آيات من القرآن الكريم

۞ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا
ﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ ﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽ ﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗ

فالعاقل يسعى فى إفناء الوجود واستجلاب الشهود ويجهد فى تطهير القلب عن الأدناس ولا يأنس بشئ سوى ذكر رب الناس وقال الامام الغزالي رحمه الله لا يبقى مع العبد عند الموت الا ثلاث صفات صفاء القلب اعنى طهارته عن ادناس الدنيا وأنسه بذكر الله تعالى وحبه لله وصفاء القلب وطهارته لا يكون الا بالمعرفة ولا تحصل المعرفة لا بدوام الذكر والفكر وهذه الصفات الثلاث هى المنجيات وَما مَنَعَ النَّاسَ اى قريشا من أَنْ يُؤْمِنُوا بالقرآن وبالنبوة إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وقت مجيئ الوحى ظرف لمنع او يؤمنوا إِلَّا أَنْ قالُوا الا قولهم أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً حال من رَسُولًا منكرين ان يكون رسول الله من جنس البشر فالمانع هو الاعتقاد المستلزم لهذا القول قُلْ جوابا لشبهتهم لَوْ كانَ لو وجد واستقر فِي الْأَرْضِ بدل البشر مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ على أقدامهم كما يمشى الناس ولا يطيرون بأجنحتهم الى السماء فيسمعوا من أهلها ويعلموا ما يجب علمه مُطْمَئِنِّينَ ساكنين فيها قارين لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً حال من رَسُولًا ليبين لهم ما يحتاجون اليه من امور الدنيا والدين لان الجنس الى الجنس يميل ولما كان سكان الأرض بشرا وجب ان يكون رسولهم بشرا ليمكن الافادة والاستفادة وهم جهلوا ان التجانس يورث التوانس والتخالف يوجب التنافر

او بشر فرمود وخود را مثلكم تا بجنس آيند وكم كردند وكم
ز انكه جنسيت عجائب جاذبيست جاذب جنسست هر جا طالبيست
قُلْ كَفى بِاللَّهِ وحده شَهِيداً على انى بلغت ما أرسلت به إليكم وانكم كذبتم وعاندتم بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ من الرسل والمرسل إليهم خَبِيراً بَصِيراً
محيطا بظواهر أحوالهم وبواطنها فيجازيهم على ذلك وفيه تسلية له عليه السلام وتهديد للكافرين وفى الآية اشارة الى ان الجهلاء يستبعدون إرسال الإنسان الكامل من أبناء جنسهم ويحسبون ان الملائكة أعلى درجة منه مع ما جعله الله مسجودا للملائكة وأودع فيه من سر الخلافة ولو كان الملك مستأهلا للخلافة فى الأرض لكان الله نزل رسولا من الملائكة وهو شاهد بانه مستعد للرسالة والخلافة والملك وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ ابتداء كلام ليس بداخل تحت الأمر اى يخلق فيه الاهتداء الى الحق قال الكاشفى [وهر كراراه نمايد خداى تعالى يعنى حكم كند بهدايت او وتوفيق] فَهُوَ الْمُهْتَدِ لا غير وَمَنْ يُضْلِلْ اى يخلق فيه الضلال بسوء اختياره قال الكاشفى [وهر كرا كمراه سازد يعنى حكم فرمايد بضلالت او وفرو كذارد او را] فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أشار بالتوحيد فى جانب الهداية الى وحدة طريق الحق وقلة سالكيه وبالجمع فى جانب الضلال الى تعدد سبل الباطل وكثرة اهله أَوْلِياءَ كائنين مِنْ دُونِهِ تعالى فهو فى موقع الصفة ويجوز ان يكون حالا كما فى بحر العلوم اى أنصارا يهدونهم الى طريق الحق ويدفعون عنهم الضلالة وفى الحديث (انما انا رسول وليس الىّ من الهداية شىء ولو كانت الهداية الىّ لآمن كل من فى الأرض وانما إبليس مزين وليس له من الضلالة شىء ولو كانت الضلالة اليه لاضل كل من فى الأرض ولكن الله يضل من يشاء ويهدى من يشاء) : قال الحافظ

صفحة رقم 205

مكن بچشم حقارت نكاه بر من مست كه نيست معصيت وزهد بي مشيت او
وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ كائنين عَلى وُجُوهِهِمْ سحبا او مشيا فان الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على ان يمشيهم على وجوهم عُمْياً حال من ضمير وجوههم وهو جمع أعمى وَبُكْماً جمع ابكم وهو الأخرس وَصُمًّا جمع أصم من الصمم محركة وهو انسداد الاذن وثقل السمع ان قيل ما وجه الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقوله وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ وقوله دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً قلت قال ابن عباس رضى الله عنهما معنى الآية لا يرون ما يسرّهم ولا ينطقون بما يقبل منهم ولا يستمعون ما يلذ مسامعهم لما قد كانوا فى الدنيا لا يستبصرون بالآيات والعبر ولا ينطقون بالحق ولا يستمعون وقال مقاتل هذا إذا قيل لهم اخسأوا فيها ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم صما بكما عميا نعوذ بالله من سخطه وفى التأويلات النجمية وَنَحْشُرُهُمْ إلخ لانهم كانوا يعيشون فى الدنيا مكبين عَلى وُجُوهِهِمْ فى طلب السفليات فى الدنيا وزخارفها وشهواتها عُمْياً عن رؤية الحق وَبُكْماً من قول الحق وَصُمًّا عن استماع الحق وذلك لعدم إصابة النور المرشوش على الأرواح وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى الآية وقال ﷺ (يموت الإنسان على ما عاش ويحشر على ما مات عليه) مَأْواهُمْ منزلهم ومسكنهم والمأوى كل مكان يأوى اليه شىء ليلا كان او نهارا جَهَنَّمُ خبر مأواهم والجملة استئناف كُلَّما خَبَتْ يقال خبت النار والحرب والحدة خبوا وخبوّا سكنت وطفئت كما فى القاموس زِدْناهُمْ سَعِيراً [بيفزاييم براى ايشان آتش سوزان يا برافروزيم آتش را] اى كلما سكن لهبها بان أكلت جلودهم ولحومهم ولم يبق فيهم ما تتعلق به النار زدناهم توقدا بان بدلناهم جلودا غيرها فعادت ملتهبة ومسعرة فان قلت قوله تعالى كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها يدل على ان النار لا تتجاوز فى تعذيبهم عن حد الإنضاج الى حد الإحراق والافناء قلت النضج مجاز عن مطلق تأثير النار ثم ما ذكر من التجديد بعد الافناء عقوبة لهم على انكارهم الاعادة بعد الفناء بتكريرها مرة بعد اخرى ليروها بعد اخرى فيروها عيانا حيث لم يعلموها برهانا كما يفصح عنه قوله ذلِكَ مبتدأ خبر قوله جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ بسبب انهم كَفَرُوا بِآياتِنا العقلية والنقلية الدالة على صحة الاعادة دلالة واضحة وفى التأويلات كانوا فى جهنم الحرص والشهوات كلما سكنت نار شهوة باستيفاء حظها زادوا سعيرها باشتغال طلب شهوة اخرى ولو
كانوا مؤمنين بالحشر والنشر ما أكبوا على جهنم الحرص على الدنيا وشهواتها وما اعرضوا عن الآيات البينات التي جاء بها الأنبياء عليهم السلام: وفى المثنوى
كوزه چشم حريصان پر نشد تا صدف قانع نشد پر در نشد
وَقالُوا منكرين أشد الإنكار أَإِذا كُنَّا عِظاماً [آيا آن وقت كه كرديم استخوان] وَرُفاتاً الرفات الحطام وهو الفتات المكسر وقال مجاهد رفاتا اى ترابا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً اما مصدر مؤكد من غير لفظه اى لمبعوثون بعثا جديدا واما حال اى مخلوقين مستأنفين وقد سبق تفسير هذه الآية فى هذه السورة أَوَلَمْ يَرَوْا اى ألم يتفكروا ولم يعلموا

صفحة رقم 206
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية