آيات من القرآن الكريم

أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَىٰ فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّىٰ تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ ۗ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا
ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞ

على هذا واحدٌ أريد به الجمع، وقد جاء [فعيل مفردًا] (١) يُراد به الكثرة، كقول رؤبة:
دَعْها فما النَّحْوِيُ من صديقِها (٢)
وكقوله تعالى: ﴿وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾ (٣) [النساء: ٦٩]، واختار أبو علي أن يكون معناه المعاينة، قال: إذا حملته على المعاينة كان القبيل مصدرًا كالنذير والنكير، قال: ولو أريد به الكفيل لكان خليقًا أن يجمع على فعلاء كما قالوا: كفلاء؛ لأنه في الأصل صفة وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء، قال: ويدل على أن المراد بالقبيل المعاينة لا الكفيل قوله: ﴿لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا﴾ [الفرقان: ٢١]، وكما اقترح ذلك غيرهم في قوله: ﴿أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣]، وقد مرّ (٤).
٩٣ - قوله تعالى: ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾ قال المفسرون: كان فيما اقترحوا من الآيات أن يكون له جنان وكنوز وقصور من ذهب، فذلك قوله: ﴿أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة

(١) ما بين المعقوفين من (ش)، (ع) وفي (أ)، (د): (فصل مفرد).
(٢) "ديوانه" ص ١٨٢، وورد في "جمهرة اللغة" ٢٠/ ٦٥٦، و"المذكر والمؤنث" لابن الأنباري ١/ ٢٩٥، و"الأغاني" ٢٠/ ٣٦٧، و"أساس البلاغة" ٢/ ١١، و"شرح شواهد الإيضاح" ٥٧٣، و"اللسان" (ذبح) ٣/ ١٤٨٦، (صدق) ٤/ ٢٤١٨، و"تخليص الشواهد" ص ١٨٤.
والشاهد: أنه قال من صديقها: أي من أصدقائها، فهو مفرد وقع موقع الجمع.
(٣) قال الواحدي -رحمه الله-: قال الفراء: وإنما وحّد الرفيق وهو حقه الجمع؛ لأن الرفيق والبريد والرسول تذهب به العرب إلى الواحد وإلى الجمع.
(٤) "الحجة للقراء" ٣/ ٣٨٦، بنصه تقريبًا.

صفحة رقم 481

والسدي: من ذهب (١).
قال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيت في قراءة عبد الله: (أو يكون لك بيت من ذهب) (٢).
قال أبو إسحاق: وأصل الزُّخْرُف والزَّخْرَفة في اللغة: الزينة (٣)، يدل على ذلك قوله: ﴿إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا﴾ [يونس: ٢٤]، أي: أخذت كمال زينتها، ولا شيء في تحسين بيت وتزيينه كالذهب، فليس يخرج قول المفسرين عن الحق في هذا (٤). وقال الحسن: الزخرف: النقوش (٥). وفَسَّرنا الزخرف في سورة الأنعام [١١٢] وسورة يونس [٢٤].
وقوله تعالى: ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ﴾ قال المفسرون: قال عبد الله بن

(١) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٧٠ بلفظه، وأخرجه بلفظه: "عبد الرزاق" ٢/ ٣٩٠، عن قتادة، و"الطبري" ١٥/ ١٦٣، عن ابن عباس من طريق العوفي (ضعيفة) وعن مجاهد وقتادة من طرق، وورد بلفظه في: "تفسير هود" ٢/ ٤٤٢، عن ابن عباس، و"الماوردي" ٣/ ٢٧٣، عن ابن عباس وقتادة، و"الطوسي" ٦/ ٥٢٠، عنهم عدا السدي، وأورده السيوطي في "الدر" ٤/ ٣٦٧ وعزاه إلى عبد بن حميد عن قتادة.
(٢) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٦٣ بنصه، وورد بنصه في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ١٩٥، و"الثعلبي" ٧/ ١٢١ ب، و"الماوردي" ٣/ ٢٧٣، أورده السيوطي في "الدر" ٤/ ٣٦٧ وزاد نسبته إلى أبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف" وأبي نعيم في الحلية - لم أقف عليه. وهذه قراءة شاذة، تعد من قبيل التفسير، لمخالفتها سواد المصحف. انظر: "تفسير أبي حيان" ٦/ ٨٠.
(٣) انظر (زخرف) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٥٢٠، و"المحيط في اللغة" ٤/ ٤٦٥، و"اللسان" ٣/ ١٨٢١.
(٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٦٠، بتصرف.
(٥) لم أقف عليه.

صفحة رقم 482

أُمَيَّة: لا أؤمن بك يا محمد أبدًا حتى تتخذ إلى السماء سُلَّمًا، ثم ترقى فيه وأنا انظر حتى تأتيها، وتأتي بنسخة منشورة معك، ونفر من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول، فذلك قوله: ﴿أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ﴾، قال الفراء: يقال: رَقِيتُ، وأنا أرقى، رَقْيُا ورُقْيًّا ورُقِيًّا، وأنشد (١):

أنتِ التي (٢) كَلَّفتِني رَقْي الدَّرْج على الكِلالِ والمَشِيبِ والعَرْج (٣)
قال: [والمعنى إلى السماء، غير أنهم قالوا: أو تضع سُلَّمًا فترقى عليه إلى السماء فذهبت (في) إلى السُلَّم] (٤).
وقوله تعالى: ﴿حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ﴾ وقال ابن عباس ومجاهد: كتابًا نقرأه منشورًا من رب العالمين إلى فلان وفلان، عند كل رَجُل منا صحيفة يصبح عند رأسه يقرأها (٥)، (قَالَ سُبْحَانَ رَبِّي) (٦)، أي:
(١) نسب في "اللسان" لابن بري.
(٢) في جميع النسخ: (أنت)، وفي جميع المصادر: (الذي).
(٣) ورد في: "اللسان" (رقا) ٣/ ١٧١١، وورد بلا نسبة في "الطبري" ١٥/ ١٦٣، و"الرازي" ٢١/ ٥٨، (الكلال): الضعف والإعياء. و"متن اللغة" ٥/ ٩٥.
(٤) ورد ما بين المعقوفين -فقط- في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣١، بنصه، وورد قوله بنحوه وبلا نسبة في "تفسير الطبري" ١٥/ ١٦٣
(٥) "تفسير مجاهد" ١/ ٣٧٠، بنحوه، وأخرجه "الطبري" ١٥/ ١٦٤، بنحوه عن مجاهد من طريقين، وورد في "تفسير هود الهواري" ٢/ ٤٤٣، بنحوه عن مجاهد، انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٨٨، عن ابن عباس، وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٦٧ وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٦) قرأ بها: ابن كثير وابن عامر. انظر: "السبعة" ص ٣٨٥، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٨٣، و"علل القراءات" ١/ ٣٣٠، و"الحجة للقراء" ٥/ ١٢١، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٣١، و"النشر" ٢/ ٣٠٩.

صفحة رقم 483
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية