
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَٰتٍ قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾؛ معناهُ: وإذا تُتْلَى على الكفَّار آياتُ القُرْآنِ الْمُنَزَّلَةِ قالُوا ﴿ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ ﴾؛ أي الدِّينين.
﴿ خَيْرٌ مَّقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً ﴾؛ خيرٌ مَسْكناً وخيرٌ مجلساً في الدُّنيا، فكذلكَ يكون في الآخرةِ. يعني أنَّ مشركي قريشٍ كانوا يقولون لفقراءِ المؤمنين: أيُّ الفريقينِ خيرٌ مقاماً؛ نُحْنُ أم أنتم؟ والْمَقَامُ والمسكن والمنْزِلُ والنَّدِيُّ والنادي: مجلسُ القوم ومجتمعُهم، وكانوا يلبسون أحسنَ الثِّياب، ثُمَّ يقولون مِثْلَ هذا للمؤمنين. فأجابَهم اللهُ تعالى بقوله: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً ﴾؛ أي وَكَمْ أهلكنا قبلَ قُريشٍ مِن الأمم الخاليةِ هُم أحسنُ أموالاً وأحسنُ منظراً، والأثاثُ: المالُ، جَمْعُ الإبلِ والغنمِ والعبيد والمتاعِ، وقال الحسنُ: (الأَثَاثُ: اللِّبَاسُ، وَالرِّئِيُّ: الْمَنْظَرُ). وقُرِئَ (وَرِياً) بغيرِ همزٍ من الرَّيِّ الذي هو ضدُّ العطشِ، والمرادُ: أن منظَرَهم مُرْتَوٍ من النعمةِ كأنَّ النعيمَ بيِّن فيهم؛ لأن الرِّيَّ يتبعهُ الطَرَاوَةُ، كما أنَّ العطشَ يتبعهُ الذُّبولُ.