آيات من القرآن الكريم

قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً ۚ قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠ ﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯ ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘ ﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ

٣- وجود العقم في بعض النساء.
٤- قدرة الله تعالى فوق الأسباب وإن شاء تعالى أوقف الأسباب وأعطى بدونها.
٥- تقرير مبدأ أن الأنبياء لا يورثون فيما يخلفون من المال كالشاه والبعير١ وإنما يورثهم الله أولادهم في النبوة والعلم والحكمة.
قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (٨) قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩) قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١) يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (١٤) وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (١٥)
شرح الكلمات:
أنى يكون لي غلام؟ : أي ن أي وجهٍ وَجِهَةٍ يكون لي ولد.
عتيا: أي يبست مفاصي وعظامي.
آية: أي علامة تدلني على حمل امرأتي.
سويا: أي حال كونك سويَّ الخَلّقِ ما بك عليه خرس.

١ والدينار والدرهم.

صفحة رقم 295

من المحراب١: المصلى الذي يصلى فيه وهو المسجد.
فأوحى إليهم: أومأ إليهم وأشار عليهم.
وآتيناه الحكم صبيا: الحكم والحكمة بمعنى واحد وهما الفقه في الدين ومعرفة أسرار الشرع.
وحناناً من لدنا: أي عطفاً على الناس موهوباً له من عندنا.
وزكاة: أي طهارة من الذنوب والآثام.
جباراً عصياً: أي متعالياً لا يقبل الحق عصياً لا يطيع أمر الله عز وجل وأمر والديه.
وسلام عليه: أي أمان له من الشيطان أن يمسه بسوء يوم يولد، وأمان له من فتاني القبر يوم يموت، وأمان له من الفزع الأكبر يوم يبعث حياً.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر رحمة الله عبده زكريا إنه لما بشره ربه تعالى بيحيى قال: ما أخبر به تعالى عنه في قوله: ﴿قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيا ٢﴾ أي من أي وجه وجهة يأتيني الولد أمن إمرأة غير امرأتي، أم منها ولكن تهبني قوة على مباضعتها٣ وتجعل رحمها قادرة على العلوق٤، لأني كما تعلم يا ربي قد بلغت من الكبر حداً بس فيه عظمي ومفاصلي وهو العتى كما أن امرأتي عاقر لا يولد لها. فأجابه الرب تبارك وتعالى بما في قوله عز وجل: ﴿قال كذلك﴾ أي الأمر كما قلت يا زكريا، ولكن ﴿قال ربك هو على هين﴾ أي إعطاؤك الولد على ما أنت عليه من الضعف والكبر وامرأتك من العقر سهل يسير لا صعوبة فيه ويدلك على ذلك أني ﴿قد خلقتك من٥ قبل ولم تك شيئاً﴾، فكما قدر ربك على خلقك ولم تك شيئاً فهو قادر على هبتك الولد على ضعفك وعقر امرأتك وهنا طالب زكريا ربه بأن يجعل له علامة تدله على وقت حمل امرأته بالولد فقال ما أخبر به تعالى في قوله: ﴿قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً﴾ فأعطاه تعالى علامة على وقت حمل امرأته بالولد وهي أنه يصبح يوم بداية الحمل لا يقدر على الكلام

١ المحراب: مكان مرتفع، ومن هنا كره مالك أن يصلي الإمام في مكان أرفع من المكان الذي يصلي فيه الناس وراءه خشية الكبر عليه، والكبر من كبائر الذنوب ولم يكره أحمد رحمه الله تعالى.
٢ قرأ نافع (عُتيا) بضم أوله كما: بُكيَّا وصليَّا، وبكسرها قرأ حفص، والعتي: هو قحول العظم ويبوسته.
٣ أي: جماعها من إدخال البضع في البضع.
٤ أي: علوق النطفة في الرحم.
٥ أي: فخلق الولد كخلقك.

صفحة رقم 296

وهو سوي البدن ما به خرس ولا مرض يمنعه من الكلام، ﴿فخرج على قومه من المحراب﴾ أي المصلى الذي يصلي فيه ﴿فأوحى إليهم﴾ أي أومأ وأشار١ إليهم ﴿أن سبحوا٢ بكرة وعشياً٣﴾ أي اذكروا الله في هذين الوقتين بالصلاة والتسبيح. وهنا علم بحمل امرأته إذ إمتناعه عن الكلام مع سلامة جسمه وحواسه آية على بداية الحمل. وقوله تعالى: ﴿يا يحيى خذ الكتاب بقوة﴾ هذا قول الله تعالى للغلام بعد بلوغه ثلاث سنين أمره الله تعالى أن يتعلم التوراة ويعمل بها بقوة جد وحزم وقوله ﴿وآتيناه الحكم٤ صبيا﴾ أي وهبناه الفقه في الكتاب ومعرفة أسرار الشرع وهو صبي لم يبلغ سن الاحتلام. وقوله تعالى: ﴿وحناناً٥ من لدنا وزكاة وكان تقياً﴾ أي ورحمة منا به ومحبة له آتيناه الحكم صبياً كما أنه عليه السلام كان ذا حنان على أبويه وغيرهما من المسلمين وقوله ﴿وزكاة﴾ أي طهارة من الذنوب باستعمال بدنه في طاعة ربه عز وجل ﴿وكان تقياً﴾ أي خائفاً من ربه فلا يعصه بترك فريضة ولا يفعل حرام.
وقوله تعالى: ﴿وبرا بوالديه﴾ أي محسناً بهما مطيعاً لهما لا يؤذيهما أدنى أذى وقوله ﴿ولم يكن جباراً عصياً﴾ أي لم يكن عليه السلام مستكبراً ولا ظالماً، ولا متمرداً عاصياً لربه ولا لأبويه وقوله: ﴿وسلام عليه يوم٦ ولد﴾ أي أمان له من الشيطان يوم ولد، وأمان له من فتانى القبر يوم يموت، وأمان له من الفزع الأكبر يوم يبعث حياً، فسبحان الله ما أعظم فضله وأجزل عطاءه على أوليائه، اللهم أمنا كما أمنته فإنك ذو فضل عظيم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- طلب معرفة السبب الذي يتأتى به الفعل غير قادح في صاحبه فسؤال زكريا عن الوجه الذي يأتي به الولد، كسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى.

١ أو كتب إليهم كتابة.
٢ إذ كان يأمرهم بالصلاة بكرة وعشيا فلما حملت امرأته أمرهم بالصلاة بالإشارة لأنه لم يقدر على الكلام إذ جعل الله تعالى عجزه عن الكلام علامة الحمل لامرأته.
٣ بكرة وعشياً ظرفان في الصباح والمساء.
٤ يروى أنه قال له الأولاد: هيا بنا نلعب فقال لهم: ما للعب خلقت، فهذا مما أوتيه من الحكم صبياً.
٥ الحنان: التعطف والترحم وأصله من حنين الناقة إلى فصيلها، ويقال: حنانك وحنانيك وهما بمعنى واحد. قال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا
حنانيك بعض الشر أهو من بعض
٦ وجائز أن يكون المراد بالسلام هنا: التحية منه تعالى وهي أشرف من غيرها.

صفحة رقم 297
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية