
شرح الكلمات:
﴿كَانَ النَّاسُ١ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ : كانوا قبل وجود الشرك فيهم أمة٢ واحدة على الإسلام والتوحيد وذلك قبل قوم نوح.
﴿النَّبِيِّينَ﴾ : جمع نبي والمراد بهم الرسل إذ كل نبي٣ رسول بدليل رسالتهم القائمة على البشارة والنذارة والمستمدة من كتب الله تعالى المنزلة عليهم.
﴿الْكِتَابَ﴾ : اسم جنس يدخل فيه كل الكتب الإلهية.
﴿أُوتُوهُ﴾ : أعطوه.
﴿الْبَيِّنَاتُ﴾ : الحجج والبراهين تحملها الرسل إليهم وتورثها فيهم شرائع وأحكاماً وهدايات عامة.
﴿بَغْياً﴾ ٤: البغي: الظلم والحسد.
الصراط المستقيم: الإسلام المفضي بصاحبه إلى السعادة والكمال في الحياتين.
معنى الآية الكريمة:
يخبر تعالى أن الناس٥ كانوا ما بين آدم ونوح عليهما السلام في فترة طويلة أمة واحدة على دين الإسلام لم يعبد بينهم إلا الله تعالى حتى زين الشيطان لبعضهم عبادة غير الله تعالى فكان الشرك والضلال فبعث الله تعالى لهدايتهم نوحاً عليه السلام فاختلفوا إلى مؤمن وكافر وموحد ومشرك، وتوالت الرسل تحمل كتب الله تعالى المتضمنة الحكم الفصل في كل ما يختلفون فيه. ثم أخبر تعالى عن سننه في الناس وهي أن الذين يختلفون في الكتاب، أي فيما
٢ لفظ: الأمة: مأخوذ من أممت كذا إذا قصدته، فسميت الجماعة مقدصهم واحد أمة، وقد يطلق على الواحد أمة، إذ كان مقصده واحداً على خلاف غيره، ومنه قول الرسول صلى الله عيه وسلم في قس بن ساعدة: "يحشر يوم القيامة أمة وحده".
٣ عدد الأنبياء مائة وأربعة وعشرون ألف نبي، والرسل منهم: ثلاثمائة وثلاثة عشر، هذا قول جمهور أهل السنة والجماعة، والرسل المذكورون بالاسم العلم في القرآن: خمسة وعشرون رسولاً، وأول الأنبياء: آدم، وأول الرسل: نوح، وخاتم الرسل والأنبياء محمد صلى الله عليهم وسلم أجمعين.
٤ منصوب على المفعول لأجله، أي: لم يختلفوا إلا للبغي الذي هو الظلم الذي صار طبعاً لهم لكثرة ممارستهم له والحسد الذي ملأ قلوبهم فأكلها أو كاد والعياذ بالله.
٥ لفظ: الناس: اسم جمع ليس له مفرد من لفظه، وإنما واحده من غير لفظه، وهو انسان، وآل فيه للاستغراق، أي: جميع أفراده، أي: البشر كلهم.

يحويه من الشرائع والأحكام هم الذين سبق أن أوتوه وجاءتهم البينات فهؤلاء يحملهم الحسد وحب الرئاسة، والإبقاء على مصالحهم على عدم قبول ما جاء به الكتاب، واليهود هم المثل لهذه السنة، فإنهم أوتوا التوراة فيها حكم الله تعالى وجاءتهم البينات على أيدي العابدين من أنبيائهم ورسلهم واختلفوا في كثير من الشرائع والأحكام، وكان الحامل لهم على ذلك البغي والحسد. والعياذ بالله.
وهدى الله تعالى أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما اختلف فيه أهل الكتابين اليهود والنصارى، فقال تعالى: ﴿فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا١﴾ لما اختلف فيه أولئك المختلفون من الحق هداهم ﴿بإذنه٢﴾ ولطفه وتوفيقه، فله الحمد وله المنة. ومن ذلك الحق الذي اختلف فيه أهل الكتاب من قبلنا وهدانا الله تعالى إليه:
١- الإيمان بعيسى عبد الله ورسوله حيث كفر بن اليهود وكذبوه واتهموه بالسحر وحاولوا قتله؟ وألَّهه النصارى، وجعلوه إلهاً مع الله، وقالوا فيه: إنه ابن الله. تعالى الله عن الصاحبة والولد.
٢- يوم الجمعة وهو أفضل الأيام. أخذ اليهود السبت، والنصارى الأحد، وهدى الله تعالى إليه أمة الإسلام.
٣- القبلة قبلة أبي الأنبياء إبراهيم استقبل اليهود بيت المقدس، واستقبل النصارى مطلع الشمس، وهدى الله أمة الإسلام إلى استقبال البيت العتيق؛ قبلة إبراهيم عليه السلام. والله يهدي من شاء إلى صراط مستقيم.
هداية الآية
من هداية الآية:
١- الأصل هو التوحيد، والشرك طارئ على البشرية.
٢ الإذن: الخطاب بإباحة الشيء، وهو مشتق من فعل أذن إذا أصغى إذنه يستمع إلى كلام من يكلمه ثم أطلق على الخطاب بالإباحة مطلقاً.