آيات من القرآن الكريم

۞ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا
ﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫ ﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿ ﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉ ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖ

يكون متخلقا بأخلاق الله وهذا يكون بعد العبور عن الحجب الظلمانية والنورانية تمكنا فى مقعد صدق عند مليك مقتدر فهو الذي جعل بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ولم يقل ساترا لان الحجاب يستر الواصل عن المنقطع ولا يستر المنقطع عن الواصل فيكون الواصل بالحجاب مستورا عن المنقطع كافى التأويلات النجمية وفيه اشارة ايضا الى ان من تحصن بكتابه فهو فى حصن حصين والمضيع لوقته من تحصن بعلمه او بنفسه فيكون هلاكه فى موضع امنه

هركة او بيرون شد از حصن خدا جان او آخر شد از جسمش جدا
مرد حق بين كى كند تكيه بغير هر قضا چون از خدا آيد بسير
وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً اغطية كثيرة جمع كنان وهو الغطاء أَنْ يَفْقَهُوهُ مفعول له اى كراهة ان يفهموا القرآن على كنهه ويعرفوا انه من عند الله تعالى وهو على رأى الكوفيين ولا يرضاه البصريون لقلة حذف لا بالنسبة الى حذف المضاف وهذا تمثيل لتجافى قلوبهم عن الحق ونبوها عن قبوله واعتقاده كأنها فى غلف واغطية تحول بينها وبينه وتمنع من نفوذه فيها كما فى بحر العلوم يقول الفقير ذلك التجافي والنبو انما هو من تراكم الحجب المعنوية على القلب والفطرة الاصلية وان كانت مقتضية للفقه والإدراك والخروج الى نور العلم لكن ظلمة تلك الحجب مانعة عن ذلك فالكلام وان كان واردا فى صورة التمثيل لكنه على حقيقته فى نفس الأمر وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً صمما ونقلا مانعا عن سماعه اللائق به وهو تمثيل لمج أسماعهم للحق ونبوها عن الإصغاء اليه كأن بها صمما يمنع عن سماعه ولما كان القرآن معجزا من حيث اللفظ والمعنى اثبت لمنكريه ما يمنع عن فهم المعنى حق فهمه وادراك اللفظ حق إدراكه وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ اى واحدا غير مشفوع به آلهتهم اى إذا قلت لا اله الا الله وهو مصدر وقع موقع الحال أصله تحده وحده بمعنى واحدا وحده اى منفردا فحذف الفعل الذي هو الحال وأقيم المصدر مقامه وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ [باز كردند كافران بر پشتهاى خود] اى هربوا ونفروا نُفُوراً هو مصدر كالقعود او جمع نافر اى اعرضوا ورجعوا حال كونهم نافرين والنفور [برميدن] كما فى التهذيب نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ ملتبسين بِهِ من اللغو والاستخفاف والهزؤ بك وبالقرآن فمحل به حال كما نقول يستمعون بالهزء اى هازئين فالباء للملابسة ويجوز ان تكون للسببية اى بسببه ولاجله- ويروى- انه كان يقوم عن يمينه ﷺ إذا قرأ رجلان من عبد الدار وعن يساره رجلان فيصفقون ويصفرون ويخلطون عليه بالاشعار إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ظرف لا علم وفائدته تأكيد الوعيد بالأخبار بانه كما يقع الاستماع المزبور منهم يتعلق به العلم لان العلم يستفاد هناك من أحد وكذا قوله تعالى وَإِذْ هُمْ نَجْوى لكن لا من حيث تعلقه بما به الاستماع بل بما به التناجي المدلول عليه بسياق النظم. والمعنى نحن اعلم بالذي يستمعون ملتبسين به مما لا خير فيه من الأمور المذكورة وبالذي يتناجون به فيما بينهم ونجوى مرفوع على الخبر بتقدير المضاف اى ذووا نجوى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ بدل من إذ هم ووضع الظالمون موضع المضمر للدلالة على ان هذا القول منهم ظلم وتجاوز عن الحد وفيه دليل على ان ما يتناجون به

صفحة رقم 168

غير ما يستمعون به اى يقول كل منهم للآخرين عند تناجيهم إِنْ تَتَّبِعُونَ اى ما تتبعون ان وجد منكم الاتباع فرضا إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً اى سحر فجنّ فمن ظلمهم وضعوا اسم المسحور موضع المبعوث انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ اى مثلوك بالشاعر والساحر والمجنون قال الكاشفى [بزدند براى تو مثلها وترا توصيف كردند بمجنون وساحر وكاهن وشاعر] فَضَلُّوا فى جميع ذلك عن منهاج المحاجة فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا الى طعن يمكن ان يقبله أحد فيتهافتون ويخطون كالمتحير فى امر لا يدرى ما يصنع ويأتون بما لا يرتاب فى بطلانه أحد او فضلوا عن الحق والرشاد فلا يستطيعون سبيلا اليه لانهم بالغوا فى الضلالة والإنكار وكانوا مستمعين بالهوى فيستمعون الأساطير والسحر والشعر ولو استمعوا بالله لاستمعوا كلام الله وصفاته ولانحراف مزاجهم وحصول المرض فى قلوبهم كانوا يتنفرون عند استماع ذكر الواحد الأحد بالوحدانية والوحدة ولا يجدون حلاوة التوحد بل يجدون منه المرارة لسوء المزاج. ومن هذا القبيل إكباب اهل الهوى فى كل عصر على استماع القصص والأساطير معرضين عن كلام الله الملك العلى الكبير بل وأكثرهم لا يريد الا المحادثة الدنيوية والمذاكرة العرفية والتعدي الى اعراض الناس والاتباع الى ما يوسوس به الوسواس الخناس والقدح فى شان اهل الحق الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر وقد ورد فى التوراة انه تعالى قال. يا عبدى أما تستحيى منى إذا يأتيك كتاب من بعض اخوانك وأنت فى الطريق تمشى فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرأه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك منه شىء وهذا كتابى أنزلته إليك انظره كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت فيه عليك لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أو كنت أهون عليك من بعض اخوانك. يا عبدى يقعد إليك بعض اخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغى الى حديثه بكل قلبك فان تكلم متكلم او شغلك شاغل فى حديثه او مأت اليه ان كف وها انا اذن مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عنى أفجعلتنى أهون عندك من بعض اخوانك كذا فى الاحياء

هر كه تعظيم حق كند دائم شود از دل بامر او قائم
وَقالُوا اى الكفرة المنكرون للبعث من اهل مكة نسوا بداية خلقهم انهم خلقوا من تراب بل انهم خلقوا من لا شىء كقوله تعالى خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً فقالوا على سبيل الإنكار والاستبعاد أَإِذا كُنَّا [آيا آن هنگام كه شويم ما بعد از مرك بمرور زمان] عِظاماً [استخوانها] وَرُفاتاً هو ما بولغ فى دقه وتفتيته أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ [آيا برانگيخته شدكان شويم] خَلْقاً جَدِيداً نصب على المصدر من غير لفظه او على الحالية على ان الخلق بمعنى المخلوق. قوله إذا متمحضة للظرفية وهو الأظهر والعامل فيها ما دل عليه مبعوثون لانفسه لان ما بعد ان والهمزة واللام لا يعمل فيما قبلها وهو نبعث او تعاد وهو المرجع للانكار اى حياتنا بعد الموت محال منكر لما بين غضاضة الحي ويبوسة الرميم من التنافي وتقييده بالوقت المذكور ليس لتخصيصه به فانهم منكرون للاحياء بعد الموت وان كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار للبعث بتوجيهه اليه فى حالة منافية له قُلْ جوابا لهم كُونُوا حِجارَةً

صفحة رقم 169
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية