آيات من القرآن الكريم

خَالِدِينَ فِيهَا ۖ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ
ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞ ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸ

أجرهم بغير حساب، أولئك تنزل عليهم المغفرة والرحمة ممن رباهم وتولى أمورهم، وأولئك هم المهتدون إلى الأفعال النافعة.
والأحاديث في الصبر والاسترجاع عند المصيبة كثيرة، منها
حديث أم سلمة «لا تصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول: اللهم أجرنى على مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا فعل ذلك به»
وما
يروى عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «قال الله: يا ملك الموت، قبضت ولد عبدى؟ قبضت قرّة عينه وثمرة فؤاده؟ قال:
نعم قال: فما قال؟ قال: حمداك واسترجع، قال: ابنوا له بيتا في الجنّة وسمّوه بيت الحمد»
.
وما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم حينما مات إبراهيم: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون»
فهذا هو نظام الدين إذا أصاب المسلم شيء يستسلم لقضاء ربه ويرضى بحكمه ويسترجع عند المصيبة، وعلى العموم لا يقول إلا ما يرضى ربه.
بعض شعائر الحج وجزاء من يكتم آيات الله [سورة البقرة (٢) : الآيات ١٥٨ الى ١٦٢]
إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ (١٥٩) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٦٠) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢)

صفحة رقم 89

المفردات:
الصَّفا وَالْمَرْوَةَ: جبلان بمكة. شَعائِرِ اللَّهِ: جمع شعيرة، وهي العلامة، والمراد بشعائر الله هنا: مناسك الحج. حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ الحج في اللغة: القصد، وفي الشرع: قصد مكة للنسك. وَالْعُمْرَةَ: الزيارة، واعتمر:
زار، وفي عرف الشارع هي كالحج لكن ليس فيها وقوف بعرفة وليس لها زمان محدود.
فَلا جُناحَ: فلا إثم. تَطَوَّعَ: فعل الطاعة فرضا أو نفلا. يُنْظَرُونَ:
من الإنظار وهو الإمهال.
المناسبة:
قد تكلم القرآن الكريم عن معاندة أهل الكتاب والمشركين في تحويل القبلة وما ترتب على ذلك من ذكر القتال والصبر وجزائه.
ومن الحكمة في تحويل القبلة توجيه أنظار المسلمين إلى مكة قلب الجزيرة، فناسب هنا ذكر بعض شعائر الحج وهي السعى بين الصفا والمروة: إلهابا لهم وتذكيرا بمكة.
سبب النزول:
روى البخاري عن عاصم بن سليمان: سألت أنسا عن الصفا والمروة؟ قال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية- لأنه كان عليهما صنمان (أساف ونائلة) وكان الجاهليون يمسحون عليهما- فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فنزل قول الله- عز وجل-:
إن الصفا... إلخ.
المعنى:
إن السعى بين الصفا والمروة من مناسك الحج والعمرة ومن أعمالهما، فمن قصد البيت للحج أو للعمرة فلا إثم عليه أن يطوف بهما، أى: يسعى بينهما، ونفى الإثم والحرج يشمل الواجب والمندوب، ومن تطوع بعمل خير لم يجب عليه من طواف أو غيره شكره الله بالجزاء على فعله إذ هو عليم بكل فعل يصدر من العبد.
ثم رجع إلى اليهود فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وقد نزلت في علماء اليهود وأحبارهم.

صفحة رقم 90

إن الذين يخفون ما أنزل الله بكتمه على الناس مع شدة الحاجة إليه، أو وضع شيء مكذوب من عندهم مكانه فجزاؤهم الطرد من رحمة الله، وغضب الله عليهم، فاليهود قد كتموا الآيات الواضحات الدالة على صدق محمد صلّى الله عليه وسلّم والآيات الهاديات إلى حقيقة أمره ووجوب اتباعه والإيمان به، كل ذلك من بعد ما بينها المولى- جل شأنه- ووضحها في التوراة ماذا يكون جزاؤهم؟ أليس هو الطرد من رحمة الله؟ ودعاء الملائكة أجمعين عليهم إلا من تاب منهم ورجع عن كتمان كلام الله، وأصلح ما أفسده بأن أزال ما وضعه من عنده، وكتب الأصل وبلّغ ما أنزل الله من غير تحريف ولا تبديل، فأولئك البعيدون في درجة الكمال بتوبتهم وإيمانهم يتوب الله عليهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم لأنه هو التواب الرحيم.
هذا شأن من تاب وأناب، ومن عاند وظل يغير ويحرف حتى مات!! فأولئك الذين كفروا بالله ورسله وماتوا على الكفر، أولئك عليهم لعنة الله وحقت عليهم كلمته وعليهم لعنة الملائكة والناس أجمعين خالدين في النار وماكثين مكثا الله أعلم به، لا يخفف عنهم من عذابها، ولا يمهلون.
ما تشير إليه الآية:
الإجماع منعقد على أن السعى بين الصفا والمروة من أعمال الحج والعمرة، والخلاف في حكمة فعن أحمد أنه سنة، وعن أبى حنيفة أنه واجب يجبر بدم، وعن مالك والشافعى أنه ركن
لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السّعى» «١».
آية كتمان ما أنزله الله نزلت في اليهود، ولكن العبرة بعموم اللفظ، فمن كتم حكما شرعيا أو علما نافعا أو رأيا ناضجا خالصا لوجه الله والوطن دخل تحت طائلة هذا العقاب.

(١) رواه أحمد ٦/ ٤٢١ والشافعى وغيرهما وللحديث طريقة أخرى عند ابن خذيمة إذا انضمت إلى الأولى قويت قاله ابن حجر في الفتح ٣/ ٥٨٢. [.....]

صفحة رقم 91
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية