آيات من القرآن الكريم

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ ﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔ ﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞ

على الإبدال من الأوّل، أى يكتمون الحق، الحق من ربك، فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ الشاكين في كتمانهم الحق مع علمهم، أو في أنه من ربك لِكُلٍ
من أهل الأديان المختلفةجْهَةٌ
قبلة. وفي قراءة أبىّ: ولكل قبلةوَ مُوَلِّيها
وجهه، فحذف أحد المفعولين. وقيل هو للَّه تعالى، أى اللَّه موليها إياه. وقرئ: َ لِكُلٍّ وِجْهَةٌ)
على الإضافة. والمعنى وكل وجهة اللَّه موليها، فزيدت اللام لتقدم المفعول كقولك: لزيد ضربت ولزيد أبوه ضاربه. وقرأ ابن عامر: هو مولاها، أى هو مولى تلك الجهة وقد وليها. والمعنى: لكل أمّة قبلة تتوجه إليها، منكم ومن غيركم اسْتَبِقُوا
أنتمْ خَيْراتِ
واستبقوا إليها «١» غيركم من أمر القبلة وغيره.
ومعنى آخر: وهو أن يراد: ولكل منكم يا أمة محمد وجهة أى جهة يصلى إليها جنوبية أو شمالية أو شرقية أو غربية فاستبقوا الخيرات يْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً
للجزاء من موافق ومخالف لا تعجزونه. ويجوز أن يكون المعنى: فاستبقوا الفاضلات من الجهات وهي الجهات المسامتة للكعبة وإن اختلفت، أينما تكونوا من الجهات المختلفة يأت بكم اللَّه جميعا يجمعكم ويجعل صلواتكم كأنها إلى جهة واحدة، وكأنكم تصلون حاضري المسجد الحرام.
[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٤٩ الى ١٥٤]
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (١٥٣)
وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ (١٥٤)
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ أى ومن أى بلد خرجت للسفر فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ

(١). قوله «واستبقوا إليها» لعله واسبقوا. (ع)

صفحة رقم 205

إذا صليت وَإِنَّهُ وإن هذا المأمور به. وقرئ (يعملون) بالتاء والياء. وهذا التكرير لتأكيد أمر القبلة وتشديده، لأنّ النسخ من مظانّ الفتنة والشبهة وتسويل الشيطان والحاجة إلى التفصلة بينه وبين البداء، فكرر عليهم ليثبتوا ويعزموا ويجدّوا، ولأنه نيط بكل واحد ما لم ينط بالآخر فاختلفت فوائدها إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا استثناء من الناس، ومعناه، لئلا يكون حجة لأحد من اليهود إلا للمعاندين منهم القائلين: ما ترك قبلتنا إلى الكعبة إلا ميلا إلى دين قومه وحباً لبلده، ولو كان على الحق للزم قبلة الأنبياء. فإن قلت: أى حجة كانت تكون للمنصفين منهم لو لم يحوّل حتى احترز من تلك الحجة ولم يبال بحجة المعاندين؟ قلت: كانوا يقولون ماله لا يحوّل إلى قبلة أبيه إبراهيم كما هو مذكور في نعته في التوراة؟ فإن قلت: كيف أطلق اسم الحجة على قول المعاندين؟ قلت: لأنهم يسوقونه سياق الحجة. ويجوز أن يكون المعنى: لئلا يكون للعرب عليكم حجة واعتراض في ترككم التوجه إلى الكعبة التي هي قبلة إبراهيم وإسماعيل أبى العرب، إلا الذين ظلموا منهم وهم أهل مكة حين يقولون: بدا له فرجع إلى قبلة آبائه، ويوشك أن يرجع إلى دينهم. وقرأ زيد بن على رضى اللَّه عنهما: ألا الذين ظلموا منهم، على أنّ ألا للتنبيه ووقف على حجة، ثم استأنف منبها فَلا تَخْشَوْهُمْ فلا تخافوا مطاعنهم في قبلتكم فإنهم لا يضرونكم وَاخْشَوْنِي فلا تخالفوا أمرى وما رأيته مصلحة لكم. ومتعلق اللام محذوف، معناه: ولإتمامى النعمة عليكم وإرادتى اهتداءكم أمرتكم بذلك أو يعطف على علة مقدّرة، كأنه قيل. واخشوني لأوفقكم ولأتمّ نعمتي عليكم. وقيل: هو معطوف على: (لِئَلَّا يَكُونَ). وفي الحديث «تمام النعمة دخول الجنة» «١» وعن على رضى اللَّه عنه «تمام النعمة الموت على الإسلام» كَما أَرْسَلْنا إمّا أن يتعلق بما قبله، أى: ولأتم نعمتي عليكم في الآخرة بالثواب كما أتممتها عليكم في الدنيا بإرسال الرسول، أو بما بعده: أى كما ذكرتكم بإرسال الرسول فَاذْكُرُونِي بالطاعة أَذْكُرْكُمْ بالثواب وَاشْكُرُوا لِي ما أنعمت به عليكم وَلا تَكْفُرُونِ ولا تجحدوا نعمائي. أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ هم أموات بل هم أحياء وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ كيف حالهم في حياتهم.
وعن الحسن: أنّ الشهداء أحياء عند اللَّه تعرض أرزاقهم على أرواحهم، فيصل إليهم الروح والفرح، كما تعرض النار على أرواح آل فرعون غدوة وعشيا، فيصل إليهم الوجع. وعن مجاهد:
يرزقون ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها. وقالوا: يجوز أن يجمع اللَّه من أجزاء الشهيد جملة فيحييها ويوصل إليها النعيم وإن كانت في حجم الذرّة. وقيل: نزلت في شهداء بدر وكانوا أربعة عشر.

(١). أخرجه أحمد والترمذي والبزار من حديث معاذ وسيأتى في سورة الرحمن.

صفحة رقم 206
الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل
عرض الكتاب
المؤلف
محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشريّ، جار الله، أبو القاسم
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
الطبعة
الثالثة - 1407 ه
عدد الأجزاء
4
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية