَعْفُونَ﴾ أولى به.
قوله: ﴿وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى﴾.
هذا مخاطبة للأولياء والمطلقات المالكات أمرهن.
وقيل: خوطب بذلك أزواج المطلقات في أن يتركوا الصداق كله إن كان قد ساقوه قبل الطلاق إلى الزوجة.
قوله: ﴿وَلاَ تَنسَوُاْ الفضل﴾.
أي لا تتركوا فعل الخير فيما بينكم؛ يتفضل الزوج على المرأة بإعطاء الصداق كله فإن لم يفعل فتنفصل برد نصف الصداق الذي وصل إليها، أو تترك الكل فذللاك فضلها.
قال مجاهد: " هو إتمام الزوج الصداق كله، أو ترك المرأة النصف الذي لها واجب ".
وقال السدي وعكرمة وسفيان وابن زيد مثله.
قوله: ﴿حَافِظُواْ عَلَى الصلوات والصلاة الوسطى﴾.

صفحة رقم 798

قال ابن عباس وأبو هريرة وابن عمر وأبو سعيد الخدري وعائشة وسعيد بن جبير والضحاك ومجاهد وغيرهم: " الوسطى صلاة العصر " وروي ذلك عن النبي [ ﷺ].
وقال زيد بن ثابت وابن أبي ذئب: " هي الظهر ". وروي ذلك عن ابن عمر.
وروي أن النبي عليه السلام كان يصلي في الهاجرة والناس في هاجرتهم، فلا يجتمع إليه أحد، فتكلم في ذلك فأنزل الله: ﴿والصلاة الوسطى﴾، يريد الظهر.
وقال قبيصة بن ذؤيب: " هي المغرب لكونها بين الليل والنهار ".

صفحة رقم 799

وقال جابر بن عبد الله وعطاء وعكرمة: " هي الصبح/ لكونها أيضاً بين الليل والنهار ". ولقوله: ﴿وَقُومُواْ للَّهِ قانتين﴾. والقنوت إنما يكون في الصبح. وهو [أيضاً مروي] عن ابن عباس [وعلي بن أبي طالب] / وهو قول الربيع وعبد الله بن شداد بن الهاد، وروي ذلك عن مجاهد، وهو قول مالك.
وهو قول أبي أمامة الباهلي وزيد بن أسلم وعبد الله بن عمر.
وقد تظاهرت الأخبار عن النبي [عليه السلام] أنها العصر.
وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك: أن الصلاة الوسطى صلاة الصبح.

صفحة رقم 800

قال مالك: " الظهر والعصر في النهار، والمغرب والعشاء في الليل، والصبح فيما بين ذلك ".
قال مالك: " والصبح لا تجمع إلى غيرها، وقد يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ".
قال مالك: " وهي كثيراً ما تفوت الناس ويتلهون عنها ".
قلت: وصلاة الصبح أفضل الصلوات، ولذلك أكد الله في المحافظة عليها، يدل على ذلك قول النبي عليه السلام: " مَنْ شَهِدَ الصُّبْحَ فَكَأَنَّمَا قَامَ لَيْلَةً، وَمَنْ شَهِدَ الْعِشَاءَ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ لِيْلَةٍ ".
وقال: " بَيْنَنَا وَبَيْنَ المُنَافِقِينَ شُهُودُ الْعَتْمَةِ والصُّبْحِ، لاَ يَسْتَطِيعونَهُمَا ".
وقال: " لَوْ يَعْلَمُوَ مَا فِي الْعَتْمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً ".
ففضل العتمة والصبح على سائر الصلوات، ثم فضل الصبح على العتمة

صفحة رقم 801

فدل على أنها أفضل الصلوات، فهي الوسطى.
وقد قال عمر: " لأن أشهد صلاة أحب إلي من أن أقوم ليلة ".
وقد قرأ الرؤاسي: ﴿والصلاة الوسطى﴾ بالنصب، بمعنى: وألزموا الصلاة، وقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها أثبتت في المصحف: " والصلاة الوسطى، وصلاة العصر "، بالواو.
وكذلك روى نافع أن حفصة أمرت أن يكتب ذلك في مصحفها، وقالت سمعت رسول الله ﷺ يقرأها كذلك ".
وليست هذه الزيادة توجب أن تكون الوسطى/ غير العصر، لأن سيبويه قد حكى: " مررت بأخيك وصاحبك " والصاحب هو الأخ، فكذلك الوسطى هي العصر، وإن عطفت بالواو.

صفحة رقم 802

الصلاة الوسطى هي أفضل الصلوات إعادتها بلفظها بعد أن دخلت في جملة الصلوات كما قال: ﴿وملائكته﴾ [البقرة: ٩٨]. ثم قال: ﴿وَجِبْرِيلَ وميكال﴾ [البقرة: ٩٨]، وكما قال: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ/ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: ٦٨]. فأعاد " جبريل وميكائيل " وقد دخلا في جملة الملائكة، وأعاد " النخل والرمان "، وقد دخلا في جملة الفاكهة، وذلك لفضل فيهما، فأعيدا للتنبيه على الفضل، فكذلك الصلاة الوسطى أعيدت لأنها أفضل الصلوات.
وقد بينا أن صلاة الصبح أفضل الصلوات فهي هي بغير شك.
وقرأ ابن عباس: " والصلاة الوسطى صلاة العصر " على التقدير.
وذكر ابن حبيب عن بعضهم أنها صلاة الجمعة، وهو قول شاذ.
وأصل القنوت/ الطاعة، وهو أيضاً طول القيام.
وقيل: هو هنا السكوت لأنهم كانوا يتكلمون في الصلاة.

صفحة رقم 803
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية