آيات من القرآن الكريم

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا
ﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ ﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ ﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺ ﯼﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜ ﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃ ﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ

رسول الله صلّى الله عليه وسلم سرادق النار أربعة جدر كثف كل جدار أربعون سنة، أي مساقة عرضه «وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا» من شدة العطش فيها «يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ» يشبه عكر الزيت المذاب الشديد الحرارة «يَشْوِي الْوُجُوهَ» لعظم حرارته عند شربه «بِئْسَ الشَّرابُ» ذلك «وَساءَتْ» النار «مُرْتَفَقاً» ٢٩ منزلا لأهلها ومتكأ ومجتمعا، وجيء بهذه اللفظة للمشاكلة مع الآية الآتية وإلا ليس لأهل النار ارتفاق ولا منزل يتكأ فيه ولا مجمع محمود، أخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلم في قوله تعالى (كَالْمُهْلِ) كعكر الزيت، فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه، أي جلدته أعاذنا الله تعالى منه وأدخلنا في قوله «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا» ٣٠ في دنياه، وجملة إنا فما بعدها معترضة بين صدر آيتها وصدر قوله تعالى
«أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ نِعْمَ الثَّوابُ» ذلك الثواب عند رب الأرباب «وَحَسُنَتْ» جنة عدن دار الإقامة والخلود «مُرْتَفَقاً» ٣١ متكأ ومقرا ومجلسا لأهلها، راجع معنى السندس وما بعده في الآية ٥٣ من سورة الدخان المارة ومعنى الأساور في الآية ٥٣ من سورة الزخرف المارة وجعل بعض القراء والمفسرين هاتين الآيتين ٣٠/ ٣١ آية واحدة وقال إن جملة (لا نضيع) إلخ معترضة بين صدر الآية وعجزها وهو سديد لولا وجود كلمة (أولئك) لهذا فهي آيتان مرتبطتان ببعضهما. قال تعالى «وَاضْرِبْ لَهُمْ» يا سيد الرسل «مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً» ٣٢ لتكون جامعة للقوت والفاكهة والخضر والزينة معا «كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها» ثمرها من كل ذلك «وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً» إشعار بأنها حملت حملها المعتاد ونبت حب الزرع كله فلم تجحد منه الأرض شيئا يؤدي إلى نقص الحاصل «وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً» ٣٣ لإتمام النفع وإكمال الزينة لأن أحسن القصور وألطف البساتين ما يجري فيها الأنهار «وَكانَ لَهُ» لصاحبها «ثَمَرٌ» بالفتح جمع ثمرة وبالضم

صفحة رقم 178

الأموال المثمرة على الإطلاق «فَقالَ لِصاحِبِهِ وَهُوَ يُحاوِرُهُ» حالة مخاطبته له «أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً» ٣٤ أنصارا وحشما، لأن من كان كذلك كثر أصحابه قال:

الناس أعوان من والته دولته وهم عليه إذا عادته أعوان
والناس عبيد الدرهم والدينار، قال هذا القول لأخيه المؤمن «وَدَخَلَ جَنَّتَهُ» أفردها بالذكر لأنها في الأصل واحدة ولكن لما فصل بينها بالنهر صارت اثنتين بحائط واحد «وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ» بما قاله وما خطر بباله من القول السيء الذي أخبر الله عنه بقوله جل قوله «قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً» ٣٥ شك الخبيث في دمارها لطول أمله في الدنيا وغروره بعاقبته ونماديه في غفلته وأكثر الناس الآن هكذا مسجلين في الديوان مسلمين، ولم يعملوا عمل الإسلام ويزعمون أنهم مؤمنون وذلك بسبب انهماكهم في الدنيا وغرورهم فيها، ثم تطاول هذا الكافر ولم يكتف بإنكاره وما قاله لأخيه بل تطرق لإنكار البعث أيضا فقال «وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً» كما يقال ثم بغى وطفى وقال على فرض صحة ما تزعمون أننا نحيا ونرد إلى الله فأنا أقسم لكم «وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها» من هذه الجنة التي ترونها «مُنْقَلَباً» ٣٦ مرجعا وعاقبة في الآخرة التي تقولون بوجودها كما أعطاني في هذه الدنيا، ومن هذا القبيل تفوهات بعض السفهة الآن ردهم الله للهدى ووفقهم للرشد ووقانا وإياهم من الردى «فَقالَ» أخوه المؤمن «له» لأخيه الكافر وقد محى الله كلا منهما صاحبا فقال «لِصاحِبِهِ» لأن الصاحب يطلق على الأخ لغة وعلى غيره فلا منافاة لما ذكر من أنهما أخوان «وَهُوَ يُحاوِرُهُ» يجادله بما مر ذكره مستفهما منه بقوله «أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا» ٣٧ حتى قلت ما قلت ذكره رحمه الله بنعمة الخلق والذكورة والتعديل في الخلقة لعله يتذكر نعم الله عليه فيرجع عما هو عليه، ولما لم يرد عليه لما رأى من كلامه له من التأنيب مضى ونفخ إبليس في أنفه، أعرض عنه أخوه المؤمن وقال له «لكِنَّا» أصلها لكن انا حذفت الهمزة من أنا ونقلت حركتها إلى نون لكن فتلاقت النونان نون لكن ونون انا

صفحة رقم 179
بيان المعاني
عرض الكتاب
المؤلف
عبد القادر بن ملّا حويش السيد محمود آل غازي العاني
الناشر
مطبعة الترقي - دمشق
الطبعة
الأولى، 1382 ه - 1965 م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية