آيات من القرآن الكريم

الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا
ﭱﭲﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑ ﮓﮔﮕﮖﮗ ﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣ ﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝ

[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٠ الى ١٠٦]

وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (١٠٠) الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١) أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً (١٠٢) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤)
أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥) ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آياتِي وَرُسُلِي هُزُواً (١٠٦)
تفسير المفردات
عرضنا: أي أظهرنا وأبرزنا، غطاء: أي غشاوة محيطة بها، عن ذكرى: أي عن الآيات الموصلة إلى ذكرى بتوحيدي وتمجيدى، أولياء: أي معبودات يقونهم بأسى، أعتدنا: أي هيأنا، نزلا: أي طعاما يتمتعون به حين ورودهم إلى ربهم، ولقائه: أي حين البعث والحشر وما يتبع ذلك، الهزؤ: السخرية والاحتقار.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة ينفخ فى الصور لقيام الخلق من قبورهم بعد أن تقطعت أوصالهم وتمزقت أجسامهم، وجمعهم فى صعيد واحد للحساب والجزاء- قفّى على ذلك ببيان أنه إذ ذاك يبرز النار للكافرين بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا، وفى ذلك تعجيل الهم والحزن لهم، من قبل أنهم تعاموا وتصامّوا عن قبول الهدى واتباع الحق وحسبوا أن اتخاذهم أولياء من دون الله ينجيهم من عذابه، وأن ما عملوه من

صفحة رقم 21

تلك الأعمال الباطلة نافع لهم، وكل ذلك وهم وخيال، فلا فائدة منه فى ذلك اليوم، ولا نقيم له إذ ذاك وزنا.
روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم قرنه، وحنى الجبهة وأصغى الأذن. متى يؤمر أن ينفخ؟
ولو أن أهل منّى اجتمعوا على القرن أن يقلّوه من الأرض ما قدروا عليه، قال: فأبلس (بئس وتحير) أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وشق عليهم، قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا»

والحديث يشير إلى قرب الساعة وأنها أوشكت تجىء.
الإيضاح
(وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) أي وأبرزنا جهنم يوم ينفخ فى الصور، وأظهرناها للكافرين بالله، حتى يروا أهوالها وشديد نكالها، ويسمعوا لها تغيظا وزفيرا، وفى هذا تعجيل للهمّ والحزن، ومعرفة أنهم مواقعوها، ولا يجدون عنها مصرفا.
ثم بين أوصافهم التي استحقوا بها هذا الجزاء فقال:
(الذين كانت أعينهم فى غطاء عن ذكرى وكانوا لا يستطيعون سمعا) أي إن هذا العذاب إنما بالهم من جراء أنهم كانوا لا ينظرون فى آيات الله فيتفكروا فيها، ولا يتأملون حججه فيعتبروا بها، وينيبوا إلى ربهم، وينقادوا لآمره ونهيه، وكانوا لا يطيقون أن يسمعوا ذكر الله الذي ذكرهم به، وبيانه الذي بيّنه لهم فى آي كتابه، فتغافلوا، وتعاموا وتصامّوا عن قبول الهدى واتباع الحق كما قال: «ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين».
ذاك أنهم لما دنّسوا أنفسهم باجتراح المعاصي والآثام، وأطاعوا وساوس الشيطان، وما نصبه لهم من الحبائل، طبع الله على قلوبهم وجعل على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة.

صفحة رقم 22

ثم بيّن أن ما اعتمدوا عليه من المعبودات الأخرى لا يجديهم نفعا فقال:
(أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادى من دونى أولياء) أي أفظن الذين كفروا بي، واتخذوا عبادى الذين هم فى قبضتى وتحت سلطانى كالملائكة وعيسى- معبودات من دونى- أظنوا أن ذلك يجديهم نفعا، أو يرفع عنهم ما يحل بهم من النكال والوبال؟.
وخلاصة هذا- أظنوا أن ذلك الاتخاذ ينفعهم، وأنه لا يغضبنى؟ - كلّا.
ثم أكد هذا الإنكار بقوله:
(إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) أي إنا هيأنا لهؤلاء الكافرين جهنم عوضا مما أعدوه لأنفسهم من الأولياء الذين اتخذوهم زادا ليوم المعاد.
والخلاصة- إنا أعتدنا لهم مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدّة والذّخر- عدّة هى جهنم وبئس المصير.
وفى ذلك تهكم بهم، وتخطئة لهم فى حسبانهم ذلك، وإيماء إلى أن لهم وراء جهنم ألوانا أخرى من العذاب، وما جهنم إلا أنموذج منه.
ثم ذكر سبحانه ما فيه تنبيه إلى جهلهم فقال:
(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الذين يجادلونك بالباطل من أهل الكتابين اليهود والنصارى: هل نخبركم بالذين أتعبوا أنفسهم فى عمل يبغون به ثوابا وفضلا، فنالوا به هلاكا وبوارا كالمشترى سلعة يرجو بها ربحا، فخاب رجاؤه، وخسر بيعه، ووكس فى الذي رجا فضله؟
وخلاصة ذلك- إنهم عملوا بغير ما أمرهم الله به، وظنوا أنهم بفعلهم هذا مطيعون له، وأنهم يحسنون صنعا، ثم استبان لهم أنهم كانوا مخطئين، وفى ضلال مبين، وأن سعيهم الذي سعوه فى الدنيا ذهب هباء، فلم يجدهم نقيرا ولا قطميرا.
ثم بين السبب فى بطلان سعيهم فقال:

صفحة رقم 23
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية