آيات من القرآن الكريم

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا
ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭ

سبق أن تحدثنا عن الفرق بين العباد والعبيد، وقلنا كلاماً نُوجزه في أن العبيد هم المقهورون للسيد في الأمور القَسْرية القهرية، ومتمردون عليه في الأمور الاختيارية، أما العباد فهم مقهورون في الأمور القسرية القهرية، وتنازلوا أيضاً عن مُرادهم في الأمور الاختيارية لمراد ربهم، فرضوا أنْ يكونوا مقهورين لله في جميع أحوالهم.
وقد تحدّث الحق سبحانه عن عباده وأصفيائه، كما في قوله تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً والذين يَقُولُونَ رَبَّنَا اصرف عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً﴾ [الفرقان: ٦٣ - ٦٥].
فعباد الله الذين هم أصفياؤه وأحباؤه الذين خرجوا من مرادهم لمراده، وفَضلَّوا أن يكونوا مقهورين لربهم حتى في الاختيار، فاستحقوا هذه الحصانة الإلهية في مواجهة كيد الشيطان ووسوسته وغروره: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ... ﴾ [الإسراء: ٦٥].
وسبق أنْ تحدَّثنا عن كَيْد الشيطان الذي قال الله عنه: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفاً﴾ [النساء: ٧٦] ففي مُحاجّته يوم القيامة أمام ضحاياه الذين أغواهم وأضلّهم، سيقول:

صفحة رقم 8670

﴿وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي... ﴾ [إبراهيم: ٢٢] فليس لي سلطان قَهْر أحملكم به على المعصية، ولا سلطان حُجَّة وبرهان فأُقنِعكم بها.
ثم يقول تعالى: ﴿وكفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾ [الإسراء: ٦٥].
الوكيل هو المؤيِّد، وهو الناصر، تقول: وكلت فلاناً. أي: وثقت به ليؤدي لي كل ما أريد، فإنْ كان في البشر مَنْ تثق به، وتأتمنه على مصالحك، فما بالك إنْ كان وكيلك هو الله عَزَّ وَجَلَّ؟ لا شكَّ إنْ كان وكيلك الله فهو كافيك ومؤيّدك وناصرك، فلا يُحوجِك لغيره سبحانه.
ثم يقول الحق سبحانه: ﴿رَّبُّكُمُ الذي يُزْجِي لَكُمُ الفلك... ﴾.

صفحة رقم 8671
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية