آيات من القرآن الكريم

فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻ

قَالَ السُّدِّيُّ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْتَهِدَ صَامَ عَنِ الْكَلَامِ، كَمَا يَصُومُ عَنِ الطَّعَامِ، فَلَا يَتَكَلَّمُ حَتَّى يُمْسِيَ.
وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمْرَهَا أَنْ تَقُولَ هَذَا إِشَارَةً.
وَقِيلَ أَمَرَهَا أَنْ تَقُولَ هَذَا الْقَدْرَ نُطْقًا، ثُمَّ تُمْسِكُ عَنِ الْكَلَامِ بَعْدَهُ.
﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا﴾ يُقَالُ: كَانَتْ تُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ، وَلَا تُكَلِّمُ الْإِنْسَ.
﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) ﴾
﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ﴾ قِيلَ: إِنَّهَا وَلَدَتْهُ، ثُمَّ حَمَلَتْهُ فِي الْحَالِ إِلَى قَوْمِهَا.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: حَمَلَ يُوسُفُ النَّجَّارُ مَرْيَمَ وَابْنَهَا عِيسَى [عَلَيْهِمَا السَّلَامُ] (١) إِلَى غَارٍ، وَمَكَثَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى طَهُرَتْ مِنْ نِفَاسِهَا (٢) ثُمَّ حَمَلَتْهُ مَرْيَمُ عَلَيْهَا السَّلَامُ إِلَى قَوْمِهَا. فَكَلَّمَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ: يَا أُمَّاهُ أَبْشِرِي فَإِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَمَسِيحُهُ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَى أَهْلِهَا وَمَعَهَا الصَّبِيُّ بَكَوْا وَحَزِنُوا، وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتٍ صَالِحِينَ (٣) ﴿قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا﴾ عَظِيمًا مُنْكَرًا، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ أَمْرٍ فَائِقٍ مِنْ عَجَبٍ أَوْ عَمَلٍ فَهُوَ فَرِيٌّ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمَرَ: "فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ" (٤) أَيْ: يَعْمَلُ عَمَلَهُ. ﴿يَا أُخْتَ هَارُونَ﴾ يُرِيدُ يَا شَبِيهَةَ هَارُونَ، قَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ: كَانَ هَارُونُ رَجُلًا صَالِحًا عَابِدًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ. رُوِيَ أَنَّهُ اتَّبَعَ جَنَازَتَهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا كُلُّهُمْ يُسَمَّى "هَارُونُ" مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سِوَى سَائِرِ النَّاسِ [شَبَّهُوهَا بِهِ عَلَى] (٥) مَعْنَى إِنَّا ظَنَنَّا أَنَّكِ مِثْلُهُ فِي الصَّلَاحِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْأُخُوَّةَ فِي النَّسَبِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ" (الإِسْرَاءِ: ٢٧) أَيْ أَشْبَاهَهُمْ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ

(١) ساقط من "أ".
(٢) عزاه السيوطي في الدر: (٥ / ٥٠٦) لسعيد بن منصور وابن عساكر عن ابن عباس، دون أن يذكر يوسف النجار. وتقدم أن الكلبي ضعيف.
(٣) انظر: "البحر المحيط": ٦ / ١٨٧.
(٤) أخرجه البخاري في المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام: ٦ / ٦٢٩-٦٣٠، ومسلم في فضائل الصحابة، باب فضائل عمر رضي الله عنه، برقم (٢٣٩٣) : ٤ / ١٨٦٢.
(٥) ما بين القوسين ساقط من "أ".

صفحة رقم 228
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية