آيات من القرآن الكريم

وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲﭳﭴ ﲿ ﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ

وقد قال بعض الفقهاء: ولا تؤخذ من الرهبان الجية، وكذلك لا يحل قتل من أدى الجزية.
قوله: ﴿واقتلوهم حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم﴾ أي: في أي مكان تمكنتم بهم. ومعنى " الثقافة بالأمر ": الحذق به والبصر. ومعنى " التَّثْقيفِ ": التقويم.
ثم قال: ﴿وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾.
هذا خطاب للمهاجرين أُمروا أن يُخرجوا الكفار من مكة، وهو الموضع الذي هاجروا - هم - منه، وأُخرجوا.
﴿والفتنة أَشَدُّ مِنَ القتل﴾.
أي الشرك الكفر. هذا قول قتادة؛ أي أن يُقتل أحب إليه من أن يكفر. وأصل الفتنة الاختبار والابتلاء. فمعناه الاختبار الذي يؤذي إلى الكفر أشد من القتل.

صفحة رقم 635

قوله: ﴿وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ المسجد الحرام﴾ الآية.
وجه قراءة حمزة والكسائي: " وَلاَ تَقْتُلُوهُمْ " بغير ألف، من القتل حتى [يقتلوكم مثله، فإن قتلوكم] مثله، أنهم أمروا ألا يقتلوا أحداً عند المسجد الحرام حتى يُقتلَ بعضهم فقال: [ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم] أي يقتلوا بعضكم. والعرب تقول: " قد قُتل بنو فلان " ولم يُقتل إلا الأقل منهم. " ومات الناس " ولم يمت إلا الأقل منهم. فأمام عنى قراءة الجماعة بالألف في الثلاثة من القتال، فهو أمروا ألا يبدأوا بالقتال في المسجد الحرام حتى يبدأوهم، فإن بدأوهم به، قاتلوهم وقتلوهم.
وقال قتادة: " أمروا ألا يقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى

صفحة رقم 636

يبدأوهم/ ثم نسخ ذلك قوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ﴾ ﴿حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ أي: لا يكون شرك ﴿وَيَكُونَ الدين للَّهِ﴾ أي يقال: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ".
وروي عن قتادة أيضاً أنها منسوخة بقوله: ﴿فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين﴾، [التوبة: ٥]. فأمروا بالقتال، ﴿حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ [التوبة: ٥] عند [انسلاخ الأشهر في الحل و] الحرم حتى يشهدوا [أن لا إلا الله وأن] محمداً رسول الله ".
وقال مجاهد: " الآية غير منسوخة، ولا يحل لأحد أن يقاتل في الحرم أحداً إلا أن يبدأه بذلك فيقاتله "، واحتَجَّ بحديث النبي ﷺ يوم فتح مكة: " إِنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللهِ لَمْ تَحِل لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدي ".
وأكثر الناس على أنها منسوخة، وأن المشركين يُقاتلون في كل موضع بقوله: ﴿فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ﴾ - وبراءة نزلت بعد البقرة - وبقوله:

صفحة رقم 637

﴿وَقَاتِلُواْ المشركين كَآفَّةً﴾ [التوبة: ٣٦]، والحجة بما ثبت نصه وتلاوته أولى من غيره.
قوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حتى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾، أي: شرك. الدين العبادة والطاعة.
قوله: ﴿فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظالمين﴾ أي: لا يُجازى إلا هم.
وسيمت مجازاتهم عدواناً لأنها جزاء للاعتداء، وهو مذهب العرب. ومنه: ﴿فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤].
ومنه: ﴿الله يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥]، ومنه: ﴿وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا﴾ [الشورى: ٤٠]، ومنه: ﴿سَخِرَ الله مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩].
ومعنى: ﴿فَلاَ عُدْوَانَ﴾، أي لا يُقاتَل إلا من قاتل.
قال الأخفش: " المعنى: فإن انتهى بعضهم فلا عدوان إلا على الذي لم ينته، وهو الظالم منهم ".

صفحة رقم 638
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية