آيات من القرآن الكريم

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا
ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ

موضع (فعل)، هذا في اللغة غير ممثنع، فيكون تأويله: قل هل ننبئكم بالخاسرين أعمالا، كقوله: اللَّهُ أَكْبَرُ، أي: كبير.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... (١٠٤) يحتمل وجهين:
أحدهما: (ضَلَّ): أي: ذلوا لعبادتهم التي عبدوا تلك الأوثان والأصنام، وخذلوا أنفسهم بذلك، وعلى ذلك يخرج قوله: (أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ). أذلوا أنفسهم في الدنيا بعبادتهم الأصنام.
والثاني: (ضَلَّ سَعْيُهُمْ) الذي سعوا في الدنيا بعبادتهم الأصنام في الآخرة؛ لأنهم قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، و (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ)، ونحوه، فَضلَّ ما أمَّلوا في الآخرة بسعيهم في الدنيا والآخرة، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) وهم يحسبون بعبادتهم الأصنام التي عبدوها أنهم يحسنون بما أنفقوا على أُولَئِكَ ووسعوا أنهم يحسنون صنعًا، أي: خيرًا أو معروفا، أي: ليس لهم ذلك بصنع للخير، وفيه دلالة أنهم يؤاخذون بفعلهم الذي فعلوا، وإن جهلوا الحق، وهكذا قولنا: إن من فعل فعلًا وهو جاهل، فإنه يؤاخذ به بعد أن يكون له سبيل الوصول إلى الحق بالطلب أو بالتعلم، حيث هم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
ثم أخبر من هم؟ فقال:

(أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ (١٠٥) حججه وبراهينه.
وقال الحسن: دينه، وقد ذكرنا ذلك في غير موضع.
وقوله: (وَلِقَائِهِ) البعث أو المصير إليه، وهو مذكور أيضًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا).
أي: لا نقيم لهم وزنًا، وهو ما قال - عَزَّ وَجَلَّ -:
(فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ)، فإذا لم تربح لهم كانت حسرات عليهم.
وقوله: (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) هذا يدل أن قوله: (فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)، قد يقام عليهم الوزن.
ثم أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن جزائهم؛ فقال: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (١٠٦)

صفحة رقم 213
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية