آيات من القرآن الكريم

قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَىٰ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا
ﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷ ﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄ ﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚ ﰜﰝﰞﰟﰠﰡﰢﰣ

بضم الألف بغير تنوين. فمن قرأ بالنصب فمعناه: أن له الحسنى جزاء، صار الجزاء نصباً للحال. ومن قرأ بالضم جزاءً للإضافة، بغير جزاء إحسانه. وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً، أي سنعد له في الدنيا معروفاً عدة حسنة معروفة، ويقال: وسنقول له قولاً جميلا.
ثمّ قال: ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً، أي أخذ طريقاً. وقال القتبي: السبب أصله الحبل، ثمّ كل شيء توصلت به إلى موضع أو حاجة فهو سبب. تقول: فلان سببي إليك، أي وصلتي، وتسمى الطريق سبباً، لأنه يصل إلى الموضع الذي يريده.
حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً، أي لم يكن لهم من دون الشمس شيء يظلهم، لا شجر ولا جبل ولا ثوب، إلا عراة عماة عن الحق وكانوا في مكان لا يستقر عليه البناء وقال قتادة: يقال إنهم الزنج، وكانوا في مكان لا ينبت فيه نبات، وكانوا يدخلون سرباً إذا طلعت الشمس، حتى تزول عنهم ويخرجون في معايشهم.
كَذلِكَ يعني: هكذا بلغ مطلع الشمس أيضاً، كما بلغ مغربها.
ثم استأنف فقال: وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً، أي بما عنده علماً. وهذا قول مقاتل كَذلِكَ أي: كما أخبرتك بهذا الخبر، كذلك كان علمنا محيطاً به قبل ذلك. ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً، أي أخذ طريقا.
ثم قال: حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ، أي بين الجبلين، قرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر: السَّدَّيْنِ بضم السين وكذلك الثاني، والذي في سورة يس، وروى حفص عن عاصم:
أنه نصب كله، وابن كثير وأبو عمرو نصبا هاهنا ورفعا في يس، وحمزة والكسائي رفعا بين السدين ونصبا ما سوى ذلك. وقال بعض أهل اللغة: ما كان مسدوداً خلقة فهو سَد بالنصب، وما كان بعمل الناس فهو سد بالضم، وروي عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: إن المراد هاهنا طرفا الجبل. وَجَدَ مِنْ دُونِهِما، أي من قبل الجبلين قَوْماً لاَّ يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا، أي كلاماً غير كلامهم ولساناً غير لسانهم. قرأ حمزة والكسائي يَفْقَهُونَ بضم الياء وكسر القاف، يعني: أن كلامهم لا يفهمه أحد غيرهم. وقرأ الباقون يَفْقَهُونَ بالنصب، يعني: أنهم لا يفقهون قول غيرهم.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ٩٤ الى ٩٧]
قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (٩٤) قالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (٩٥) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (٩٦) فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (٩٧)
قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ، أي يخرجون إلى أرضنا

صفحة رقم 361

ويأكلون رطبنا، ويحملون يابسنا، ويقتلون أولادنا. وكان يأجوج رجلاً ومأجوج رجلاً، وكانا أخوين من بني يافث بن نوح، فكثر نسلهما فنسب إليهما. ويقال: سمي يأجوج ومأجوج لكثرتهم وازدحامهم، لأنهم يموجون بعضهم في بعض. فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً قرأ عاصم:
يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بهمز الألف، وقرأ الباقون بغير همز، وقرأ حمزة والكسائي خَرَاجاً بالألف وقرأ الباقون خَرْجاً بغير ألف، ويقال: الخراج هو الضريبة، والخرج هو الجعل، ويقال: أحدهما اسم والآخر مصدر. عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، أي حاجزاً.
ف قالَ ذو القرنين: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ قرأ ابن كثير مَا مكّنني بنونين وهو الأصل في اللغة، وقرأ الباقون مَكَّنِّي فأدغم إحدى النونين في الأخرى وأقيم التشديد مقامه، أي ما ملَّكني وأعطاني فيه ربي من القوة والمال خير من جعلكم، ويقال: ما يعطيني الله تعالى في الآخرة من الثواب خير من جعلكم في الدنيا. فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ قالوا: وما تريد؟ قال: آلة العمل وهي آلة الحدادين. أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً. قالوا: وما هي؟ قال: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ، أي قطع الحديد أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً قرأ عاصم في إحدى الروايتين ائتوني على معنى جيئوني، وقرأ الباقون آتُونِي بمد الألف أي أعطوني. فأتوه بقطع الحديد فبناه.
حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر الصَّدَفَيْنِ بضم الصاد والدال، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر الصَّدَفَيْنِ بضم الصاد وجزم الدال، وقرأ الباقون بنصب الصاد والدال، وهما ناحيتا الجبل. فأخذ قطع الحديد وجعل بينهما حطباً وفحماً، ووضع المنافخ وقال: انفخوا. فنفخوه حتى صار كهيئة النار. ثم أتى بالصفر ويقال: بالنحاس، فأذابه وأفرغ عليه حتى صار جبلاً من حديد ونحاس، فذلك قوله حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أي بين الجبلين. قالَ انْفُخُوا، فنفخوا. حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً، أي صيَّر الحديد ناراً، قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً، وهو الصفر المذاب أصبُبْ عليه. قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة قالَ ائْتُونِي بجزم الألف والباقون بالمد فَمَا اسْطاعُوا، أي فما قدروا أَنْ يَظْهَرُوهُ، يعني: أن يعلوا فوق السد. وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً، أي ما قدروا على نقب السد.
ويقال: مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً أي ما تحت السد في الأرض، لأنه بناه في الأرض إلى السماء.
قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا أبو بكر الواسطي قال:
حدّثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو حفص، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قال: «إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ الرَّدْمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْس، قَالَ الذين عليهم: ارجعوا فسنحفره غَداً، فَيُعِيدُهُ الله كَمَا كَانَ.
حَتَّى إذا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُه غَداً إنْ شَاءَ الله تَعَالَى. فَيَعُودُونَ إلَيْهِ، فَإذا هُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَسْتَقُونَ المِيَاهَ وَتُحَصَّنُ النَّاسُ فِي

صفحة رقم 362
بحر العلوم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية